كلنا فخر بهذا الحدث التاريخي وبفريق عمل "مسبار الأمل"، هذا الإنجاز المشرف الذي صنعته سواعد إماراتية يرسخ نهج عيال زايد
تُبارك جامعة محمد الخامس أبوظبي لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً ومقيمين، وللعالم العربي أجمع دخولنا السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي بما يعود بالنفع على البشرية.
إن مشروع "مسبار الأمل" الذي ينظر إليه أبناء الدول العربية والإسلامية بعين فخر ٍوترقبٍ، هو بارقة أمل تبشر بعودة أمجاد العرب والمسلمين في مجال الاكتشافات العلمية، ودخول الإمارات السباق الدولي لاكتشاف الفضاء الخارجي هو سبْق لكل العرب ومصدر إلهام للشباب العربي القادر على تحقيق النقلة النوعية التي نطمح لها.
فنحن ننتمي إلى حضارة مبدعة ومبتكرة، قدمت الكثير للإنسانية في الماضي وها هي اليوم تعود وبقوة لتغزو الفضاء بما يعود بالنفع على البشرية جمعاء.
لقد ارتبطت ثقافة الفلك وعلومه في الحضارة العربية، بالإيجابية والتفاؤل بالخير، فكان العرب يستبشرون بنجم السهيل والثريا، ولايزال لفظ الثريا يحمل دلالات الخير سواء في المال أو العلم إلى يومنا هذا.
إن عزيمة دولة الإمارات ومضيها في مواصلة هذا المشروع التاريخي، رغم الظروف الراهنة، يجسدان طموح الدولة وقدرة قيادتها على تحدي المستحيل.
وفي حين أن بعض هذه النجوم احتفظت بأسمائها العربية إلى الآن، كالدبران والنسر الطائر وغيرها من المسميات العربية، إلا أن بعض الأسماء قد تمت ترجمته من اللغة اليونانية القديمة إلى اللغة العربية، كلفظ المريخ مثلاً، وهو الاسم الذي كان يتخذه الرومان لإله الحرب.
وسمي بهذا الاسم للونه المميز المائل إلى الحمرة أو الاحمرار بفعل نسبة غبار أكسيد الحديد الثلاثي العالية على سطحه وفي جوه.
إن ثقافة الابتكار ليست غريبة على العرب والمسلمين، فحضارتنا تزخر بإنجازات علماء عباقرة أتقنوا ضروب الإبداع والابتكار والعلوم. وقد حظي علم الفلك باهتمام المسلمين من كافة الأقطار والأمصار، فقد ساعدتهم قواعده ونظرياته في تفسير آيات القرآن الكريم الكونية، وبيان مضامينها وما تحويه من إعجاز علمي، ولا تزال الحقائق العلمية الفلكية تشهد على صدق القرآن الكريم.
وقد تفوق علماء العرب والمسلمين على من سبقهم في علم الفلك وما يرتبط به من صناعة آلات الرصد والتوقيت واكتشاف الفضاء، فكان لهم السبق في هذا المجال، ومهدوا لنهضة علمية في علم الفلك الحديث.
ومن أبرز العلماء الذين أسهموا في تطوير هذا العلم، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، أبو عبيدة البلنسي الذي اشتهر باسم صاحب القبلة، وأبو الحسن الجيلي الذي برع في الرصد، ولا تزال مؤلفاته مثل الجامع والبالغ من أهم المصادر للباحثين في علم الفلك وحساب الكواكب إلى يومنا هذا.
ومحمد بن إبراهيم الفزاريّ الذي نقل الأسطرلاب الإغريقيّ إلى العرب، فكان له السّبق في ذلك، ثمّ عمل على إدخال تحسينات عديدة عليه، والجرزي الذي برع في صنع الساعات التي تجمع بين جمال الشكل ودقة الصنع.
ومن بين ألمع النجوم في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية العلامة الرُّودَاني، أحد أبرز العلماء الموسوعيين في الغرب الإسلامي؛ الذي كان فقيهاً عالماً، جمَّاعاً لمختلف العلوم والفنون والآلة الجامعة التي كان يُستعان بها لمعرفة التوقيت والقبلة والأهلة والجهات، وتُغني عن كثير من الحسابات والآلات الهندسية الحديثة.
إن تاريخ حضارتنا حافل بأمثال الروداني ومن يفوقه مقاماً وعلماً، وقد حان الوقت لنستهدي بطريق هؤلاء السابقين، ونستهدي بفكرهم، ونسهم في قيادة بلادنا بالعلم نحو مستقبل مشرق، ودخول دولة الإمارات السباق العالمي لاستكشاف المريخ، يؤذن بميلاد فجر جديد للبلاد العربية.
وهي رسالة مشروع "مسبار الأمل" الذي حقق بفضل جهود قيادتنا الرشيدة وسواعد شبابنا الطموح الحلم العربي في صناعة مستقبل مشرق نسير فيه على خطى العلماء العرب والمسلمين الذين تركوا لنا إرثاً حضارياً وعلمياً نفاخر به بين الشعوب والأمم.
إن عزيمة دولة الإمارات ومضيها في مواصلة هذا المشروع التاريخي، رغم الظروف الراهنة، يجسدان طموح الدولة وقدرة قيادتها على تحدي المستحيل، حتى أصبح هذا النهج، نهج اللامستحيل، جزءا من هوية دولتنا ومن ثقافة شعبنا.
كلنا فخر بهذا الحدث التاريخي وبفريق عمل "مسبار الأمل"، هذا الإنجاز المشرف الذي صنعته سواعد إماراتية يرسخ نهج عيال زايد في خدمة الوطن وإعلاء رايته في كل المحافل.
وفي الختام، نؤكد بأن ريادة المستقبل لمن يملك طموحات كبيرة، ويتحدى المستحيل، وهو الشعار الذي جسده الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، "طيب الله ثراه"، وعلى نهجه تخطو قيادتنا الرشيدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة