أسرى فلسطين.. حصاد القهر والأمعاء الخاوية في 2019
عام 2019 شهد تصاعد حملات الاعتقال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، لا سيما في الضفة الغربية.
يودّع الأسرى الفلسطينيون عام 2019، بعد أن خاضوا فيه معارك قاسية بأمعائهم الخاوية مع السجان الإسرائيلي؛ لينتزعوا حقوقهم الآدمية، وودّعوا فيه 5 من زملائهم نتيجة الإهمال الطبي، فيما لا يزال غيرهم ينتظرون على قائمة الموت والقهر.
وشهد عام 2019 منذ بدايته تصاعدا في حملات الاعتقال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، لا سيما في الضفة الغربية، التي تعد الأكثر قسوة مقارنة بالسنوات الأخيرة، وفق عبدالله زغاري، المتحدث الإعلامي باسم نادي الأسير الفلسطيني.
5 آلاف معتقل في عام
وقال زغاري لـ"العين الإخبارية" إنه "منذ بداية العام لا يكاد يمر يوم دون اعتقال ما بين 10 و15 فلسطينيا، وأحيانا يرتفع العدد إلى أكثر من 20".
وأوضح أن "غالبية الاعتقالات تجري خلال عمليات دهم ليلية لبيوت الفلسطينيين، ويتخللها تنكيل وتفتيش وامتهان للكرامة الإنسانية، فضلا عن الاعتقالات على الحواجز أو خلال المواجهات مع قوات الاحتلال".
ناصر فروانة، مدير دائرة الإحصاء والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية (حكومية)، قال لـ"العين الإخبارية" إن عام 2019 شهد نحو 5 آلاف حالة اعتقال.
وكشف فروانة عن أن هناك "نحو ألفي حالة اعتقال كانت في القدس الشرقية المحتلة، وهو عدد يشكل 40% من إجمالي عدد المعتقلين عام 2019".
وأشار إلى أن "بين المعتقلين 130 أسيرا اعتقلوا من قطاع غزة، تم اعتقالهم سواء قرب السياج الحدودي، أو خلال محاولتهم السفر عبر معبر بيت حانون/إيرز، الذي تحول إلى مصيدة لاعتقال الفلسطينيين".
اعتقالات الاحتلال لا تقتصر على الرجال الفلسطينيين؛ حيث شهد عام 2019 نحو 800 حالة اعتقال لأطفال أغلبهم من القدس المحتلة، فضلا عن عشرات الحالات من النساء.
الأسرى الشهداء
وفي حصيلة قاسية، شهد عام 2019 استشهاد 5 أسرى فلسطينيين نتيجة سياسات التعذيب والإهمال الطبي في سجون الاحتلال؛ ما رفع حصيلة الأسرى الشهداء إلى 220 شهيدا منذ عام 1967.
وقال فروانة إن عام 2019 استُشهد فيه 5 أسرى، وهو رقم مماثل للأسرى الذين استشهدوا خلال 2018 نتيجة الإهمال الطبي.
والأسرى الشهداء، هم: سامي أبو دياك (37 عاما) واستُشهد في 26 نوفمبر الماضي، وبسام السايح واستُشهد في مستشفى "آساف هاروفيه" الإسرائيلي يوم 8 سبتمبر/أيلول الماضي، ونصار ماجد طقاطقة (31 عاما) واستُشهد يوم 16 يوليو/تموز الماضي جراء التعذيب.
وكذلك عمر يونس (20 عاما)، من قرية سنيريا جنوب قلقيلية، واعتُقل بعد أن أطلق جنود الاحتلال النار صوبه على حاجز زعترة، ومن ثم اعتقلوه بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن على حاجز زعترة قرب نابلس، قبل أن يعلن استشهاده يوم 27 أبريل/نيسان الماضي.
وأيضا فارس بارود، واستشهد بعد 28 عاما في الأسر، حيث اعتقلته إسرائيل عام 1991، وقضت بسجنه 35 عاما، واستشهد يوم 6 فبراير/شباط الماضي، جراء إهمال طبي في السجون الإسرائيلية.
أسرى على قوائم الموت
وتشكل معاناة الأسرى المرض أحد أبرز معالم القهر في سجون الاحتلال، فهناك 1700 أسير يعانون المرض، منهم ما لا يقل عن 30 حالة خطيرة، على قوائم انتظار الموت في أي لحظة، وفق المعطيات الفلسطينية الرسمية.
وقال فروانة إن بين الأسرى المرضى نحو 150 أسيرا مصابون بأمراض خطيرة بينهم نحو 20 مصابا بالسرطان يحتاجون إلى تدخل علاجي عاجل.
وأكد وجود تعنت إسرائيلي واضح في الإفراج عن الأسرى أصحاب الأمراض المشرفة على الموت بخلاف سنوات قبل كانت تفرج عن المرضى المتدهورة صحتهم.
إضرابات جماعية وفردية
وتميز عام 2019، بخوض الأسرى عدة معارك جماعية بأمعائهم الخاوية مع السجان الإسرائيلي، لانتزاع حقوق آدمية أقرتها المواثيق الدولية وتنكر لها الاحتلال، فضلا عن عشرات الإضرابات الفردية التي جاء أغلبها في مواجهة سياسة الاعتقال الإداري.
وأوضح المتحدث باسم نادي الأسير أن المعتقلين خاضوا خلال العام الحالي (5) إضرابات مركزية جماعية، أبرزها إضراب الكرامة 2 الذي خاضه قرابة 150 أسيرا في سجني ريمون والنقب يوم 8 أبريل/نيسان الماضي، والذي اشتمل على الإضراب عن الماء أيضا.
وتخللها التلويح بحل الأطر التنظيمية، ونجح الأسرى على مدار أقل من 10 أيام في تحقيق إنجازات مهمة للحركة الأسيرة، أبرزها تركيب هواتف عمومية، والذي كان مطلبا لهم منذ عام 1992.
ومن أبرز إضرابات هذا العام الإضراب الذي خاضه 140 أسيرا في 10 سبتمبر/أيلول الماضي واستمر 16 يوما وجاء بعد أن تملصت إدارة السجون من تنفيذ بنود اتفاق إضراب الكرامة 2 وقيامها بتركيب أجهزة تشويش مسرطنة إضافية في أقسام الأسرى؛ ونتيجة هذا الإضراب نجح الأسرى في انتزاع قرار الموافقة على تركيب أجهزة الهواتف العمومية بالفعل.
الإضرابات الفردية
وإلى جانب الإضرابات الجماعية، شهد عام 2019 أعلى عدد من الإضرابات الفردية المفتوحة عن الطعام ضد الاعتقال الإداري.
وقال فراونة: "هناك عشرات الأسرى خاضوا تلك الإضرابات الفردية، ووصل عدد الأيام التي أضربوا فيها إلى أكثر من 70 يوما وآخرهم الأسير مصعب الهندي".
التعذيب
ومن أبرز أشكال المعاناة للأسرى التعذيب في أقبية السجون خلال الاعتقال والتحقيق.
ويؤكد زغاري أن مخابرات الاحتلال تستخدم أكثر من 30 أسلوبا قاسيا في التحقيق مع الأسرى من بينها الضرب والشبح والحرمان من النوم والحرمان من الزيارة والعزل الانفرادي والرش بالماء الساخن والماء البارد وربط الأيدي والأقدام في الكراسي والتعليق في السقف.
وخلال عام 2019، بلغ عدد سنوات الأسر للأسير الفلسطيني نائل البرغوثي، 40 عاما، وهو أكبر عدد سنوات اعتقال في سجون الاحتلال، وفق فروانة، الذي أشار أيضا إلى أن هناك 570 أسيرا محكوم عليهم بالمؤبد وهو رقم قياسي.
وذكر أن 47 أسيرا هم عمداء أسرى قضوا أكثر من 20 عاما في السجون، وهناك 26 أسيرا اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو قبل 25 عاما، و14 أسيرا قضوا أكثر من 30 عاما.
وتعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها 5500 أسير فلسطيني، بينهم 43 سيدة وفتاة، و230 طفلا إلى جانب 450 معتقلا إداريا.