بورتسودان.. البرهان في حِمى "الشيخ برغوت"
"بورتسودان" اسم بسيط يمكن تعريبه بسهولة إلى "ميناء السودان"، لكنه يحمل من اسمه نصيبا كبيرا، إلى حد بات معه نقطة اتصال البلاد بالعالم.
دور كبير تلعبه مدينة "بورت سودان" في الأزمة الحالية، كنقطة ربط السودان بالعالم الخارجي، ومنصة لحركة قادة البلاد، بل ويمكن أن تصبح مركز عمل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الفترة المقبلة، في ظل الأوضاع الأمنية في الخرطوم التي خرج منها مؤخرا.
ووصل قائد الجيش السوداني، مساء الأحد، إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، والتي ارتبط اسمها بـ"الشيخ برغوت"، في خروج نادر له من العاصمة منذ بدء الاشتباكات بين قواته وقوات الدعم السريع، في الخامس عشر
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن البرهان يعتزم الانطلاق من "بورتسودان" لإجراء أول جولة خارجية منذ اندلاع المعارك، وعقد محادثات حول الأزمة في دول الجوار بعد زيارة قواعد للجيش في المدينة الساحلية.
ومدينة "بورتسودان" باتت تشكل مقرا بديلا للحكومة السودانية منذ الأسابيع الأولى للاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما انتقلت إليها بعض البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية، ومنها أيضا جرت عمليات إجلاء الرعايا.
إرث تاريخي
جغرافيا، تبعد بورتسودان نحو 800 كيلومتر عن الخرطوم، وهي ثاني أكبر مدن السودان لكنها أقرب إلى العاصمة الاقتصادية، لأنها تعد البوابة البحرية الأكبر للبلاد لامتلاكها ميناء يعد منفذا رئيسيا لاستيراد السلع الإستراتيجية وتصدير نفط دولة جنوب السودان وفق اتفاق بين الجارتين.
لكن المدينة ذات إرث تاريخي أيضا، إذ ارتبطت المنطقة منذ عشرات السنين، باسم الشيخ برغوت الذي تذكر روايات تاريخية أنه كان فقيها إسلاميا يتردد البحارة والصيادون على ضريحه أملا في نيل البركة، ما أدى لتسمية الموقع باسم "مرسى الشيخ برغوت".
وفي عام 1900، تقرر توسيع المنطقة وتحويلها إلى ميناء بحري حديث بمعايير هذا الوقت، وتغيير الاسم إلى "بورتسودان"، تحت رعاية اللورد كرومر، أول قنصل عام بريطاني في مصر والسودان.
وبمرور الوقت، جرى توسعة الميناء، وتضخمت المدينة ذات الفرص الاقتصادية الكبيرة، حتى باتت رئة السودان على ساحل البحر الأحمر، ومتنفسها في الأزمة الحالية.
ومنذ الأسابيع الأولى للاشتباكات، تحولت بورتسودان إلى مركز للبلاد في ظل القتال في الخرطوم، وباتت مقرا للحكومة السودانية منذ مايو/أيار الماضي لأنها بقيت بعيدة عن القتال والأزمة الحاصلة.
هدف النازحين
وفي ظل اتساع القتال وتأثيره على الخرطوم ومدن غرب البلاد، تحولت بورتسودان إلى محطة النزوح الداخلي والإجلاء الخارجي للفارين من العاصمة السودانية ومدن مجاورة.
وتتردد أنباء غير مؤكدة، في الوقت الحالي أن قائد الجيش السوداني يفكر في تحويل بورتسودان، إلى مقر مؤقت له، لإدارة البلاد، بعيدا عن الخرطوم التي يشتد فيها القتال مع قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان.
إلا أن المدينة ليست خالية من الأزمات في الوقت الحالي، إذ أن المنظومة الصحية فيها على شفا الانهيار بسبب انقطاع الكهرباء وشح الإمدادات، وإضراب الأطباء لتأخر الأجور.
ويقول أطباء وممرضون في بورتسودان، إنهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ 4 أشهر، إذ أتى القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع على ميزانية الحكومة.
فيما تقدر الأمم المتحدة، أعداد الفارين من القتال إلى بورتسودان، بأكثر من مئة ألف، ما أدى إلى زيادة الضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء المكتظة بالفعل في المدينة.