فاروق القاسم أمير النفط النرويجي.. قصة نجاح عراقية في المهجر
فاروق القاسم، عرف بكونه من رواد صناعة النفط في العالم، لقب بـ"أمير النفط"، ويعود له الفضل في امتلاك النرويج لقطاع نفط مربح وقوي.
فهو مهندس عراقي موهوب، أسهم في إنقاذ قطاع النفط في النرويج حتى أصبح يعادل في حجمه، قطاع النفط في الولايات المتحدة، وفيما يلي نسلط الضوء على مسيرته المميزة.
انطلاقة فاروق القاسم
في عام 1952، كانت شركة نفط العراق لا تزال تحت سيطرة البريطانيين، في هذا التوقيت، نجح المهندس الشاب فاروق القاسم في الحصول على موافقة للتدريب في الشركة، والعمل بجانب البريطانيين.
أثبت القاسم كفاءته وسط زملائه، وتم اختياره ليدرس الجيولوجيا في مجال البترول في جامعة "إمبريال كوليدج" في العاصمة الإنجليزية لندن.
تزوج القاسم في ذلك الوقت، بتاريخ عام 1957، سيدة نرويجية، كانت تعمل مربية لدى عائلة بريطانية في لندن، وبعد عودته إلى العراق بدأ حياته العملية بانضمامه لشركة النفط الحكومية العراقية IPC.
فاروق القاسم ومواجهة تحديات الحياة
في فترة وجيزة، نجح القاسم في أن يتقلد مناصب مرموقة في شركته IPC، حتى أصبح سريعا، المشرف على كميات هائلة من النفط والمال، ومسؤولا رفيع المستوى تحت سيطرته العديد من الموظفين البريطانيين.
عانى القاسم من أزمة مرض نجله الذي ولد بمرض الشلل الدماغي، وعرف أن النرويج هي أفضل دولة في العالم لعلاج هذا النوع من الشلل.
وبدافع السعي لتوفير أفضل رعاية صحية لنجله، قرر هو وزوجته الانتقال للنرويج، بعد تقديمه استقالته من شركة النفط في العراق عام 1968.
غادر القاسم إلى النرويج وهو في سن الـ31، تاركا وطنه، والعمل في موقع مرموق في شركة كبرى، حتى يتمكن من رعاية نجله، وفي النرويج اضطر للعيش برفقة عائلة زوجته حتى يتمكن من العثور على منزل خاص به.
بداية جديدة لفاروق القاسم
في النرويج حين بدأ القاسم في البحث عن مكان للعمل، اكتشف أن هيئة النفط النرويجية حديثة التكوين، وتتألف من 3 موظفين في مقتبل العمر.
كانت غامرة بالبيانات المعقدة، يجهل الغالبية في النرويج كيفية التعامل معها، الأمر الذي مهد الطريق له ليثبت نفسه كجيولوجي متمرس، ليفسر لهم اختبارات الحفل في بحر الشمال، وقد تم توظيفه على هذا الأساس براتب أعلى من راتب رئيس مجلس وزراء النرويج في ذلك الوقت.
في الشهور الثلاثة الأولى من العمل، تم تكليفه بتحليل بيانات واردة من آبار مختلفة مكتشفة في البحر، شملت 13 بئرا، وبعد انتهاء كان مقتنعا بان النرويج تمتلك الكثير من حقول النفط.
وتقدمت له الحكومة النرويجية بشكر رسمي، مع التزامها الحذر، معتبرة أنه هو الأفضل وأنه ربما يتعين الانتظار والترقب لاستخراج النفط.
الأمر الذي دفعه للتساؤل ، حتى توضح له أنه في عام 1971، اكتشفت شركة فيليبس بتروليوم الأمريكية حقل "إيكو فيسك"، أحد أكبر الحقول النفطية البحرية، ومن المتوقع أن يستمر استخراج النفط منه حتى 2050.
لقب أبو النفط في النرويج
في عام 1972، تولى القاسم منصب رئيس إدارة الموارد في هيئة النفط بالنرويج، واعتبر أن مهمته الرئيسية، تشجيع شركات النفط لزيادة معدل الانتفاع بالحقول.
وعبر التخطيط الصحيح، قام بوضع تقرير قدمه للدولة عن تنظيم إدارة النفط، مع تأكيده على أن النرويج تحتاج لأن تكون لها سيطرة كاملة على الحقول بها.
هذا التقرير، اسهم في اتخاذ الحكومة النرويجية قرار تأسيس شركة نفط وطنية باسم StatOil، وعرف بعدها باسم الوصايا العشر للنفط.
هذه الوصايا العشر لإدارة موارد النفط، هي التي جعلت من القاسم أبو النفط في النرويج، وتشكل السياسة الأساسية التي تدير بها النرويج مواردها البترولية حتى الآن.