احتجاجات وتململ.. هل فقد الأوروبيون تعاطفهم مع القضية الأوكرانية؟
حالة من التململ الشعبي بدأت تتسرب للشارع الأوروبي ضد ارتفاع الأسعار الناتج عن أزمة أوكرانيا، ما أثار تخوفات من احتمالية اندلاع احتجاجات
تلك التخوفات شقت طريقها إلى الشارع الأوروبي قبل أيام، بعد خروج المئات إلى شوارع مدينة ميلتنبرغ الألمانية احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية، مطالبين بوقف توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.
إلا أن تلك الاحتجاجات التي قوبلت بتصميم أوروبي على مساعدة أوكرانيا حتى الرمق الأخير، كشفت عن تحول "مثير" في الشارع الأوروبي تجاه القضية الأوكرانية؛ فمن استقبال الأوكرانيين الفارين من النزاع في بيوتهم، إلى المطالبة بوقف المساعدات العسكرية الموجهة لكييف وتوجيه مواردها المالية للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية داخل بلدان القارة العجوز.
تململ شعبي
وأمام الموقفين اللذين يبدوان للوهلة الأولى متناقضين، يخشى مراقبون أن تتحول حالة التململ الشعبي تلك، إلى احتجاجات "عارمة" في الشارع الأوروبي، بشكل يصعب معه السيطرة على الوضع، إلا أن آخرين قللوا من احتمالية ذلك السيناريو وخاصة وأن بلدان القارة العجوز خصصت مؤخرًا حزمة ضخمة لمعالجة آثار الأزمة.
وإلى ذلك، قال الدكتور خطار أبو دياب الأستاذ المحاضر في العلاقات السياسية الدولية بجامعة باريس، في تصريحات لبرنامج "نقاش مونت كارلو"، إنه عندما داهمت حرب أوكرانيا بلدان القارة العجوز، لم يكن لدى الاتحاد الأوروبي أية استراتيجية للطاقة.
وأوضح أبو دياب، أنه مع الوقت اكتشفت أوروبا أن ذلك سيمثل نوعا من التحدي، وهو ما ألقى بظلال وخيمة على الأوروبيين، ودفع بلدان القارة العجوز ومواطنيها إلى أزمة شديدة ووضع اقتصادي "سيء".
لا تراجع
ورغم ذلك، إلا أن الأستاذ المحاضر في العلاقات السياسية الدولية بجامعة باريس، قال إنه لم يعد هناك مجال للتراجع الأوروبي عن السياسات تجاه أوكرانيا، مشيرًا إلى أن ذلك الوضع ولد انقسامًا داخل بلدان القارة العجوز؛ بدا واضحًا في تحميل رئيس وزراء بولندا ماتيوز موراوسكي، حمل الفرنسيين والألمان مسؤولية "انفجار" الاتحاد الأوروبي.
وفيما توقع اندلاع حركات اجتماعية في أكثر من بلد أوروبي تزامنًا مع الوضع الذي يتأزم مع مرور الوقت، قالت الدكتورة كريستيان صليبة أستاذة علم النفس والاجتماع بين باريس وبيروت، إنه أصبح هناك تأييد أكبر للسترات الصفراء في فرنسا.
وتوقعت الدكتورة كريستيان، خروج احتجاجات للسترات الصفراء، تحت شعار "الفرنسيين أولا"، مما قد يدفع بإعادة النظر في الموقف الأوروبي، مشيرًا إلى أن الشعب الفرنسي والأوروبي بات يعاني سلبيا من الأزمة الأوكرانية التي أعقبت جائحة كورونا.
تعاطف أولي
وأوضحت أن التعاطف الأولي تجاه الأزمة كان إنسانيًا في المقام الأول، لكن نتائج الحرب الأوكرانية، دفعت الأوروبيين إلى القلق على عدد من الأصعدة، بسبب ارتفاع في أسعار الطاقة وانقطاع بعض المواد الغذائية.
وأشارت إلى أن هناك قلقًا اجتماعيًا لدى الأوروبيين الذين بدوا غير مستعدين لتحمل تبعات تلك الحرب، بالإضافة إلى أن هناك قلقًا تجاه دور الدولة، مما سيدفع بالحركات الاجتماعية إلى الشوارع تجاه الأوضاع التي بدأت تلقي بخيامها الثقيلة على المستقبل.
وأمام ارتفاع الأسعار المتزايد، تحركت الحكومات الأوروبية قبل أيام لتخفيف وطأة ارتفاع التكاليف وأزمة الطاقة المتفاقمة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وسارعت للاستعداد لاحتمال حدوث اضطرابات اجتماعية مع ازدياد برودة الأيام.
تحرك أوروبي
فمع محاولة أوروبا لفطم نفسها عن الوقود الأحفوري الروسي، وظهور الاحتجاجات الجماهيرية الأولى على تكاليف الطاقة في القارة، تسابقت الحكومات لاعتماد تدابير مؤقتة قبل فصلي الخريف والشتاء.
وتعهدت الحكومة الألمانية بتقديم 65 مليار دولار في إجراءات الإغاثة لتخفيف وطأة التضخم وأزمة الطاقة، وخاصة بعد إعلان شركة غازبروم، عملاق الطاقة الروسي، وقف تدفق الغاز إلى أجل غير مسمى عبر خط أنابيب نورد ستريم 1.
وتؤكد الاحتجاجات المخاوف المتزايدة بين القادة الأوروبيين من أن أزمة الطاقة وارتفاع التضخم يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، فيما قال أحد المواطنين لصحيفة "نيويورك تايمز"، إنهم يخشون على مدخراتهم، ويخشون من عدم قدرتهم على دفع فواتيرهم في الشتاء.
وفي شرق إنجلترا، قال جيمس ألكوك إنه وضع مدخراته في مطعمه الصغير في بيفرلي، إلا أن الشاب البالغ من العمر 36 عامًا يخشى من أنه قد يفقد كل شيء، قائلا: "إذا لم تكن هناك مساعدة حكومية في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة ، فلن يكون لدينا عمل في هذا الوقت من العام المقبل".
aXA6IDUyLjE0LjExMC4xNzEg جزيرة ام اند امز