سعر الدولار اليوم في لبنان الثلاثاء 19 أبريل 2022.. صعود طفيف
سجل سعر الدولار اليوم في لبنان خلال تعاملات صباح الثلاثاء 19 أبريل/نيسان 2022، ارتفاعا طفيفا بالسوق الموازية "السوداء".
أسباب تراجع سعر الدولار في لبنان
ويرى خبراء أسواق المال في لبنان أن الاستقرار النسبي في سعر صرف الدولار يرتبطُ بإعلان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، منتصف الشهر الجاري، اتفاقه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف خليل على السماح للمصارف التجارية بشراء الدولارات منه دون سقف بالسعر الذي تحدده منصته "صيرفة".
وعليه، وسّع سلامة صلاحيات المصارف في تعميم 161، الذي أصدره منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021، وسمح للمصارف بدفع السحوبات النقدية لعملائها، ضمن الحدود المعتمدة، بالدولار النقدي وفق سعر "صيرفة".
وساد منطق المضاربات السوق النقدي طوال الأزمة، لكن قيمة الليرة تحسنت أخيراً برأي مراقبين، نتيجة امتصاص المركزي الكتلة النقدية بالليرة، وتزايد الطلب عليها وتراجعه عن الدولار.
يعتبر رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في بنك "بيبلوس" اللبناني نسيب غبريل أن إجراء المركزي يهدف لضبط سعر الصرف، وأن سماحه للمصارف بشراء الدولارات دون سقوف وبيعها لزبائنها، أفراداً ومؤسسات، أدى لضخ الدولارات.
وأشار غبريل إلى أنّ الهدف من ضخ السيولة هو تخفيض سعر الصرف بالسوق الموازي لإلغاء الهامش مع منصة صيرفة، وللتشجيع على شراء الدولارات من المصارف.
سعر الدولار اليوم في لبنان
سجّل سعرُ صرف الدولار في السوق الموازية صباح اليوم الثلاثاء، ما بين 25000 و25050 ليرة لبنانية للدولار الواحد، بعد أن تراوح مساء أمس الإثنين، ما بين 24925 - 24975 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وتشير الأكاديمية والباحثة في القوانين المصرفية سابين الكيك إلى أن المصارف المركزية تلجأ عادة لمثل هذه الإجراءات في ظروف استثنائية ومفصلية، ليكون لها أثر صادم في السوق النقدي.
وتجد أن خطوة مصرف لبنان ليست إصلاحية، بل هي تدخل تقني بمفاعيل اصطناعية، ولا تندرج ضمن التقنيات الطبيعية المعتادة للمصارف المركزية.
بدوره، يقول الباحث والصحافي الاقتصادي منير يونس أنّ إجراء المركزي يضمر أهدافاً منها:
- إثبات قدرته على كسر الحلقة الصاعدة بعدما تجاوز سعر الصرف 33 ألف ليرة للدولار الواحد.
- إثارة القلق النفسي لدى أصحاب الدولارات المخبأة بالمنازل، ودفعهم لبيع دولاراتهم قبل هبوط سعر الصرف أكثر، ليسحبهم من السوق.
- الدفع نحو سعر صرف معتدل لإقرار الموازنة، وللتفاوض مع صندوق النقد.
- سعي السلطة والمركزي لتهدئة المناخ الشعبي قبيل الانتخابات، وللإيحاء بأن الوضع النقدي والاقتصادي يتجه للتحسن.
من أين يأتي المركزي بالدولارات؟
يفيد منير يونس بأن مصرف لبنان المركزي ضخ حتى الآن (عبر تعميم 161) نحو 150 مليون دولار، ويرجح أن تكون عبر 3 مصادر: الصرافين، شركات تحويل الأموال، وجزء من الاحتياطي الإلزامي.
وأوضح أن من يستفيد من ضخ الدولارات هم المصارف لأن لديها نسبة أرباح، وكبار التجار حاملو المليارات بالليرة، والمضاربون نظراً لعدم وجود معلومات كافية حول حجم السوق النقدي.
ويضيف نسيب غبريل مصادر أخرى للدولار لدى المركزي:
- حصوله على مليار و100 مليون دولار من السحوبات الخاصة بصندوق النقد الدولي في سبتمبر/أيلول 2021 (علما بأن الصندوق تمنى ترشيد استعمالها بقطاعات إنتاجية).
- شركة طيران الشرق الأوسط المملوكة من المركزي، أعلنت أخيراً أرباحها الممتدة من 2011 حتى 2020 بـ700 مليون دولار، ووصل منها 440 مليون دولار للمركزي.
- لدى المركزي عمليات تعزز إيراداته بالعملات الأجنبية، علما بأن مصادر الاحتياطي بالعملات الأجنبية جفّت بالكامل بعد توقف تدفق الودائع الخارجية، وتخلف الحكومة عن سداد سندات اليوروبند في مارس/آذار 2020.
عقبات أمام توحيد سعر الصرف في لبنان
تتجنب الحكومة اللبنانية، حتى إشعار آخر، الإفصاح عن توجهاتها المتصلة بتوحيد سعر صرف الليرة والآليات التي سيجري اعتمادها لتحقيق هدف إرساء نظام نقدي جديد يقوم على الشفافية والمصداقية ضمن مسار التعافي المالي، والذي يشكل نواة خطة الإنقاذ التي يفترض أن ترفعها قريباً بصياغتها النهائية إلى إدارة صندوق النقد الدولي، بهدف الوصول إلى استحقاق إبرام اتفاقية برنامج تمويل بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 4 سنوات.
ويرى مسؤول مالي معني، في تصريحات صحفية أن مسألة توحيد سعر الصرف تمثل العقبة الكبرى ضمن حزمة الشروط الإجرائية والتشريعية التي طلبها فريق الصندوق. ذلك أن أي سعر لليرة لا يؤثر في إعادة هيكلة مكونات ميزان المدفوعات ومعاملات الحسابات الجارية للاستيراد والتصدير فحسب، بل يصيب مباشرة التوازنات الهشة للمداخيل الوظيفية في القطاعين العام والخاص المبرمجة على أساس السعر الرسمي الحالي البالغ 1515 ليرة لكل دولار، كما يطال بمفاعيله كتلتي المدخرات والقروض القائمة لدى البنوك.
ويرتقب أن تتضح معالم النظام النقدي المطلوب تبعاً لما ستقره السلطة التنفيذية بشأن توزيع أحمال الفجوة المالية البالغة نحو 73 مليار دولار، مع ترجيح تعديها مستوى 75 مليار دولار كتكلفة تأخير في إعداد الخطة. كذلك بالارتكاز إلى مجموعة مشاريع القوانين المالية الطارئة التي تحيلها الحكومة تباعاً إلى المجلس النيابي، ولا سيما منها القوانين الخاصة بضبط الرساميل والتحويلات (الكابيتال كونترول)، والتعديلات المقترحة على قانون السرية المصرفية وإعادة هيكلة البنك المركزي والقطاع المصرفي، فضلاً عن إخضاع البنوك لعمليات تدقيق ومحاسبة من قبل شركات دولية مستقلة.
ويشير المسؤول المالي إلى تفشي معضلة تعدد أسعار الصرف في كامل منظومة التعاملات النقدية. وسيتجلى ذلك بزيادة حدة الاختلالات المعيشية والقدرات الشرائية، مع توجه الدولة إلى اعتماد سعر جديد للدولار الجمركي يرجح أن يتطابق مع سعر التداول على منصة البنك المركزي، والشروع بإعادة هيكلة أكلاف خدمات عامة كالاتصالات والكهرباء والمياه والرسوم العقارية وسواها بمعدلات تتراوح بين 3 و5 أضعاف السعر الرسمي الحالي.