احتجاجات في ساحل سوريا.. والحكومة تحذر من «دعوات الفتنة»
الآلاف يتظاهرون في سوريا احتجاجا على اعتداءات طالت الأقلية العلوية فيما دعت الحكومة إلى عدم الانجرار وراء «دعوات خارجية للفتنة».
والثلاثاء، تظاهر الآلاف في مدينة اللاذقية الساحلية ومناطق أخرى ذات غالبية علوية في سوريا، تنديدا بـ«اعتداءات استهدفت هذه الأقلية في الآونة الأخيرة»، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
ومنذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد قبل نحو عام، يتعرض أبناء الطائفة التي ينحدر منها لهجمات متكررة، وقد قتل المئات منهم في حوادث وقعت في مارس/آذار الماضي بعدد من قرى الساحل السوري.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بـ "الإفراج عن معتقلين".
وطالبت جمانة (58 عاما)، وهي محامية شاركت في المظاهرة، بـ"الإفراج عن المعتقلين من أبنائنا، وخروج الفصائل من مناطقنا".
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لا يزال نحو 9 آلاف عسكري من المجندين السابقين في جيش النظام السابق معتقلين عقب الإطاحة بالأسد.
حمص.. الشرارة
وتأتي هذه التظاهرات غداة أحداث عنف طائفي شهدتها مدينة حمص في وسط البلاد، تضاف إلى سلسلة اضطرابات مماثلة شهدتها سوريا في الأشهر الماضية، عقب سقوط عائلة الأسد، بعد خمسين عاما من الإمساك بمقاليد البلاد.
فقد عُثر الأحد على زوجين مقتولين في بيتهما ببلدة زيدل قرب حمص (وسط)، وقد أُحرقت جثة الزوجة، كما عُثر في مكان الجريمة على عبارات ذات طابع طائفي، بحسب الشرطة.
ووُجهت اتُهامات لعلويين بالوقوف وراء هذه الجريمة، ما أشعل موجة عنف في عدد من مناطق المدينة التي تضمّ أحياء سنيّة وأخرى علويّة.
وقام شبان من العشائر البدوية بأعمال تخريب طالت مساكن وسيارات ومتاجر في أحياء ذات غالبية علوية، قبل أن تفرض السلطات حظرا للتجوال لاحتواء الوضع.
الحكومة تحذر
باليوم نفسه، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أن حق التظاهر والتعبير مكفول لكل السوريين، وأن الدولة السورية هي الضامن الوحيد لمطالب جميع أبناء الشعب السوري، محذراً من الانجرار وراء دعوات خارجية للفتنة.
وقال البابا عبر قناته على تطبيق تليغرام: «حق التظاهر والتعبير مكفول لكل السوريين بدماء مليون شهيد سوري قدمتهم الثورة السورية العظيمة، ووزارة الداخلية معنية بحفظ هذا الحق وعلى مسافة واحدة من جميع المكونات السورية».
وأضاف: «ننصح أهلنا بعدم الانجرار وراء دعوات خارجية تبغي الفتنة وإفساد النسيج المجتمعي، وقد تولد ردات فعلٍ، الكل بغنى عنها».
وبخصوص التجمعات الاحتجاجية في بعض مناطق الساحل، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية في تصريحات لقناة محلية أن «قوى الأمن الداخلي أمّنت هذه التجمّعات لمنع أي حوادث طارئة تستغلّها الجهات التي تروّج للفوضى».
وجدد التأكيد على أن «الوزارة تحفظ حق التعبير عن الرأي للجميع على أن يكون هذا التعبير تحت سقف القانون، ودون الإخلال بالسلم الأهلي».
"نريد فيدرالية"
وقالت منى (25 سنة) خلال مشاركتها في المظاهرة: "نطالب بالحرية والأمان، وإيقاف القتل والخطف الذي يحصل، وما جرى في حمص مؤخرا ليس مقبولا أبدا".
وأضافت "نريد فيدرالية للساحل وحمص وحماة وطرطوس والغاب.. ما يهمنا، الحرية لنا".
ولم تصطدم قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية المنتشرة في المكان مع المحتجين.
وفي مدينة جبلة الساحلية، سُمعت أصوات إطلاق نار أثناء تظاهرة مماثلة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
وأفاد المراسل بأن المئات تجمعوا في دوّار العمارة رافعين لافتات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وأخرى كُتب عليها "نعم للفيدرالية"، قبل أن يسود التوتر بعد وصول مؤيدين للسلطة هتفوا بشعارات مضادة.
وشاهد اشتباكات بالأيدي اندلعت بين الطرفين، تخللها إطلاق نار في الهواء ورشق بالحجارة، ما أسفر عن إصابات طفيفة بين المتظاهرين. وتدخّل عناصر الأمن العام لتفريق المحتجين.
وتُعدّ هذه التظاهرات، وهي الأكبر في المناطق ذات الكثافة العلوية منذ سقوط الأسد، استجابة لدعوة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأحصى المرصد 42 نقطة تظاهر تجمع فيها آلاف العلويين في مناطق متفرقة من سوريا.