لا يزال المشهد السياسي في ليبيا "يترنح"، دون أفق لإجراء انتخابات تنهي استقطابا يزيد غموض مستقبل بلد يعاني مواطنوه توترات.
فبعد أن كانت الانتخابات الرئاسية مقررة في 24 ديسمبر 2021، جرى تأجيلها "في آخر لحظة" بسبب "خلافات" بين مؤسسات رسمية، حيث كان عنوان هذه الخلافات المعلن هو "قانون الانتخابات، ودور القضاء في الاستحقاق"، ما دفع "المفوضية العليا للانتخابات" إلى إعلان 24 يناير 2022 موعدا جديدا لها.
ومع فشل إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا وفقاً للموعد الأممي المحدد، يوجه البعض الاتهامات إلى السلطات التشريعية بالبلاد، وسط حالة من "خيبة الأمل" دفعت بعض السياسيين إلى الدهشة من "عدم قدرة السلطات على إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده"، بينما ذهب البعض إلى أن السبب الحقيقي لفشل إجراء الانتخابات يتمثل في "ترشح بعض الشخصيات، التي يرى البعض في الداخل والخارج أن فوزها برئاسة ليبيا سيتعارض مع مصالحهم"، وليس كما يظن الذين وجّهوا الانتقادات إلى القوانين -رغم قصورها- فهي لم تكن العائق الرئيسي الذي منع "المفوضية" من استكمال مراحل العملية الانتخابية.
واقعيًا، الأزمة الليبية أكبر من الانتخابات وأكبر من السلطة، التي تنتجها الانتخابات، الأزمة الحقيقية في ليبيا هي في الالتفاف والمراوغات الإخوانية، وفي المليشيات المتلفتة وصاحبة الولاء الخارجي والداعمة لتجميد الوضع الراهن في ليبيا، والذي يوافق هواها ومصلحتها، ما يؤدي إلى غياب الدولة الوطنية وتفككها، مبتعدة تماما عن توحيد الجهود الدولية والوطنية للتعامل مع التحديات والمعطيات التي تمر بها ليبيا، فالإخوان لم يقدموا أي احترام لإرادة شعب ليبيا الذي ينتظر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ليبيا لن تخرج من أزمتها ولن تتقدم في اتجاه السلام والاستقرار إلا بالحوار بين الجميع.. ليبيا لا تكون إلا بكل الليبيين، لكن أمام ضيق الوقت وغياب قرار حاسم وفي ظل لقاءات ماراثونية داخل ليبيا وخارجها لإعادة ترتيب الأوراق بين الأطراف السياسية و"كرة لهب" بين المفوضية والبرلمان، هل بعد التهديدات والحصار والاقتحام سيتم نقل مفوضية الانتخابات الليبية إلى سرت؟
لقد فسر رئيس مفوضية الانتخابات الليبية، عماد السايح، عدم إجراء الانتخابات في موعدها، بتلقي المفوضية "تهديدات" حال ضمت القوائم أسماء بعض المرشحين، وأجاب عن سؤال حول قدرة "المفوضية" الوفاء بتاريخ 24 يناير كموعد بديل لإجراء الانتخابات: "الواقع السياسي والأمني ليس سهلا، ولسنا متأكدين من قدرة وزارة الداخلية على تأمين العملية الانتخابية في هذه الظروف".
وفي الوقت الذي، يترقب الشارع الموعد الأقرب للانتخابات، رفع متظاهرون شعارات تطالب بمعاقبة المعرقلين لتنظيم الاستحقاق الانتخابي في هذه المرحلة الهامة من تاريخ ليبيا، مطالبين السلطات بالسير بعجلة الانتخابات إلى الأمام للخروج بليبيا من النفق المظلم والمضي بها قدما نحو مستقبل أفضل، ليبقى السؤال المتكرر:
هل ستجرى الانتخابات الليبية في الموعد الجديد، 24 يناير الجاري، أم أن التاريخ المذكور غير مناسب، لنذهب حينها إلى سيناريوهات أخرى وخريطة طريق جديدة تتوافق عليها كل الأطراف مثل إرجاء الانتخابات إلى نهاية العام أو أكثر؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة