رئيس البرازيل بالإمارات.. دفعة جديدة لمسيرة العلاقات المتنامية
أهمية خاصة تحملها زيارة لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس البرازيل إلى دولة الإمارات لأكثر من سبب.
أول تلك الأسباب أن تلك الزيارة تعد الأولى لدولة الإمارات بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ثانيها أن القمة المرتقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ونظيره البرازيلي ستكون الأولى بينهما بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم مايو/ أيار الماضي، وفوز لولا دا سيلفا برئاسة البرازيل قبل عدة أشهر.
ثالث تلك الأسباب أن زيارة رئيس البرازيل إلى دولة الإمارات تأتي في وقت يرتبط فيه البلدان بشراكة استراتيجية، يتوقع أن تسهم الزيارة والمباحثات التي ستصاحبها في تعزيز تلك العلاقات ودفع مسيرة التنمية المستدامة، وتحقيق مزيد من الازدهار والتقدم لكلا البلدين.
رابع تلك الأسباب أن البلدين يجمعهما التعاون والتكامل لمواجهة أكبر تحد يواجه البشرية وهو مكافحة تغير المناخ، حيث تستضيف دولة الإمارات نهاية العام الجاري قمة المناخ "كوب 28"، في حين تحمل البرازيل على عاتقها مسؤولية قيادة ملف غابات الأمازون المطيرة المعروف بـ"رئة العالم" أو "الرئة الخضراء للأرض" والذي يشكل محورا رئيسيا ضمن الجهود العالمية المبذولة لمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
أول زيارة رسمية
ووصل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية اليوم السبت في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات ترافقه السيدة الأولى جانجا لولا دا سيلفا.
وكان في استقباله لدى وصوله مطار الرئاسة، سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي رئيس بعثة الشرف المرافقة للضيف وعدد من المسؤولين.
وتعد تلك الزيارة الأولى لدا سيلفا لدولة الإمارات بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسبق أن تولى دا سيلفا رئاسة البرازيل خلال الفترة من 2003 إلى 2010.
زيارة تأتي بعد نحو 4 أشهر فقط من توليه رسميا الرئاسة يناير/كانون الثاني الماضي، في مؤشر على الأهمية التي يوليها لتعزيز علاقات بلاده مع دولة الإمارات.
زيارة تعد محطة بارزة في مسار العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين، وتؤسس لانطلاقة جديدة في مسيرة العلاقات المتنامية بين البلدين.
تعزيز العلاقات
وتتميز العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والبرازيل بالديناميكية والمحافظة على التطور المستمر منذ نشأتها قبل 49 عاما، مستفيدة من دعم القيادة الرشيدة في كلا البلدين وحرصهما على توثيق أواصر التعاون المشترك في المجالات كافة.
وتعكس الزيارات الرسمية المتبادلة والمستمرة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين عمق وصلابة العلاقات الثنائية بينهما والرغبة المشتركة في المضي بها نحو مزيد من التطور والتقدم بما فيه مصلحة الشعبين.
وتحظى البرازيل بأهمية كبيرة ضمن استراتيجية دولة الإمارات الخاصة بتعزيز وتوسيع علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية وتمتين جسور التعاون معها في المجالات المختلفة، وذلك انطلاقا مما تتمتع به البرازيل من حضور وأهمية سياسية واقتصادية سواء في محيطها الإقليمي أو على المستوى العالمي.
في المقابل، يمثل تعزيز العلاقات المشتركة مع الإمارات أولوية مهمة بالنسبة للبرازيل التي عبرت مرارا على لسان كبار المسؤولين فيها عن حرصها على دفع علاقات التعاون بين البلدين قدماً، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى تعود بالنفع على الطرفين، مع تهيئة المجال أمام المزيد من التبادل التجاري والمعرفي والثقافي، إلى جانب تعزيز مسارات التعاون الاقتصادي، بالتركيز على دور دولة الإمارات كبوابة حيوية للتجارة العالمية، وذلك بحكم مرونة اقتصادها وتنوعه، ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وجمهورية البرازيل في 26 مايو/أيار عام 1974، وافتتحت سفارة البرازيل في أبوظبي عام 1978، في حين افتتحت دولة الإمارات سفارتها في برازيليا عام 1991 لتكون أول سفارة في أمريكا الجنوبية، كما تم افتتاح قنصلية عامة في ساو باولو في مارس/آذار 2017.
وفرض مسار العلاقات الثنائية المتميزة بين الإمارات والبرازيل، وسعي الجانبين لتعزيز مجالات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، إنشاء لجنة مشاورات مشتركة انطلق أول اجتماعاتها في يوليو/تموز 2018.
وتضع اللجنة المشتركة على رأس أولوياتها تبادل وجهات النظر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في إطار ما تشهده العلاقات بين دولة الإمارات والبرازيل من تطور مستمر في ظل دعم من قيادتي البلدين والحرص على تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المتنوعة.
ويرتبط البلدان بمجموعة كبيرة من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم التي تشمل التعاون في مجال الدفاع والتجارة والمجالات الجمركية والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والحفاظ على التنوع البيولوجي وغيرها الكثير من المجالات.
لغة الأرقام
العلاقات المتنامية بين البلدين على مختلف الأصعدة انعكست على العلاقات الاقتصادية بينهما.
وتعد دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في منطقة الشرق الأوسط.
بلغة الأرقام، نما حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات والبرازيل خلال العام 2022 بنسبة 32.1% ليصل إلى 4 مليارات و38 مليون دولار ما يعادل 14.8 مليار درهم، مقابل 3 مليارات و56 مليون دولار ما يعادل 11.2 مليار درهم في العام 2021، وذلك حسب بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية.
وبلغ معدل نمو التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات العشر الماضية "2013-2022" ما نسبته 43.6% من 2.81 مليار دولار، ما يعادل 10.3 مليار درهم في العام 2013 إلى 4.038 مليار دولار، ما يعادل 14.8 مليار درهم خلال العام 2022، لتصل إلى 30 ملياراً و257 مليون دولار ما يعادل 111 مليار درهم خلال 10 سنوات.
مواجهة أكبر تحديات
أيضا يجمع البلدان التعاون لمواجهة أكبر تحد يواجه البشرية وهو مكافحة تغير المناخ.
واستعدادا لانطلاق مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي تستضيفه الإمارات نهاية العام الجاري، اتخذت دولة الإمارات خطوات هامة وأطلقت مبادرات ملهمة بهدف أن يكون المؤتمر هو أنجح مؤتمر بيئي عالمي، عبر تحقيق أهدافه ورسم خارطة طريق للعالم لمواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ.
ومواكبة لاستضافتها مؤتمر المناخ، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في 20 يناير/كانون الثاني الماضي عن مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
المبادرة كشف عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بإعلانه 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات تحت شعار "اليوم للغد".
ويحمل مؤتمر الأطراف COP28 أهمية خاصة كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء السياسية والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050 .
وسيسهم إنجاز الحصيلة العالمية في تحقيق الزخم اللازم لمفاوضات هذا المؤتمر ومؤتمرات الأطراف المستقبلية، وستحرص دولة الإمارات على الوصول إلى مخرجات عالية الطموح استناداً إلى المفاوضات ونتائج الحصيلة العالمية.
بدورها تحمل البرازيل على عاتقها مسؤولية قيادة ملف غابات الأمازون المطيرة المعروف بـ"رئة العالم" أو "الرئة الخضراء للأرض" والذي يشكل محورا رئيسيا ضمن الجهود العالمية المبذولة لمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
وحرصت البرازيل خلال مشاركتها في إكسبو 2020 دبي، على الاستفادة من هذه المنصة العالمية البارزة، التي شهدت مشاركة أكثر من 190 دولة من أجل حشد التعاون الدولي في هذا الملف، كما تتطلع خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" الذي يقام في مدينة إكسبو دبي إلى نقلة نوعية في ملف حماية غابات الأمازون.
وفي مستهل العام الحالي 2023، أعلنت البرازيل أنها تستهدف الوصول إلى صفر إزالة غابات في الأمازون بحلول 2030، كما دعا لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية دول أمريكا الجنوبية التي تتشارك غابات الأمازون، إلى توحيد الجهود لحماية المورد الرئيسي لمكافحة ظاهرة تغير المناخ.. لافتا إلى أن معالجة قضية المناخ ضرورية من أجل الحفاظ على الجنس البشري على كوكب الأرض والمسؤولية تقع على عاتق الجميع.
وتعرف الأمازون بلقب "رئة الأرض"، لأنها تنتج أكثر من 20 في المئة من الأكسجين في العالم، كما أنها تضم 10 في المئة من الأنواع الأحيائية المعروفة، ويوجد فيها حوالي 16 ألف نوع من الأشجار و390 مليار شجرة.
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjMg جزيرة ام اند امز