مسبار الأمل ليس إلا بداية المشوار نحو الفضاء الممتد، فالإمارات بسواعد وعقول أبنائها تعمل مع دول العالم لمهمات أكبر في محاكاة الفضاء
اعتادت دولة الإمارات العربية المتحدة على بث مشاعر مغايرة في ظل ظروف رمادية يعيشها العالم، ففي فترة الحروب نجدها تغرس النجاة، وفي وقت الأزمات الصحية نتملس يدها المعطاءة التي أثمرت عن مفهوم جديد للتعاضد الدولي.
ولا ضير إن كانت تسلك هذا النهج ليشار إليها بالبنان، فما كانت تبينه طوال سنوات ماضية تحصده اليوم، أملاً ورفعة وإنعاشاً لحضارة غرقت في سبات عميق، فتوقظه بمسبارها العربي الإسلامي الذي يضاف لمشاريع سبقته تعيد لهذا الجزء من العالم هيبته التي فقدها نتيجة ظروف عدة يحفظها التاريخ جيداً.
الأغلبية يعرفون تماماً قصة مسبار الأمل - مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ - أو على الأقل الهدف منه ومهمته، فهو يقدم أول صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ، عندما يصل إلى الكوكب الأحمر، في مهمة تستمر لمدة سنة مريخية واحدة تعادل سنتين على كوكب الأرض كما سيساعد على الإجابة على أسئلة علمية رئيسية حول الغلاف الجوي للمريخ.
ولكن ماذا نعرف عن الأيدي التي ساهمت في تحقيق هذا الحلم وتركيب كل قطعة فيه هذا المسبار والظروف التي واجهتهم؟ والأهم البصمة النسائية التي طبعت على هذا المشروع التاريخي، خاصة وأن المرأة الإماراتية تشكل ما نسبته 34% من بين 150 مهندسا وباحثا يعملون على المشروع و50% من الفريق القيادي، وهي النسب الأعلى عالمياً لمشاركة المرأة في المهام والمشاريع الخاصة بقطاع الفضاء.
عالمات، مهندسات، خبيرات إماراتيات، في عالم الفضاء وعلى رأسهن امرأة أيضاُ وهي معالي سارة الأميري التي تقود الفريق العلمي لهذا المشروع، ويؤكد وجودهن على أن عملية تمكين النساء في دولة الإمارات جادةً وملموسة من خلال مساهمة فعلية لها في التنمية بمختلف مجالاتها، وإن ذهبنا لأبعد من ذلك نجد تأثير هذا الأمر على النظرة العالمية للمرأة العربية والمسلمة التي تتغير مع تعمقها في مجالات علمية متقدمة، كانت يوماً حكراً على الرجال.
مسبار الأمل، ليس إلا بداية المشوار نحو هذا الفضاء الممتد الغامض. فالإمارات بسواعد وعقول أبناءها من الجنسين تعمل مع دول العالم لمهمات أكبر في محاكاة الفضاء
تواجد المرأة في هذا القطاع ليس رفاهاً كما يروج له البعض من أصحاب النظرة الضيقة، ولا رقماً يرجح الكفة لمكانتها في سجلات التقارير العالمية للتنافسية وغيرها، بل هو إيمانٌ راسخ بمدى تفوقها وقدرتها.
فهنا نجد المرأة تصنع الأقمار الصناعية و "خليفة سات" شاهدُ على ذلك مع مسبار الأمل، بل وتتواجد في معسكرات خارجية لأشهر طويلة، محتكةً بمختلف الخبرات العالمية، طارحةً التساؤلات، مفككةً الألغاز العلمية، ومسهمةً في تجارب تخدم البشرية وتصنع المستقبل.
كل شيء متاحً هنا على أرض الإمارات لكي تبدع المرأة العربية في هذا المجال انطلاقا من المعسكرات الصيفية التي تنشئ جيلاً واعداً مروراً بتخصصات أكاديمية متنوعة في جامعات عريقة تصقل الشغف بالمعرفة في علوم الفضاء وصولاً إلى برامج تلتحق بها الفتيات والنساء بدعم من وكالة الإمارات للفضاء وشركاؤها تقدم بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية مثل وكالة "ناسا".
مسبار الأمل، ليس إلا بداية المشوار نحو هذا الفضاء الممتد الغامض، فالإمارات بسواعد وعقول أبناءها من الجنسين تعمل مع دول العالم لمهمات أكبر في محاكاة الفضاء ضمن "مشروع المريخ 2117"، الذي يتضمن بناء أول مستوطنة بشرية على سطح الكوكب الأحمر بحلول العام 2117، مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وقد قطعنا فيه خطوات عديدة معتبرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة