بوينس آيرس تذرف الدموع.. أرجنتينيون «يتامى» بعد رحيل البابا فرنسيس

مع أولى خيوط الصباح، تدفق الأرجنتينيون إلى كاتدرائية العاصمة حيث خدم البابا فرنسيس سابقاً، للصلاة وإضاءة الشموع، وقد غلبتهم الدموع وهم يودّعون رجل الدين الذي حمل لواء بلدهم إلى الفاتيكان، وشعروا برحيله كأنهم تيتموا.
ورغم أن نبأ وفاته ورد فجرًا حين كانت الكاتدرائية لا تزال مغلقة، إلا أن المارة في طريقهم إلى أعمالهم لم يترددوا في التوقف لتقاسم مشاعر الحزن العميق.
قال المحامي أوغستين هارتريدج (41 عاماً) لوكالة فرانس برس، وهو يضيء شمعة عند مدخل الكاتدرائية: "أفعل هذا تخليداً لتعاليمه"، مضيفًا: "كانت رسالته دوماً الوحدة ومساعدة من هم في أمسّ الحاجة، خصوصاً كبار السن والمتقاعدين".
وعلى مقربة منه، وقفت شابة عشرينية لدقائق في صمت أمام الكاتدرائية، تؤدي صلاة قصيرة في الشارع، قبل أن تتابع طريقها نحو ساحة بلازا دي مايو، متأثرة حد العجز عن الكلام.
آخرون مروا من أمام الكاتدرائية رسموا شارة الصليب على صدورهم، من بينهم الموظف كارلوس بيليرانو (62 عامًا) الذي عبّر للصحافيين عن حزنه قائلاً: "رحيله جاء في وقت نحن بأمسّ الحاجة إليه، نظراً للوضع الاجتماعي الصعب في البلاد".
أما خافيير لانغويناري (53 عاماً)، فكان يجمع أوراق الشجر أمام الكاتدرائية وهو يهز رأسه بحزن قائلاً: "كنا نتوقع وفاته، كانت حالته الصحية متدهورة، لكنه صمد كثيراً".
وأشار لانغويناري إلى صليب حول عنقه وقال: "نشعر باليُتم كأرجنتينيين، لكننا نعلم ككاثوليك أن المسيح حاضر دائمًا".
وفي مشهد مؤثر، جلست غراتسييلا فيلميا، وهي سيدة مشردة سبعينية، بالقرب من الكاتدرائية تذرف الدموع. وقالت إنها تعرف البابا منذ ثلاثين عاماً عندما كان خورخي بيرغوليو رئيس أساقفة بوينس آيرس بين عامي 1998 و2013. واستذكرت كيف كان يستقبل أمهات المفقودين في فترة الديكتاتورية العسكرية ويقف إلى جانب سكان الأحياء الفقيرة.
وأضافت: "رأيته يفعل الخير، كنت أتمنى لو بقي حياً أطول".
ومع فتح أبواب الكاتدرائية قبيل الثامنة صباحاً، بدأ توافد المصلين، جلس بعضهم للصلاة، فيما ركع آخرون في لحظة وداع صامتة. من بينهم غييرمو سانشيز، مواطن بيروفي يبلغ من العمر 47 عاماً يقيم في بوينس آيرس منذ أكثر من عقدين، قال بعد خروجه من الكاتدرائية: "لم أشعر بالحزن هكذا مع باباوات سابقين، لكن مع البابا فرنسيس كان مختلفاً".
وأضاف: "قدّم الكثير، وكان قريباً من جيلنا، من الشباب. لم يكن منغلقاً ولا متردداً في طرح أي موضوع. لهذا شعرنا بأنه واحد منا".
واختتم بالقول: "كونه أول بابا من أمريكا الجنوبية، جاء بعقلية مختلفة، وأحدث فرقاً حقيقياً".