هل تستطيع أمريكا ترامب القفز فوق التاريخ بهذه الصورة التي يغرد بها فخامة الرئيس، الذي حول تويتر إلى مادة سهلة لصناعة الاتجاهات السياسية
في تغريدة مثيرة للجدل نشرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه في تويتر تحدث فيها عن أن الشعب الأمريكي انتخبه لكي يعيد الجيش الأمريكي إلى وطنه حيث يعتقد الرئيس ترامب أن ذلك الجيش -يدافع عن أناس لا يحبون أمريكا، وقال إن الصين وروسيا لن تكونا سعيدتين بهذا الخبر وهذه التغريدة.
لأول مرة في تاريخ أمريكا الحديثة تسببت هذه التغريدة بإرباك الاستراتيجية الأمريكية برمتها على مستوى التعاطي الإعلامي، من حيث الردود والتفسيرات، ويكاد أن يكون هذا التصريح أكثر التصريحات بعدا عن مفاصل السياسية الأمريكية تاريخيا، ولكنه أقربها إلى الدعاية الانتخابية والتي يستخدمها الرئيس ترامب في مواقع يبدو أنها سوف تخلق أزمة حتمية بالنسبة له في الانتخابات المقبلة.
أعتقد أن الفرص تسنح بشكل أكبر لقوى دولية جديدة يمكنها خطف الأضواء في لحظات، ما لم يتمكن الشعب الأمريكي ورئيسه من التفريق بين الحرب من أجل مصالح أمريكا، والحرب من أجل الدفاع عن أناس لا يحبون أمريكا كما يقول فخامة الرئيس.
لن تستطيع أمريكا التفكير بمثل هذا التصريح، وخاصة أن سباق القمة في العالم يستعد لاستقبال قوة عالمية جديدة ألا وهي الصين، هناك من يعتقد أن منطقة الشرق الأوسط أو أي مكان في العالم تملؤه القوات الأمريكية سيكون فارغا في حال انسحبت أمريكا منه، هذه الحقيقة ليست دقيقة بشكل كامل لأن العالم يعود بقوة إلى صراع الأقطاب مع اختلاف الأدوات.
منذ منتصف القرن العشرين كان هناك قطبان يتصارعان على العالم، اليوم هناك تغيرات جذرية في المسارات السياسية الدولية تتمثل في صعود كبير للشعبوية في العالم، بالإضافة إلى ظهور الحرب التجارية بين القوى الدولية، بل تحولت المشكلات والصراعات السياسية وتحديدا في الشرق الأوسط إلى مادة تنافسية ومسرحا للصراع بين القوى الدولية، وكل ذلك بهدف الوصول إلى اتفاق صلب بين القوى الدولية حول مقومات نظام عالمي جديد تلعب فيه الصين على سبيل المثال دورا حيويا في تشكيله.
هل تستطيع أمريكا ترامب القفز فوق التاريخ بهذه الصورة التي يغرد بها فخامة الرئيس، الذي حول تويتر إلى مادة سهلة لصناعة الاتجاهات السياسية الأمريكية، ولن تنجر أمريكا إلى التضحية بمصالحها الاستراتيجية في مناطق حيوية في العالم من حيث الجغرافيا أو التاريخ أو الاقتصاد.
إذا كانت أمريكا القرن الحادي والعشرين سوف تبدو للعالم بهذه الصورة التي تثيرها أتربة الانتخابات المقبلة وتؤثر فيها الأزمات السياسية مما أغضب الرئيس ترامب على أكثر من نصف العالم، فإن ذلك قد يبدو مؤشرا قويا على أن عنق الزجاجة في الزعامة الدولة فعلا بدا يضيق بالمتنافسين، حيث لا يبدو أن أمريكا تقضي الوقت الكافي لمناقشة قضية المنافسة العالمية التي تترصد لها على جميع المستويات.
أعتقد أن الفرص تسنح بشكل أكبر لقوى دولية جديدة يمكنها خطف الأضواء في لحظات، ما لم يتمكن الشعب الأمريكي ورئيسه من التفريق بين الحرب من أجل مصالح أمريكا، والحرب من أجل الدفاع عن أناس لا يحبون أمريكا كما يقول فخامة الرئيس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة