هناك ضرورة لتكاتف الجهود على مستوى العالم بأسره دولا وشعوبا وعلماء وأطباء وخبراء وغيرهم للتغلب على هذه الجائحة العالمية.
العالم اليوم من شرقه إلى غربه في مواجهة شرسة مع عدو مشترك، وهو فيروس كورونا المستجد، الذي يهدد الجميع دون استثناء، ويحاول الفتك بمن يصل إليه، في تهديد غير مسبوق للصحة العالمية والاقتصاد العالمي، لا يعرف حدودا جغرافية، ولا فوارق عرقية أو قومية أو لغوية أو دينية.
الجميع مستهدف صحيا واقتصاديا، وذلك يقتضي بالضرورة تكاتف الجهود على مستوى العالم بأسره دولا وشعوبا وعلماء وأطباء وخبراء وغيرهم للتغلب على هذه الجائحة العالمية.
إن هذا التعاون الإنساني يبدأ من الأسرة أصغر منظمة اجتماعية، وذلك بتعاون جميع أفرادها فيما بينهم لوقاية أنفسهم من هذا الوباء، واتباع التعليمات والتدابير التي تحقق ذلك، وعدم التهاون في أي منها، وإدارة يومهم بشكل إيجابي، والتفاعل البناء من قبل الآباء مع أولادهم، لئلا تترك هذه الظروف الاستثنائية آثارا سلبية عليهم، وإذا التزمت كل أسرة بالوقاية فإن سفينة المجتمع ستمخر عباب هذه الأزمة بسلام وأمان.
التعاون الإنساني يبدأ من الأسرة أصغر منظمة اجتماعية، وذلك بتعاون جميع أفرادها فيما بينهم لوقاية أنفسهم من هذا الوباء.
ويمتد هذا التعاون الإنساني إلى نطاق المجتمع الواحد والدولة الواحدة بتعاون جميع أفرادها قيادة وشعبا على مواجهة هذه الأزمة على كافة المستويات، سواء كانوا قادة ووزراء ومسؤوليين أو أطباء وممرضين أو رجال شرطة أو تجارا ورجال أعمال أو معلمين أو إعلاميين أو فرسانا في مجال الإغاثة والعمل الخيري أو علماء وأصحاب فكر ومثقفين، فكلٌّ يؤدي دوره ويقدم عطاءه لخدمة مجتمعه ودولته، وهل أهم من الشدائد وقت للتلاحم والتكاتف والتآزر؟! وكذلك اتباع الجميع إجراءات السلامة، ومن أهمها التباعد الاجتماعي الذي يضمن احتواء الفيروس.
وكذلك يمتد التعاون الإنساني على مستوى الأسرة الإنسانية الكبيرة التي تشمل البشرية جمعاء على هذه الأرض التي تجمعهم، دولا وشعوبا، فإن هذه الجائحة أزمة عالمية تستهدف البشر في مشارق الأرض ومغاربها، والعقلاء يدركون أن التعاون خير وسيلة لمكافحة هذا العدو المشترك.
ومن مجالات التعاون الدولي تكاتف الدول معا على كافة المستويات الصحية والاقتصادية والعلمية وغيرها، والعمل المشترك الفعال لضمان احتواء تفشي الفيروس، ووضع الخلافات جانبا في سبيل مواجهة هذا العدو المشترك، فهذا هو مقتضى الحكمة والعقل، وأما الانفراد وانكفاف كل دولة على نفسها فسيعزز فرص هذا الفيروس في الانتشار والتمدد، ومن ذلك أيضا التعاون في وضع الاستراتيجيات المثلى التي تحقق التوازن بين الجانب الصحي والاقتصادي، مع وضع الاعتبار الأول لصحة الإنسان وحقوقه المكفولة.
ومن ذلك أيضا ما يقتضيه الواجب من قيام الدول الغنية بدورها في مساندة ومساعدة الدول الفقيرة والتي تعاني من أنظمة صحية ضعيفة، وتعزيز قدراتها للتصدي للوباء، فإن خطر سقوط أي دولة في براثن الفيروس تهديد للعالم كله وخسارة للجنس البشري.
وكذلك العمل للمستقبل بتعاون الدول والمنظمات في وضع خطط مستقبلية مشتركة لتعزيز الصحة العالمية، ومنها إيجاد نظام إنذار مبكر للكشف عن ظهور فيروسات جديدة أو متحولة ذات تهديد، وذلك لتمكين الحكومات من الاستعداد المبكر لمواجهتها ومواجهة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
ومن مجالات التعاون المشترك المهمة جدا في هذا الوقت تعزيز التعاون العلمي الدولي بين العلماء والخبراء والباحثين ومؤسسات البحث العلمي وشركات تصنيع الأدوية فيما يتعلق باستكشاف اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد، وتبادل العلوم والتكنولوجيا ونتائج الاختبارات بما يحقق للجميع التنافس الإيجابي الخلاق، ويساهم في تحقيق التقدم العالمي في صنع اللقاح بشكل سريع وفعال، والابتعاد عن التنافس السلبي الذي يؤخر تحقيق هذا الإنجاز، وكذلك ضمان نشره عالميا بما يجعله متاحا للجميع دون احتكار وأنانية واستغلال.
لقد أكدت منظمة الصحة العالمية على الدول ضرورة العمل معا لمواجهة هذا الوباء، كما أكدت دولة الإمارات مرارا وتكرارا بأن التضامن المشترك هو طريق العالم للانتصار على كورونا، وبدون هذا التعاون العالمي الفعال قد تكون خسائر العالم أكبر صحيا واقتصاديا، ويبقى الأمل والتفاؤل والإيجابية وما يقتضيه الواقع من تعاون بناء من أهم الأسلحة لمواجهة هذا الخطر والتغلب عليه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة