"لم لا يكتفين بـ3 فساتين فقط؟".. مصريون يدخلون حربا ضد الدجاج (خاص)
تشهد مصر ارتفاعًا قياسيًا في أسعار المواد الغذائية، وفي مقدمتها أسعار الدواجن التي قفزت للضعف؛ بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف.
وتسعى الحكومة المصرية إلى الإفراج عن شحنات الأعلاف في الموانئ، على أمل خفض الأسعار والحفاظ على معدلات الإنتاج، ولكن موجة التضخم التي تشهدها البلاد تحول دون خفض الأسعار.
وأمام هذه الأوضاع، دعا المعهد القومي للتغذية التابع لوزارة الصحة والسكان المواطنين إلى تغيير عاداتهم الغذائية، بتناول أرجل الدجاج وشوربة العدس والحمص وغيرها من البدائل الرخيصة.
وظهرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي تحث المصريين على مقاطعة بعض السلع الغذائية، وفي مقدمتها الدواجن، فيما أعلن تجار تجزئة غلق محالهم لحين استقرار الأوضاع وعودة الأسعار لسابق عهدها.
ومؤخرًا، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بيانًا صادرًا من تاجر تجزئة، يعلن فيه غلق محله ويدعو المواطنين إلى المقاطعة لإجبارهم على خفض الأسعار ووقف محاولات "قهر الغلابة".
تراجع الإنتاج 40%
ووصف عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، دعوات المقاطعة بأنها "غير منطقية"، معتبرًا أن "تجار التجزئة وأصحاب المحال هم أحد أسباب ارتفاع الأسعار، وهم من رفعوا سعرها إلى 70 جنيهًا للكيلوغرام، بينما يلتزم أصحاب المزارع ببيعها بـ55 جنيهًا، وهو سعر التكلفة بدون هامش ربح".
وهاجم السيد، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أصحاب المحال، قائلًا: "ارتفاع أسعار الدواجن يرجع لارتفاع أسعار الأعلاف ومدخلات الإنتاج، ودعوات المقاطعة غير منطقية ولا عقلانية، فهؤلاء من ضمن أسباب الغلاء، والقضية أكبر من محل يعلن وقف البيع، لأنه في الأساس لا يدفع ضرائب ولا يحصل على ترخيص".
وأضاف: "المواطنون في مأزق، والأسعار مرتفعة، لكن دورنا هو توضيح الحقيقة للناس، وهي أن سعر طن العلف بلغ 22 ألف جنيه، والدورة التي تشمل (14 جنيهًا للكتكوت بالإضافة إلى العلف والتدفئة والأمصال والتطهير والكهرباء والعمالة والمياه)، تجعل سعر الدجاجة 110 جنيهات، أي 55 جنيهًا للكيلوغرام، وأمام هذا الارتفاع اضطر بعض المنتجين إلى الخروج من المنظومة بعد تعرضهم لخسائر فادحة".
مقترح لإنهاء الأزمة
وأردف: "المنتجون يبيعون الآن بدون هامش ربح، وقدمنا حلًا للمسؤولين وهو زيادة الإفراجات بصفة مستمرة عن الذرة والصويا الداخلة في صناعة الأعلاف، ومتابعة أسعارها بعد وصولها للأسواق لقطع الطريق على محاولات الاستغلال، والوصول إلى السعر العادل للمنتج، وتحقيق انضباط المنظومة والسوق، وإذا انخفض سعر طن العلف إلى 15 ألف جنيه، وإذا التزمنا بهذه الحلول سيتحقق الاستقرار في ظرف أيام".
وعن دعوات المقاطعة، قال رئيس شعبة الدواجن إنها "لن تجدي نفعًا، والمواطنون مقاطعون من دون دعوات نظرًا لتراجع قدراتهم الشرائية، والحل في معالجة الأسباب بحرفية وشفافية، والإنصات لمطالب المتخصصين، لعودة الإنتاج إلى معدلاته الطبيعية، خاصة بعد خروج أكثر من 40% من المنتجين من المنظومة"، مشيرًا إلى أن الاستهلاك يزيد بمعدل 20% في شهر رمضان، وبالتالي نحتاج إلى زيادة معدل الإنتاج الحالي 70%".
ما البديل؟
من جانبه، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع في مصر، إن دعوات المقاطعة تناسب المصريين في حالة واحدة فقط، وهي عندما تشجع الحكومة على هذه الدعوات بقوة الإجراءات، مع توفير البديل، لأن البعض سيقول "عندي عيال هأكلهم منين، أنا كبير مش هاكل، لكن العيال هعمل معاهم إيه؟".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن تعبئة الجماهير لمقاطعة منتج معين أو الالتزام بعادات استهلاكية معينة لن تجدي مع المصريين الآن، نظرا لعدم وجود منظمات تدعو لحشد عدم شراء الفراخ".
وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى عادات المصريين الاستهلاكية، قائلا إن العادات اليومية والموسمية في الاستهلاك تحتاج إلى التقويم، فبعض النساء اعتدن على شراء 10 فساتين في السنة، فلم لا يكتفين بـ3 فقط؟، وبعض ربات البيوت اعتدن على شراء مواد غذائية بكميات كبيرة، وهو ما يتسبب في زيادة هدر الطعام، وكل هذه الأمور تحتاج إلى إعادة تقييم.
عادات استهلاكية
من جهتها، عرّفت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع في مصر، المقاطعة بأنها "سلوك جماعي يلجأ إليه المواطنون من أجل الضغط على المنتجين والتجار لتخفيض سعر السلع، وتبرز في أوقات الأزمات وعند موجات الغلاء غير المبررة أو المبالغ فيها".
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن خيار المقاطعة يختلف من مجتمع إلى آخر، حسب قدرة أفراد المجتمع على الاستمرار في المقاطعة، وهو أسلوب يحتاج إلى النفس الطويل لتحقيق الغرض المنشود، ومن الممكن أن تسهم بعض العادات المجتمعية في إفشال المقاطعة.
ودعت أستاذ علم الاجتماع المواطنين إلى إعادة النظر في عاداتهم الاستهلاكية، بشراء الأهم فالمهم، وإعادة ترتيب الأولويات لحين انفراج الأزمة واستقرار الأسواق وعودة الأسعار إلى حدودها الطبيعية، مشيرة إلى أن ثقافة الاستهلاك تغيرت عالميًا بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا الأمر مطلوب الآن في مصر.