قبيل ساعات من رحيله.. قصة اللقاء المفاجئ بين نائب ترامب والبابا فرنسيس

قبيل ساعات من رحيله وفي مشهد حمل أبعادًا رمزية عميقة، التقى نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، بالبابا فرنسيس في الفاتيكان، خلال عطلة عيد الفصح.
تلك الزيارة التي لم يُعلن عنها مسبقًا وصفت بأنها واحدة من أكثر اللقاءات تأثيرًا في سجل العلاقات بين الكرسي الرسولي والإدارة الأمريكية الحالية.
- رغم توتر علاقتهما.. ترامب سيشارك في جنازة البابا فرنسيس
- جلطة دماغية وقصور في القلب.. شهادة الوفاة تكشف تفاصيل رحيل البابا فرنسيس
الزيارة التي جرت في وقت كان يُعتقد أن البابا لن يستقبل أي مسؤول سياسي، شكّلت مفاجأة لكثيرين، خاصة في ظل التوتر العلني بين الرجلين حول عدد من القضايا، أبرزها سياسات الهجرة، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
وقد تناقلت الصحف صباح ذلك اليوم تقارير تشير إلى تجاهل البابا لفانس، قبل أن تشهد شوارع روما صباح الأحد إغلاقًا أمنيًا غير معلن، ومواكب رسمية رافقتها أعلام الفاتيكان والولايات المتحدة.
لقاء استثنائي
عشية عيد الفصح، وفي أكثر المناسبات الكنسية ازدحامًا، دخل فانس مقر إقامة البابا «كازا سانتا مارتا» وسط إجراءات مشددة، ليصبح من بين آخر الشخصيات العالمية التي التقت بالحبر الأعظم قبل وفاته بساعات، في لقاء دام دقائق معدودة، اتسم بالهدوء والاحترام المتبادل.
ورغم الاختلافات الأيديولوجية بين الطرفين، بدا اللقاء خاليًا من التوتر السياسي، حيث تقدم فانس نحو البابا الجالس على كرسيه المتحرك، مرحبًا به قائلاً: «مرحبًا، من الجيد رؤيتك».
في المقابل، اكتفى البابا ببضع كلمات مقتضبة، همس بها بصوت ضعيف: «شكرًا جزيلًا على زيارتك».
وقدّم ممثلون عن الفاتيكان لنائب الرئيس صينية صغيرة تحتوي على تذكارات مقدّمة من البابا لعائلة فانس.
ولم يتجاوز اللقاء دقائق محدودة، لكنه حمل دلالات عميقة من حيث التوقيت والمضمون، خاصة أنه جرى قبل أن يخاطب رئيس أساقفة الفاتيكان الحشود المحتشدة في ساحة القديس بطرس، عبر عظة انتقدت بشكل غير مباشر السياسات المعادية للمهاجرين.
تباين سياسي تحت سقف ديني
ينتمي فانس إلى التيار اليميني داخل إدارة دونالد ترامب، وكان قد دافع مؤخرًا عن سياسة الترحيل المشددة التي تنتهجها الإدارة، واصفًا الوضع على الحدود بأنه «غزو» من المهاجرين غير النظاميين.
وفي المقابل، لطالما أعرب البابا فرنسيس عن رفضه لهذه المقاربة، وعبّر في أكثر من مناسبة عن قلقه حيال ما وصفه بـ«ازدراء الضعفاء والمهمشين».
إلا أن فانس، الذي اعتنق الكاثوليكية قبل 6 سنوات فقط، بدا متأثرًا بتجربته الروحية مع البابا، وهو ما عبّر عنه في مناسبات سابقة، خصوصًا خلال مشاركته في «إفطار الصلاة الوطني الكاثوليكي» في فبراير/شباط الماضي، حيث قال إن البابا «راعٍ عظيم» و«رجل قادر على التعبير عن حقيقة الإيمان في لحظات الأزمات».
عظة تعيش في ذاكرة فانس
كان لفانس ارتباط خاص بعظة ألقاها البابا فرنسيس خلال جائحة كورونا في مارس/آذار 2020، حين كانت ساحة القديس بطرس خالية والعالم في حالة إغلاق شامل.
وقال فانس إنه كان حينها قد رُزق بمولوده الثاني، مضيفًا أن كلمات البابا آنذاك كان لها وقع كبير على حياته، وأنه عاد لقراءتها مرارًا منذ ذلك الحين.
وعقب إعلان وفاة البابا، نشر فانس على منصة إكس رابطًا لتلك العظة، معلقًا بكلمات مقتضبة: «لقد كانت حقًا جميلة.. رحمه الله».
رسائل رمزية
ولم يدلِ الفاتيكان ولا البيت الأبيض بأي تصريحات رسمية بشأن تفاصيل التنسيق للقاء، لكن توقيت الزيارة ومضمونها يشيان بوجود قنوات دبلوماسية خلف الكواليس هدفت إلى إيصال رسالة مفادها أن الحوار لا يزال ممكنًا، حتى وسط الخلافات السياسية والدينية.
ومع أن اللقاء لم يغيّر من التباين في المواقف حول قضايا الهجرة والعدالة الاجتماعية، إلا أنه قد يُسجّل كبادرة نادرة لحسن النية في مرحلة تتسم بالاستقطاب الحاد على المستويين المحلي والدولي، وفق الصحيفة.
aXA6IDMuMTQ1LjM2LjEzNyA= جزيرة ام اند امز