حفظ التراث.. جهود شخصية لصون الموروث الشعبي اليمني من الاندثار (صور)
مع اهتمامه بحفظ التراث من الضياع، حوّل "سعد الجدحي" منزله إلى متحف، يضم العديد من القطع والمقتنيات الفنية الخاصة بالمهرة اليمنية.
مسيرة حب تمتد لما يقارب 5 عقود، إذ بدأت حكاية الرجل البالغ من العمر نحو 60 عاماً، حينما كان في الـ12 من عمره بعدما عثر على قطعة نقدية تعود إلى عهد الدولة الأموية في مدينة قشن التاريخية بمحافظة المهرة الواقعة جنوب شرق اليمن، إذ مثل ذلك انطلاقاً لعلاقة طويلة مع التراث الشعبي للمحافظة امتدت لعقود.
وعلى مدى 50 عاماً، جمع "الجدحي" العديد من القطع الأثرية، والمقتنيات الشخصية، والحلي القديمة، والأزياء التي تعود لحقب مختلفة، إضافة إلى الأسلحة النارية، والخناجر الفضية، والسيوف اليمنية القديمة.
كما جمع العملات النقدية القديمة والأواني الفخارية، فضلاً عن الوثائق التاريخية.
ونظراً لازدياد شغفه باقتناء تلك القطع وارتفاع أعدادها، حوّل منزله إلى متحف، عام 1981، في خطوة تجسّد معاني الارتباط الوثيق بالتراث المهري الضارب في القدم.
وأثارت فكرته، الكثير من المهتمين، وبدأ متحف المهرة بالتحول إلى وجهة تكتظ بالزوار، كما أصبح أحد معالم مدينة قشن التاريخية.
ويقول أمين غالب، وهو معلم مادة التاريخ ومهتم بالتراث، وأحد سكان محافظة المهرة لـ"العين الإخبارية": "إن الرجل أمضى حياته كاملة، وهو يقوم بهذا الدور، إنه شغف لم نر مثله سوى أشخاص قلائل ظل التراث يلعب دوراً مهماً في حياتهم".
ويضيف أن الجدحي يمثل نموذجاً فريداً لشخص أفنى عمره في جمع التراث، مستغلاً سيارته الشخصية في التنقل بين المناطق الريفية الواسعة في شراء التحف والمقتنيات الشخصية، فضلاً عن شراء القطع الأثرية من المواطنين.
ويرى أن إنشاء "متحف المهرة" بجهود شخصية، تعد تجربة تستحق الثناء، كما هو تعبير عن شغف الرجل بالتراث بشكل كبير، كما يشير إلى حبه العميق في جمعه وحفظه من الضياع.
ويؤكد أنه لم يشهد تجربة مماثلة لما قام به الجدحي سوى في محافظة تعز، حيث قام أحد المواطنين بجهود مماثلة، بجمع التحف والمقتنيات ووضعها بجزء من منزله الذي خصصه كمتحف صغير.
ومن أبرز قطع المتحف، مجموعة من الأحجار التي كتبت عليها نقوش غير مفهومة، يعتقد أنها تعود إلى حضارة ثمود التي ذُكرت في القرآن الكريم.
ورغم أن جمع التراث بحاجة إلى مبالغ كبيرة لشراء التحف الفنية فإن الكدحي كان يجمع تلك الأموال من حسابه الشخصي.
مبادرات شخصية لصون وحفظ التراث، تنامت في أكثر من محافظة يمنية، ففي حضرموت الواقعة شرق البلاد، حوّل أحد الشباب، صالون الحلاقة إلى متحف للقطع الأثرية.
ويقول سامي، إنه بدأ الفكرة أولاً من خلال وضع إناء من الفخار يستخدم لتبريد المياه في محاكاة لحياة من كانوا يعيشون في زمن ما قبل الكهرباء، وكيف كانت طريقتهم في الحصول على المياه الباردة.
ويضيف أن الفكرة سرعات ما توسعت عبر جلب المزيد من تلك التحف، كما أن المواطنين ساعدوه في جلب غالبية القطع والأواني التي كان يستخدمها أجدادهم، ليتحول محل الحلاقة الذي يملكه إلى متحف مصغر للقطع التراثية.
وبالرغم من حاجته اليوم إلى توسيع المحل أو استئجار محل أكثر اتساعاً يكفي لاستيعاب كافة تلك القطع، إلا أن الحالة المادية لا تتيح له ذلك.
وفي محافظة تعز أفنى عبدالله العريفي، 25 عاماً من عمره وهو يجمع الموروثات الشعبية، ليجعل من محله متحفاً أثرياً، حتى وإن بدى مصغر أمام الزائرين.
عشرات التحف الأثرية، أنقذها العريفي من الفقد والتلف، فبعضها يعود إلى العصر العباسي، فيما مقتنيات أخرى على حيطان متحفه باتت تحكي للحاضر عن العهد الامامي وحضارات اليمن المتعاقبة.
ما يميز جامعي التراث اليمنيين أنها ليست مخصصة للبيع، وانما الهدف هو الحفاظ عليها وتعريف الآخرين بها.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز