لماذا يخسر حزب الرئيس الأمريكي دائما انتخابات التجديد النصفي؟
اللعنة النصفية تبدو كتقليد أمريكي، حيث اعتاد الناخبون حجب أصواتهم عن حزب الرئيس بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس، تقريبا بلا استثناء.
وتلقى الجمهوريون "ضربة قوية" بقيادة الرئيس جورج دبليو بوش عام 2006. وتعرض الديمقراطيون في عهد الرئيس باراك أوباما لـ"نكسة" عام 2010. أما في 2018، وفي عهد دونالد ترامب، دفن الجمهوريون تحت "الموجة الزرقاء". وترجح نتائج فيرجينيا ونيوجيرسي في سبتمبر/أيلول عام 2021، أن "الموجة الحمراء" قد تضرب ديمقراطيي جو بايدن عام 2022.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تمكن حزب القائد الأعلى من الحصول على مقاعد بمجلس النواب مرتين فقط. أبرزها في عام 1998، حيث حصل الديمقراطيون على 5 مقاعد خلال النصف الثاني من ولاية الرئيس السابق بيل كلينتون. وحدث ذلك قبل شهر فقط على مساءلة مجلس النواب لكلينتون بسبب اتهامات الحنث باليمين، وعرقلة العدالة، وإساءة استخدام السلطة.
ومن ذلك، يمكن القول إن النمط التاريخي واضح، ينذر بالسوء الرئيس الأمريكي جو بايدن والديمقراطيين هذا العام. وبالرغم من استمرار هذا النمط، لا يعرف سوى القليل عن سبب حدوثه – ولماذا كان يمكن تجنبه أحيانا بطريقة ما.
وجادل علماء السياسة بشأن هذه المسألة على مدار عقود – وتوجد ورقة تسمى "أحجية الخسارة النصفية". وتركز بعض النظريات على انخفاض نسبة المشاركة بين أنصار الرئيس، في حين يؤكد آخرون ميل الجمهور إلى الاعتراض على الرئيس الحالي، وقد يكون كلاهما صحيحا إلى حد ما.
وتركز نظريات أخرى على سبب وراء الأداء السيئ لبعض الرؤساء مقارنة بآخرين في الانتخابات النصفية. وربما تتعلق النتائج في الأساس بمعدل تأييد الرئيس هذه الأيام، أو ربما الاقتصاد، أو بشكل أكثر تحديدا، نمو الدخل الشخصي.
وترتبط أزمات وطنية، مثل 11 سبتمبر/أيلول، بالأداء القوي على نحو غير متوقع في انتخابات التجديد النصفي لحزب الرئيس – فيما ترتبط أخر بهزيمة مدوية.
ولا شيء من تلك المؤشرات يبدو مبشرة بالنسبة للرئيس بايدن في الوقت الراهن؛ مع انخفاض معدل تأييده، ووصول التضخم لأعلى مستوى له خلال 40 عاما، وتقويض قدرة الناخبين على الإنفاق. ولا يوجد حيلة سحرية يمكنها ضمان النجاح في الانتخابات النصفية، أو نظرية واحدة تفسر تماما نتيجة كل انتخابات نصفية.
والقصة العامة لنتائج الانتخابات النصفية واضحة: عادة ما يواجه حزب الرئيس وقتا سيئا. وحتى في الحالات المستبعدة وعندما يحظى بوقت جيد، لا يكون جيدا جدا.
والاختصار الأكثر استخداما هو إحصاء بسيط لعدد مقاعد مجلس النواب التي خسرها حزب الرئيس (أو فاز بها).
وفقد حزب الرئيس مقاعد مجلس النواب في 17 من بين 19 انتخابا نصفيا منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت الخسائر كبيرة، في حين كان الفوز نادرا وأصغر: معظم خسائر تلك المقاعد بأرقام مزدوجة، مع ارتفاع البعض بشكل ملحوظ (54 مقعدا في 1994، و63 مقعدا في 2010).
لكن المرتين الوحيدتين اللتين فاز فيهما حزب الرئيس بمقاعد في مجلس النواب كانت المكاسب صغيرة (خمسة مقاعد عام 1998، وثمانية مقاعد عام 2002). ومع ذلك، هناك مشكلة تتعلق بمقياس خسارة المقاعد وهو أنه يعتمد جزئيًا على عوامل أخرى.
وحصل حزب الرئيس على عدد أصوات أقل في 14 من بين السباقات الـ19، لكن الرؤساء: هاري ترومان، وجون كينيدي، وليندون جونسون، وجيمي كارتر، تمكنوا جميعهم من الفوز بمزيد من الأصوات والاحتفاظ بمجلس النواب بالرغم من خسارة مقاعد.
لكن كانت تلك حقبة مختلفة من السياسة الأمريكية – حقبة أقل قومية واستقطابا، عندما كان الناخبون أكثر استعدادا للتصويت للمرشحين من أكثر من حزب، وعندما كان شاغلو المناصب يتمتعون بميزة أكبر، والتي احتفظ فيها الديمقراطيون بمجلس النواب لـ40 عاما على التوالي. لكن لم يعد بإمكان بايدن الاعتماد على ذلك.
لماذا يخسر حزب الرئيس؟
وأحد التفسيرات المرتبطة بنسبة الإقبال هو أنه لا يجرى الاقتراع على الرئيس، وبطبيعة الحال يؤدي ذلك إلى عزوف العديد من مؤيديه. وربما يدركون، وهو أمر صحيح، أنه سيظل في السلطة بعد الانتخابات النصفية – وببساطة تكون المخاطر أقل بالنسبة لهم، ولا يوجد احتمال للهزيمة الكاملة.
وربما يصاب البعض بخيبة أمل في أداء الإدارة الجديدة ويشعرون بحاجة أقل للتصويت. وفي غضون ذلك، يزداد احتمال تصويت منتقدي الرئيس – مع تحمسهم للمعارضة وحافزهم لمحاولة التحقق من سلطته.
أما التفسير المرتبط بالإقناع، على النقيض، يؤكد ميل الرأي العام للتحول ضد الرئيس، كما يتضح من النمط الشائع المتمثل في انخفاض معدلات التأييد في العامين الأولين من الرئاسة.
ويمكن أن يستنتج الناخبون أن الأمور محافظة للغاية تحت إدارة النظام الجمهوري وينتخبون رئيسا ديمقراطيا جديدا. لكن بعد ذلك، يمكن أن يستنتجوا بسرعة أن الأشياء أصبحت ليبرالية للغاية، والتأرجح مرة أخرى تجاه الجمهوريين في الانتخابات النصفية.
وبعد استعادة الجمهوريين بعض من السلطة، ربما يتأرجح الرأي العام عائدا باتجاه الديمقراطيين وبالتالي إعادة انتخاب الرئيس. (وقد تبعت رئاسة كل من أوباما وكلينتون هذا المسار).
وخلال السنوات الأخيرة، اعتبرت معدلات تأييد الرئيس أوضح مؤشر على مصير حزبه في انتخابات التجديد النصفي. وعلى مدار السبعة انتخابات نصفية الماضية، كان هناك رئيسان بمعدل تأييد أكثر من 60% بحلول نصف مدة ولايتهما، وتحدى الاثنان اتجاه هزيمة منتصف المدة: بيل كلينتون عام 1998 وجورج دبليو بوش عام 2002.
أسوأ خسائر في الانتخابات النصفية
خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، يجري الانتخاب على ثلث مقاعد مجلس الشيخ وجميع الـ435 مقعدا بمجلس النواب.
وعلى مدار 21 انتخابات نصفية أجريت منذ 1934، حصل حزب الرئيس مرتين فقط على مقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب: أول انتخابات نصفية لفرانكلين روزفيلت وأول انتخابات نصفية لجورج دبليو بوش.
وفي أربع مناسبات أخرى، حصل حزب الرئيس على مقاعد مجلس الشيوخ، وتعادل مرة واحدة. وفي مناسبة واحدة، حصل حزب الرئيس على مقاعد حزب النواب. وتميل أسوأ الخسائر في الانتخابات النصفية للحدوث في فترة الولاية الأولى للرئيس.
وتتضمن نتائج الانتخابات النصفية الحديثة:
- في 2018، فقد الجمهوريون 39 مقعدا – 41 بمجلس النواب بينما حصلوا على اثنين بمجلس الشيوخ – بعد عامين من انتخاب الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. وعندما كان ترامب رئيسا، شغل الجمهوريون كلا من مجلسي الكونغرس والبيت الأبيض، وكان الديمقراطيون يأملون في انتخاب ما يكفي من أعضاء الكونغرس لإفشال أجندتهم. لكنهم تمكنوا من تأمين مجلس النواب فقط.
- في 2010، خسر الديمقراطيون 69 مقعدا – 63 في مجلس النواب وستة في مجلس الشيوخ – بينما كان الرئيس الديمقراطي باراك أوباما بالبيت الأبيض.
- في 2006، خسر الجمهوريون 36 مقعدا – 30 في مجلس النواب وستة بمجلس الشيوخ – بينما كان الرئيس جورج دبليو بوش بالمنصب.
- في 1994، خسر الديمقراطيون 60 مقعدا – 52 في مجلس النواب وثمانية في مجلس الشيوخ – بينما كان الديمقراطي بيل كلينتون في المنصب ونظم الحزب المعارض، بقيادة المحافظ نيوت جينجريتش، "ثورة الجمهوريين" الناجحة في الكونغرس.
في 1974، خسر الجمهوريون 53 مقعدا – 48 بمجلس النواب وخمسة في مجلس الشيوخ – بينما كان الرئيس الجمهوري جيرالد فورد بالمنصب.