مبادرة "الرئاسي الليبي".. محاولة "إنقاذ" على محك التحديات
على وقع مسار سياسي تطوقه تحديات مفتوحة على جميع السيناريوهات، جاءت مبادرة ليبية ترنو لـ"الإنقاذ".
مبادرة أطلقها رئيس المجلس محمد المنفي، وتقول المتحدثة باسمه نجوى وهيبة إنها ستنطلق رسميًّا خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإنقاذ المسار السياسي، والتأكيد على إجراء الانتخابات بموعدها المقرر في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وهيبة أوضحت أن المبادرة تهدف لإتاحة وقت أكبر للأطراف المعنية لتؤدي عملها الموكل إليها، على أن يتحمل كل طرف مسؤوليته القانونية والوطنية.
وأشارت، في تصريحات إعلامية، إلى أن توقيت طرحها جاء بعد إتاحة ما يكفي من الوقت لكل الأطراف، بما في ذلك البعثة الأممية التي تريد أن تدعم الطرفين معًا لتنفيذ خارطة الطريق.
كما لفتت إلى أن المجلس سيجمع الأطراف السياسية المعنية ويستمع لرأيها ويجد طريقة لحسم القاعدة الدستورية وإجراء الانتخابات في موعدها، ملوحة بإمكانية أن تشمل طرح فكرة عدم ترشح شخصيات سياسية فاعلة كانت حاضرة بالمشهد، أو وضع خطط بديلة.
التفاصيل العامة حول المبادرة التي يبدو أن فكرتها لم تكتمل وبنودها لم تلق القبول بعد، تباينت بشأنها آراء محللين سياسيين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية" قراءاتهم.
قراءات انقسمت بين من يرى أنها تهدف لكسر الجمود وإزالة العراقيل أمام إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وبين من يعتقد أنها فكرة "غير مدروسة"، ما قد يؤدي إلى إثارة الشكوك حول توقيت طرحها.
كسر الجمود
المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، يقول إن مبادرة المجلس الرئاسي تهدف لكسر الجمود وإزالة العراقيل أمام إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها، إلا أنه أكد أن الأمر ليس بالسهل.
وأضاف أن المبادرة التي طرحت بعد إعلان فرنسا عزمها عقد مؤتمر لدعم الاستقرار في ليبيا، "غير مجدية"، خصوصًا أنها ستكون لصالح أطراف معينة دون غيرها خدمة لمصلحة تيارات سياسية غربي البلاد.
وحول إشارة متحدثة "الرئاسي" لمسألة ضرورة التوافق على القاعدة الدستورية، قال المحلل السياسي إن القاعدة جاهزة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مؤكدًا أنها صدرت من مجلس النواب وهي حق أصيل له دون سواه.
ورأى أنه "إذا كانت مبادرة المجلس تصب في طريق دعم قانون للانتخابات الصادر عن مجلس النواب والمرحب به دوليا، فهنا يمكن الجزم بأن هدفه دعم الاستقرار وإنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها".
لكنه حذر من "طرح شروط إقصائية ضمن المبادرة تشمل منع ترشح شخصيات لا يرغب فيها الإخوان".
وحول تلويح المجلس الرئاسي بخيارات أخرى، لفت المهدوي إلى أن "المجلس الرئاسي لا يملك أي خيارات غير التي تطرح من قبل البعثة الأممية أو الدول الفاعلة في الملف الليبي"، مشيرًا إلى أن هذه الدول طرحت خياراتها وحصرتها في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
حلول
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، إن المبادرة تأتي في إطار المحافظة على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، مشيرًا إلى أنها قد تجد حلولا لما يحدث الآن من اعتراضات على قانون الانتخابات التشريعية الذي أصدره مجلس النواب وأقر فيه القانون رقم 10 لسنة 2014.
والثلاثاء، وافق مجلس النواب الليبي على قانون الانتخابات البرلمانية لتجري بعد شهر من الانتخابات الرئاسية، فيما أوضح متحدث البرلمان عبد الله بلحيق، أن المجلس وافق على إلزام السلطة التشريعية القادمة بإعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد الانتخابية.
ووصف يسري، توقيت طرح المبادرة بـ"الهام جدا" لتلافي وقوع مزيد من التعقيدات في المشهد السياسي، لافتا إلى أنها تأتي بعد اجتماعات بين وفدي مجلس النواب وما يعرف بـ"الأعلى للدولة" قبل أيام في العاصمة المغربية الرباط، والتي يبدو أن المحادثات بينهم وصلت إلى طريق مسدود.
وتوقع المحلل السياسي الليبي أن يلحق بهذه المبادرة المحلية العديد من المبادرات الدولية، خاصة أن المشهد أصبح معقدًا، فيما بات السباق نحو الترشح للانتخابات محمومًا، محذرًا من أن عدم إنهاء هذه الخلافات سيعيد ليبيا إلى المربع الأول.
ورغم إشادته بالمبادرة، فإنه أشار لوجود شقين فيها، الأول قابل للتنفيذ وهو إجراء الانتخابات في موعدها، خصوصا في ظل وجود ضغط دولي متزايد بشأن ذلك، إلا أن الشق الآخر غير القابل للحسم، هو فكرة عدم ترشح شخصيات سياسية فاعلة؛ فهو أمر لا يملكه المجلس الرئاسي.
أما المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، فيرى أن مبادرة "الرئاسي" على الورق ليست سيئة، وتأتي في إطار التوافق السياسي الذي يسعى إليه الليبيون والمجتمع الدولي، إلا أنه قال إنها "جاءت في إطار حرص محمد المنفي على إبقاء نفسه في المشهد وتصوير نفسه للمجتمع الدولي أن له كلمة مسموعة في ليبيا"، على حد قوله.
خيارات
وحول تلويح المجلس الرئاسي بخيارات أخرى، قال بلعيد إنه رغم أنه لا يستطيع توقع أو تحديد هذه الخيارات، إلا أن المجلس الرئاسي "يبدو أنه سيسير على خطى سابقه بفرض الرأي الواحد الذي يخدم مصالح جهة بعينها".
وتوقع ألا تلقى المبادرة قبولا أو ترحيبًا كبيرًا لدى الأوساط السياسية الليبية، خاصة أن كل الأمور شبه محسومة؛ فموعد الانتخابات على الأبواب فيما لا يوجد سعة من الوقت لأي حوارات أو جلسات قد تزيد من تعقيد المشهد.
من جهته، هاجم المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي مبادرة "الرئاسي"، قائلا إن الأخير "دائمًا ما يلجأ إلى طرح أفكار وآراء غير مدروسة وفي أوقات دائما ما تثير الشكوك"، مطالبًا إياه بدعم قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب، والاستمرار في العمل على ملف المصالحة الوطنية.
وفيما أكد أن قوانين الانتخاب الصادرة عن البرلمان لم تقص أي طرف وفتحت المجال أمام الجميع للترشح، حذر الأوجلي من محاولة المجلس الرئاسي العمل على منع بعض الشخصيات من الترشح.
وطالب الأوجلي المجلس الرئاسي بأن يكون حاسما ويرد على التصريحات التي هددت بنسف نتائج الانتخابات في حال فوز أسماء بعينها، وأن يضطلع بمسؤولياته الكاملة ويتواصل مع الدول الفاعلة لضمان انتخابات عادلة ونزيهة تحفظ حق الكل في الترشح وتحفظ حق الليبيين في الاختيار.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjIwMSA= جزيرة ام اند امز