"إقبال كبير على الزواج".. مصريون يهربون من "الصندوق" إلى القفص الذهبي (خاص)
تشهد مصر إقبالا كبيرا على إبرام عقود الزواج، مع تصاعد الحديث عن صندوق دعم الأسرة المصرية.
وانتشرت شائعات حول فرض 30 ألف جنيه مصري على الراغبين في الزواج عند إبرام العقد، تذهب إلى صندوق دعم الأسرة المزمع إنشاؤه.
وكشف إسلام عامر، نقيب المأذونين المصري، عن إبرام 120 ألف عقد (قسيمة زواج) خلال 10 أيام فقط، وهي موجة غير مسبوقة، وفقا للنقيب.
لكن التشريع الجديد، الذي لم يصل إلى البرلمان المصري بعد، لم ينص في أي من مواده على فرض رسوم 30 ألف جنيه مصري، واقتصرت الرسوم فقط على 100 جنيه عند إبرام العقد.
ويستحدث مشروع القانون رسوما لصالح صندوق دعم وتنمية الأسرة المصرية، ومنها رسم 50 جنيها عند استخراج بطاقة الرقم القومي، ونسبة 1% من قيمة مؤخر الصداق عند الطلاق.
وأثارت هذه التعديلات موجة جدل ورفض بين المصريين؛ لتزامنها مع الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الذهب والعقارات والأثاث، فضلًا عن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات.
حالة اندفاعية
ويرى الدكتور جمال فروير، استشاري الطب النفسي في مصر، أن تزايد الإقبال على الزواج مؤخرًا هو "حالة اندفاعية انفعالية، يمكن تفسيرها بقلة الثقافة والوعي وتصديق الشائعات"، خاصة بعد شائعة فرض 30 ألف جنيه عند إبرام عقد الزواج.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "هذا القرار الاندفاعي، ستترتب عليه مشاكل كثيرة جدًا، ففي بعض الزيجات قد تكون هناك أمور وأشياء غير مكتملة، وقد يكون من يقبل على الزواج غير مهيأ نفسيًا، لكن الأمر مدفوع نسبيًا بسبب الظروف الاقتصادية المتردية، وغياب الشفافية في بعض الأمور، ما أدى إلى تعجيل البعض بإتمام الزواج، والأهالي قالوا فيما بينهم (إحنا أولى بالـ30 ألف جنيه)".
ونصح استشاري الطب النفسي المقبلين على الزواج، قائلًا: "لا بد أن يتم الزواج عن اقتناع وليس مجرد إعجاب، وهناك فرق بين الحب والإعجاب، والأخير يكون من حيث المظهر، ويشمل الملبس وطريقة الكلام وينطبق على البنت والولد، إذ تفضل البنات الشاب مفتول العضلات ومعسول الكلام، ولكن بعد الزواج لا يقدر الطرفان على الاستمرار في هذه المسرحية وتسقط الأقنعة وكثيرا ما ينتهي الأمر بالطلاق".
وأردف "فرويز": "لا بد من التأني والفهم والملاحظة والتوقف عند الأمور الكبرى، وللأسف كثيرا ما تتجاوز الأسر مشكلات كبيرة في فترة الخطوبة من أجل إتمام الزيجة، وإذا رفضت البنت خطيبها فكثيرا ما تجبرها الأم على الاستمرار، إذًا لا بد من التأني والتمهل والتحري عن الأهل في فترة الخطوبة وقبلها".
الإدارة النفسية
وتطرق استشاري الطب النفسي إلى صندوق دعم الأسرة، قائلًا: "فكرة الصندوق تستحق وقفة، فالزواج شرع الله، والحكومة لا يجب أن تتدخل فيه، هذه علاقات اجتماعية بحتة، والزواج علاقة شرعية، فلا داعي لأي قرارات أو إجراءات تنفر الناس من العلاقات الشرعية".
واقترح "فرويز" أن يتراوح المبلغ المطلوب سداده للصندوق عند إبرام عقد الزواج بين 100 و500 جنيه، قائلًا: "كثيرون لا يملكون القدرة على سداد 30 ألف جنيه كما أشيع، لكن لو كان المبلغ في حدود 500 جنيه ويذهب للصندوق من أجل رعاية المطلقات فلا حرج ولا مانع في ذلك".
وحذر استشاري الطب النفسي من رسائل التخويف، قائلًا: "الحكومة غير موفقة في الإدارة النفسية للأزمة، ولا بد من بث رسائل واتخاذ خطوات لطمأنة الناس، وفي هذه الحالة يمكننا تقبل ضغوط مثل هذه وأكثر، وهذه الضغوط إذا قارنّاها بمثيلتها في الستينيات والسبعينيات فستبدو يسيرة، ومع ذلك كنا نتقبلها بصدر رحب بفضل الوعي والإدارة النفسية".
لا يحد من الطلاق
من جهتها، ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن الإقبال المتزايد على الزواج "أمر متوقع"، وتقول: "الشعب المصري لديه ذكاء فطري جعله يسعى لتجنب المبلغ الذي أشيع أنه سيفرض على الراغبين في الزواج لصالح صندوق دعم الأسرة، لذا قرروا التعجيل بالزواج لتجنب هذا المبلغ".
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن "هذا الأمر يتفق كثيرًا مع طبيعة الشخصية المصرية، والذكاء الفطري العالي جدًا بالرغبة في الخروج من أي مشكلة محتملة"، مشيرة إلى أن القضية الرئيسية هي "طرح مسألة صندوق الأسرة في شكل حوار مجتمعي، وإعلان تفاصيله بشكل يحترم عقل الجمهور، ولكن الأسف المسألة طرحت بشكل مبهم وخالي من التفاصيل وهذا سمح للسوشيال ميديا بالاجتهاد وإطلاق والشائعات".
وأشارت "منصور" إلى وثيقة تأمين المطلقات التي طرحت للنقاش العام الماضي، قائلة: "هذه الفكرة كانت أفضل بكثير من الصندوق، وكان من شأنها أن تعطي دفعة لشركات التأمين"، مضيفة: "لا أحد يبرم عقد زواج وفي نيته الوصول إلى مرحلة الطلاق، وبالتالي هناك شعور بأن فكرة الصندوق مجحفة، مع الاعتقاد بأن الشخص لن يستفيد من الأموال التي سيدفعها، وهذا أساس الرفض المجتمعي لفكرة الصندوق".
واختتمت أستاذ علم الاجتماع بالإشارة إلى أن الصندوق "لن يحد من معدلات الطلاق، لأنه يركز على علاج آثار الطلاق وليس تطويق الظاهرة ومعالجتها من الجذور، وبالتالي من المحتمل أن يزيد من معدلات الطلاق، وقد يلجأ البعض إلى التحايل على الصندوق، ويمكن أن نرى أشخاص مطلقين رسميًا وهم متزوجين بالفعل فقط للحصول على أموال من الصندوق، كما يحدث في المعاشات".
"ينّفر من الزواج"
أما الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع في مصر، فتقول إن فكرة صندوق دعم وتنمية الأسرة تحتاج إلى مزيد من الشرح والتوضيح، معتبرة أن وصول معدلات الزواج إلى 120 ألف حالة خلال 10 أيام ليس بالرقم الكبير، باعتبار أن عدد السكان يزيد على 110 ملايين نسمة، و65% منهم شباب.
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن "فكرة صندوق الأسرة تركز على الجانب المادي فقط وتهمل منظومة القيم، والأولى من ذلك هو تعزيز استقرار الأسرة، وتوضيح أدوار النساء ومسؤوليتهن في ظل موجات تمكين المرأة، بالإضافة إلى تعليم المرأة اللين أمام الرجل، فلا يعقل أن يسير الشخص بقدم واحدة".
وأردفت: "هذا الصندوق قد يحد من إقبال الشباب على الزواج وبالتالي يزيد معدلات العنوسة، فنسبة الشباب 65% من تعداد السكان، ومعدل العازبات فوق 30 عامًا في تزايد مستمر، وهذه ظاهرة سلبية في المجتمع، والصندوق يعمّقها ويؤدي لإعلاء المادة على القيم".
واختتمت أستاذ علم الاجتماع حديثها بالدعوة إلى "التركيز على النماذج الجيدة في العلاقات الزوجية، فقديما كنا نرى سهير القلماوي وعلاقتها الفريدة مع زوجها، لكن الآن الزوجة تهدد زوجها وأهله على الهواء وتقول لهم (هطربق العمارة فوق دماغكم)، وهذا لا يصح إطلاقًا".
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA==
جزيرة ام اند امز