حثنا نبينا الكريم على الإيجابية في النظر إلى كل ابتلاء يصيبنا
قَالَ رَسُولُ الله: "عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ". هذا الحديث يبعث على الإطمئنان لقدر الله خيره وشره، فقد حثنا نبينا الكريم على الإيجابية في النظر إلى كل ابتلاء يصيبنا. إن كان الخير في هذا الابتلاء وجب علينا الشكر وإن كان شرا كجائحة كورونا المستجد وجب علينا الدعاء والصبر وعدم الجزع من أمر الله.
نعم، كورونا غير حياتنا المعتادة وتسبب في أزمات صحية واجتماعية واقتصادية للعالم أجمع. لم يمهلنا هذا العدو الصغير المجهول وقتا لمعرفة السبل التي نقاومه بها. لقد فاجأنا بفتكه بكل شيء دون شفقة غير مبال بالعجوز الضعيف ولا الصغير الرضيع. ومع هذا كله، ولأننا مؤمنون بقضاء الله وقدره، فهناك عدد من الفوائد الإيجابية التي يجب أن لاننكرها تحت وطأة هذه الأزمة العالمية.
فعلى الجانب الاجتماعي، عاد مفهوم الأسرة الممتدة إلى السطح مرة أخرى بعد أن كاد الحوار الأسري أن يختفي من قاموسنا، فالكل مشغول بعمله وهاتفه و"كمبيوتره" و"البلاي ستيشن" وغيرها من ملهيات الحياة. فالوالدان والأخوة والأخوات والأبناء عادوا إلى الاجتماع يوميا حول طاولة الطعام أو في مجلس العائلة للتسامر والتحاور فيما بينهم، يشدون من أزر بعضهم البعض لتجاوز هذه المحنة وهم بحال أفضل بإذن الله.
كورونا غير حياتنا المعتادة وتسبب في أزمات صحية واجتماعية واقتصادية للعالم أجمع. لم يمهلنا هذا العدو الصغير المجهول وقتا لمعرفة السبل التي نقاومه بها.
وعلى صعيد الحماية الشخصية، فقد بدأ الجميع بالاهتمام اللازم بكل ماهو حوله ليتأكد من نظافته وخلوه من فيروس كورونا. فأصبحت النظافة اليومية عنوانا لكل بيت وكل شركة وكل ما يمكن أن نراه أو نلمسه بأيدينا. والمبهج في هذا الموضوع أن الجميع يذكر الجميع بأهمية التعقيم وغسيل اليد بالماء والصابون حتى أطفالنا فلذات أكبادنا صاروا خبراء في كيفية التعقيم الشخصي، مما يبشر بميلاد أجيال واعية بمفهوم النظافة الشخصية ونظافة الأماكن التي نعيش فيها. كما بدأ الأبناء بالاهتمام أكثر بكبار السن في العائلة عبر فحصهم المنتظم في الجهات الصحية للتأكد من سلامتهم من الأمراض والأسقام.
أما استمرارية التعليم والأعمال، فقد ساعدت البنية التحتية للتكنولوجيا الرقمية في الدولة على تفعيل الخدمات الإلكترونية للمجتمع الإماراتي. فقد كشف مفهوم العمل عن بعد عن طاقات كامنة لدى الكثير من جهات العمل والموظفين. لقد أعطى هذا المفهوم الفرصة للموظفين لاكتساب مهارات جديدة متعلقة بتقنيات الكمبيوتر لم يتعودوا عليها قبل هذا الفيروس. ولهذا، فقد أوجدت جائحة كورونا فرصا لبعض الموظفين للتميز في التعامل مع كاميرات الحواسيب والإلتزام بدقة الاجتماعات والمكالمات عبر الفيديو.
أما الشركات، فقد بدأت بإعادة التفكير في طرق العمل وكيفية الحصول على أفضل مالدى موظفيها بطرق أقل تكلفة وأكثر ابتكارا وذلك عن طريق مراجعة الأهداف الموضوعة لكل موظف وطرق قياس تحقيق هذه الأهداف. كما قامت الشركات بتشجيع موظفيها على العمل المشترك من خلال المشاريع والمهام الموكلة إليهم لضمان الحصول على أفضل النتائج في وقت قصير وهذا بدوره يضمن إرتباط الموظفين بجهات عملهم ومرؤوسيهم عبر نظام "المكتب الافتراضي – Virtual Office". وعلى الجانب الآخر، فقد استمر التعليم عن بعد لأبنائنا وبناتنا في جميع المراحل الدراسية، وعاد أغلب الأباء والأمهات للعب دور مهم في تعليم أبنائهم وبناتهم بجانب الهيئة التدريسية.
ومن الإيجابيات الخاصة بدولتنا الحبيبة وقيادتنا الرشيدة، هي تلك الاستجابة الاستراتيجية لأزمة كورونا والتي فاجأت العالم – ولم تفاجئنا حفيقة – بقدرة الإمارات العربية المتحدة واستعدادها التام لمواجهة الازمات والكوارث عن طريق قرارات وتوجيهات القيادة الواعية والتي ركزت في المقام الأول على بث الطمأنينة في قلوب المواطينين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة من خلال توفيرالغذاء والدواء والمراكز الطبية المتخصصة. هذه الاستجابة لم تكن وليدة اللحظة، بل هي ثمرة جهد وعطاء وتخطيط دأبت عليه قيادتنا الرشيدة منذ تأسيس دولتنا الحبيبة، فكانت النتيجة متميزة بكل المقاييس. حيث يعيش إنسان دولة الإمارات مطمئنا على نفسه وعائلته إيمانا منه بوجود قيادة فاعلة تواصل الليل بالنهار لضمان توفير العيش الكريم للجميع. فهنيئا لنا بقيادتنا الحكيمة وكوادرنا الطبية وجميع من يسهرعلى راحتنا في خط الدفاع الأول.
ولا أجد أفضل من قوله - سبحانه وتعالى -: "وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - الأنفال:46" لأختم به مقالتي ولعله خيرا بإذن الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة