من أهم ما نحتاج إليه في هذه المرحلة ثقتنا بقيادتنا الحكيمة، واستراتيجياتها المتميزة في تعزيز الأمن الغذائي، والتحلي بالأمل والتفاؤل
يعتبر ترشيد استهلاك الموارد والمحافظة عليها ضرورة كبرى، تحتاج إليها المجتمعات في كل الظروف، وخاصة في أوقات الأزمات كأزمة فيروس كورونا المستجد التي نعيشها، وحثنا ديننا الإسلامي الحنيف على التحلي بهذا المبدأ الاقتصادي الوسطي في الصرف والإنفاق والشراء وفي كل شيء، والابتعاد عن الإسراف والتبذير ومجاوزة الحد عما يحتاج إليه الإنسان، محافظةً على النِّعم والموارد، وحرصاً على استدامتها، وحمايةً لحق الأجيال القادمة فيها، قال الله تعالى: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وقال سبحانه: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا}.
ولأهمية هذه القيمة الكبرى حرصت دولة الإمارات على تعزيزها مجتمعيا، والارتقاء بالسلوكيات التي تخدمها، وقد أكد ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مداخلة له عن بعد، داعيا إلى ترشيد الاستهلاك، وعدم الإسراف، مبينا أهمية تعزيز ذلك ثقافيا وتوعويا.
إن هذا التوجيه الوطني من سموه ليس من نافلة القول، بل هو ضرورة وواجب شرعي ووطني، وخاصة في مثل هذا الوقت الذي نواجه فيه تحدي الوباء وتداعياته، وهذا التوجيه يحتاج منا إلى مراجعة عاداتنا وسلوكياتنا التي نمارسها يوميا، لنزنها بميزان الاعتدال والترشيد، فنتخلص من كل عادة وموروث يهدر النعم ويبددها.
ونغتنم هذا الشهر المبارك في إحداث تغييرات إيجابية في حياتنا، بما يجعلنا أكثر حرصا على النعم، وأكثر التزاما بحسن استخدام الموارد المتاحة بين أيدينا من مياه وغذاء ومصادر طاقة وغيرها، بحيث نستخدمها على قدر الحاجة، دون زيادة ولا إفراط، متحلين في ذلك كله بحس المسؤولية، لينعكس ذلك واقعا جميلا في منازلنا وأينما كنا، ويكون هذا الترشيد جزءا أصيلا من ثقافتنا الأصيلة وواقعنا العملي.
ويقتضي هذا التوجيه تقييم ثقافتنا التسوقية والاستهلاكية، والنظر في مدى توافقها مع مبادئ الترشيد وحسن الإنفاق والاستهلاك، فقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، حفظه الله ضرورة اتباع سلوكيات الشراء الصحيحة وأخذ الاحتياجات دون مبالغة.
من أهم ما نحتاج إليه في هذه المرحلة ثقتنا بقيادتنا الحكيمة، واستراتيجياتها المتميزة في تعزيز الأمن الغذائي، والتحلي بالأمل والتفاؤل والإيجابية فيما يتعلق بهذه الأزمة.
التسوق وسيلة لتلبية الحاجة وشراء اللوازم التي يحتاج إليها الإنسان، والأخذ من الكماليات بالحد المعقول، الذي لا يدخل في الإسراف والتبذير، وليس وسيلة لإشباع شهوة الاقتناء والتملك، أو التفاخر والتنافس في المشتريات، والذي يؤدي إلى شراء ما لا يلزم، والإفراط في الكماليات، وهدر الموارد وتبديدها، في وقت تعاني فيه بعض المجتمعات من تحديات في الموارد، وهو ما يتطلب منا شكر الله تعالى على ما حبانا من النعم والخيرات، بحسن استخدامها والمحافظة عليها، ونكون عونا للآخرين فيما أعطانا الله تعالى.
ومما يعين على ذلك التحلي بخلق القناعة، فقديما قيل: القناعة كنز لا يفنى، وضبط النفس عند عملية الشراء، ومعرفة ما يحتاج إليه الإنسان مسبقا، وعدم الانسياق للمغريات.
ومن أهم ما نحتاج إليه في هذه المرحلة ثقتنا بقيادتنا الحكيمة، واستراتيجياتها المتميزة في تعزيز الأمن الغذائي، والتحلي بالأمل والتفاؤل والإيجابية فيما يتعلق بهذه الأزمة، والذي يساعدنا على حسن إدارة المخاوف، فإن الخوف الهستيري يؤدي إلى الإفراط في شراء السلع دون مبرر وتكديس الطعام دون حاجة.
وتتلف في النهاية ولا يستفيد منها أحد، ونحن نعيش بحمد الله في ظل قيادة حكيمة لا تألو جهدا في توفير كل ما يحتاج إليه الناس، وفي دولة حباها الله تعالى بالنعم الكثيرة الغذائية والدوائية وغيرها، فلنحسن استثمار هذه النعم، ولنحافظ عليها قدر ما نستطيع.
ولأن تغيير السلوكيات تحتاج إلى توعية فقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله أهمية تعزيز سلوكيات الترشيد الحميدة عن طريق التوعية والتثقيف، سواء من خلال الأسرة أو المدرسة أو وسائل الإعلام أو منابر التوجيه المتنوعة.
وهنا يأتي دور كل واحد منا في القيام بهذه المهمة الوطنية، ابتداء من أسرته التي هو مسؤول عنها، فيغرس فيها قيم القناعة والاعتدال في الإنفاق والاستهلاك، ويعزز فيها احترام النعم وشكرها، ويكون قدوة حسنة لأسرته ومجتمعه، فالإنسان الإيجابي هو الذي يؤثر في غيره ليُكسبه عادة حميدة، ولا يتأثر هو فيكتسب عادة مضرة، فما أجمل أن نكون قدوات في التحلي بالاعتدال والوسطية في كل شيء.
لقد أبدى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ثقته الكبيرة بمجتمع الإمارات وسرعة استجابته لهذا التوجيه الوطني، قائلا سموه: "سنرى الفارق بشكل سريع وواضح"، ما يعكس الثقة المميزة التي توليها قيادة الإمارات بشعبها، وما يتحلى به شعب الإمارات من مقومات الازدهار والنهوض والارتقاء في شتى المجالات.
وهذه الرؤية الوطنية التي تترجمها كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هي خارطة طريق لنا للاستفادة المثلى من تجارب الحياة بما يجعلنا أرقى في حاضرنا ومستقبلنا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة