حمايتهم من كورونا.. أهالي غزة: للحصار حسنة واحدة
غزة التي تعد أكثر منطقة مكتظة في العالم تتابع بقلق اجتياح فيروس كورونا دول العالم، وسط امتنان نادر لحصار أنهكهم لسنوات
بعد 14 عاما من تجرع ويلات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، يشعر سكانه بحسنة وحيدة، وهي حمايتهم من وباء فيروس كورونا الذي اجتاح غالبية دول العالم.
فمن أكثر منطقة مكتظة في العالم، يتابع الغزيون، بقلق، اجتياح وباء كورونا دول وبلدات العالم، وسط امتنان نادر لحصار أنهكهم على مدار سنوات، ولكنه يبدو اليوم سببا في حمايتهم حتى الآن من الفيروس.
وقال الطالب الجامعي محمود عبدالله لـ"العين الإخبارية": "أخيرا ظهرت حسنة للحصار، وما كنا نراه نقمة يبدو أنه نعمة لنا تحمينا من كورونا". وأضاف: "مع ذلك نتخذ إجراءات احتياطية، ونتخوف من وصوله إلينا".
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة منذ 2006، وشددته في العام التالي إثر سيطرة حركة حماس عليه بالقوة بعد الاقتتال مع قوات السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
وتعتقد سناء إمام، معلمة في مدرسة حكومية، أن حصار غزة وإغلاق المعابر ومحدودية حركة السفر وغياب الوفود السياحية كلها أشياء أسهمت في إنقاذ القطاع حتى الآن من وصول كورونا، إلى جانب الإجراءات الاستباقية التي فرضتها السلطة الفلسطينية، وكذلك الجهات الحكومية في غزة.
وتقتصر حركة تنقل الفلسطينيين من وإلى قطاع غزة على معبرين؛ هما معبر بيت حانون/إيرز، شمال قطاع غزة، وهو مرتبط بالأراضي الإسرائيلية، والآخر هو معبر رفح الحدودي، المرتبط مع مصر.
وأُغلق المعبران منذ عدة أيام ضمن إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا، في حين يدخل عبرهما في العادة عدة مئات من المسافرين، أغلبهم من الفلسطينيين.
وقال الشاب حسين أبوحميد: "نحن في حالة حجر منذ 14 عاما، وما نعيشه منذ سنين، بدأت الكثير من الدول تعيشه.. بتنا متساوين، ومع ذلك السلامة للجميع، ونحن نتخوف من وصوله إلينا؛ لأن قدرتنا على مواجهته ستكون أصعب".
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مطلع الشهر الجاري، حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية، وتعطيل المؤسسات التعليمية، وشمل ذلك قطاع غزة كخطوة احترازية.
وفي حين سُجلت 47 إصابة بكورونا في الضفة غالبيتهم من بيت لحم، لم تُسجل إصابات حتى الآن في غزة، التي تشهد إجراءات مكثفة للوقاية من انتشار الفيروس المعدي.
وأكد الدكتور رامي العبادلة، مدير دائرة مكافحة العدوى بوزارة الصحة في قطاع غزة، لـ"العين الإخبارية"، تجهيز الخطط اللازمة للتعامل مع خطر فيروس كورونا بجدية في ظل الإمكانيات المحدودة المتوفرة بالمرافق الصحية بغزة.
وأشار إلى أن وزارة الصحة لم تتسلم أي معدات أو أجهزة أو أدوية خاصة إلا بعض الفحوصات الخاصة بكورونا، مستدركا أن هناك وعودا بتوفير مستهلكات ومستلزمات وأدوية.
ووفق تقدير العبادلة، فإن عدم انتقال كورونا إلى غزة مرتبط بقلة أعداد العائدين من دول العالم لغزة وقلة عدد الأجانب الوافدين إليها.
ويدخل غزة يوميا من 250 إلى 500 عائد عبر معبري رفح وإيرز خلال أيام عملهما الخمسة، في حين لا توجد وفود سياحية، بل يقتصر الأمر على وفود رسمية أجنبية قليلة بين الحين والآخر، وهي متوقفة منذ أزمة كورونا.
ويؤكد الطبيب العبادلة أن هذه أعداد محدودة، لذلك تبقى احتمالية انتقال العدوى محدودة.
ومع ذلك، يشير إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية الهادفة لمنع دخول الفيروس لقطاع غزة من خلال متابعة كل الحالات التي دخلت في السابق لغزة ووضع كل العائدين في الحجر الإلزامي.
وقال: "هناك 787 مواطنا في الحجر الإلزامي، كما أن هناك عدة آلاف في الحجر المنزلي، وتُجرى لهم فحوصات مستمرة للتأكد من وضعهم الصحي".
وأضاف: "الأعراض تظهر بعد يومين إلى 10 أيام، وهناك محجورون من 5 أيام لم يظهر عليهم أي أعراض.. نضعهم 14 يوما في الحجر التزاما بتوصيات منظمة الصحة العالمية".
وضمن الإجراءات الاحترازية، انطلقت حملات تطوعية لتعقيم المساجد والشوارع والأسواق، وحملات توعية لتجنب التجمعات، والاهتمام بالنظافة الشخصية والبيتية.
وقال العبادلة: "هناك إجراءات عديدة نقوم بها مع جهات مختلفة كتعقيم الأماكن وتقليص التجمعات وتخفيف التنقل".