الحق يعود لمؤلفة كتاب "فرويد: عقل الأخلاق" بعد 60 عاما من إصداره
بنيامين موسر يصدر كتابا جديدا يكشف خلاله أن المؤلف الحقيقي لكتاب "فرويد: عقل الأخلاق" هي سوزان سونتاج وليس زوجها الكاتب فيليب ريف
كشفت سيرة ذاتية جديدة بعنوان "سونتاج: حياتها" للكاتب بنيامين موسر، أن الروائية الأمريكية الشهيرة سوزان سونتاج هي المؤلف الحقيقي لكتاب "فرويد: عقل الأخلاق" الذي نسب إلى عالم الاجتماع الاجتماعي فيليب ريف " 1922- 2006".
السيرة صدرت في سبتمبر/ أيلول الماضي مدعومة بأدلة ووثائق تؤكد أن سونتاج كانت الشريك غير الرسمي في تأليف الكتاب الذي صدر عام 1959، وحقق انتشارا واسعا وصنع شهرة "ريف" باعتباره عمله الأول.
وعرف فيليب ريف (1922 – 2006) كناقد ثقافي وعالم اجتماع، وقام بالتدريس في جامعة بنسلفانيا من عام 1961 حتى عام 1992، وأصدر عددا من الكتب التي حققت رواجا كبيرا، ومنها "سيجموند فرويد وتراثه"، و"انتصار العلاج: استخدامات الإيمان بعد فرويد" (1966)".
وجاء زواج فيليب ريف بالناقدة والروائية الأمريكية سوزان سونتاج وهي بعمر 17 عاما، وذلك بعد 10 أيام فقط من حضورها إحدى محاضراته عام 1950، ثم وقع الطلاق بعد 7 سنوات، وأسفرت الزيجة عن طفل هو الكاتب ديفيد ريف، بينما واصلت "سونتاج" مسارها لتصبح واحدة من أشهر الناقدات والروائيات الأمريكيات في الـ50 عاما الأخيرة.
ويكشف الكتاب الجديد أن "سونتاج" كانت وراء كتاب "ريف" عن "فرويد"، حيث اعتمد مؤلف الكتاب الكاتب بنيامين موسر، على الأرشيف الخاص بالكاتبة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، والذي ظل محظوراً على الجمهور الاطلاع عليه لعقود طويلة، كما تحدث أيضًا إلى عدد من معارف وأصدقاء الكاتبة الراحلة، الذين أفصحوا عن أسرار علاقتهم بها لأول مرة.
يقول بينامن موسر، إن إسهامات فيليب ريف في كتاب "فرويد: عقل الأخلاق" كانت تقتصر على الأبحاث التي تعتبر وثيقة الصلة بعمله في مجال علم الاجتماع، بينما يرجع الفضل في تأليف الكتاب إلى سونتاج التي كانت تجلس خلال منتصف نهار كل يوم أثناء إقامتهما في كامبريدج لتدون الكتاب الذي نسب في النهاية إلى زوجها، حسب ما كشفت عنه إحدى صديقاتها وتدعى ميندا راي أميران.
يتفق هذا مع ما جاء في الأرشيف الخاصة بالروائية والمخرجة الأمريكية الراحلة، حيث كتبت في عام 1957 إنها واصلت فرز بعض المواد الخاصة بفرويد وسجلت الملاحظات النقدية التي تشكل قوام الكتاب.
وعبر مسيرتها، حققت سونتاج شهرة كبيرة بفضل أعمالها في نقد ثقافة الصورة، وموقفها الرافض لحرب فيتنام، والذي عبرت عنه في كتابها الشهير "الالتفات إلى ألم الآخرين"، "ضد التأويل "، "ضد الفوتوغرافيا"، إلى جانب أفلامها وأعمالها الروائية، كما عملت مدرسة للفلسفة واللاهوت.
وفي خطاب آخر كتبته سونتاج إلى والدتها تقول فيه "إنها في المرحلة الثالثة الآن من تأليف الكتاب وتعمل حوالي 10 ساعات في اليوم"، وفي رسالة أخرى من صديق لها يدعى يعقوب تاوبس أرسلها عام 1958، يسألها "هل تخليت عن جميع حقوق كتاب فرويد؟، ستكون جريمة إذا فعلت"، وعندما ردت بأنها تنازلت قال تاوبس: "أنا بلا عزاء.. لا يمكنك تقديم مساهمتك الفكرية لشخص آخر، سيكون ذلك أمرا غير محمود لفيليب إذا وافق بلا خجل على نشر الكتاب دون توقيعك".
وحسب مؤلف الكتاب بنيامين موسر، والذي سبق له نشر السيرة الذاتية للكاتبة "كلاريس ليسبكتور"، أرسل فيليب ريف إلى سونتاج نسخة من الكتاب بعد 40 عاما من نشره، مصحوبة بإهداء: "سوزان، حب حياتي، والدة ابني، وشريكي في تأليف هذا الكتاب.. سامحيني، فليب ريف".
وقال موسر في تصريح لجريدة الجارديان الإنجليزية: "ترددت شائعات منذ فترة طويلة أن سوزان هي المؤلف الحقيقي لكتاب زوجها (فرويد: عقل الأخلاق)، لكنها لم تصمد أمام صعوبة إثبات أن شابة في العشرين يمكن أن تنجز هذا العمل الصعب، وكان من غير المعقول أن تكون هي صاحبة هذا الكتاب المتطور، ولكن خلال بحثي اكتشفت أنها بالفعل كتبت هذا الكتاب، ووافقت على التنازل عن حقوق التأليف مقابل حضانة ابنها (ديفيد) إثر خلافات مع زوجها، انتهت بوقوع الطلاق وحسب شهادات الأصدقاء، فقد كانت تضحية بالدم".
حظي كتاب "فرويد: عقل الأخلاق" بترحيب كبير وردود فعل واسعة عندما نشر لأول مرة، ووصفته صحيفة الجارديان بأنه "كتاب يستحق الإشادة والاحتفاء إذ يظهر قيمة فرويد الثقافية، ومساهمته القيمة للعلوم الإنسانية"، فيما كتبت مجلة أخري: "دراسة ريف حول فرويد تملأ صفحاته العلمية بالكنوز التي لا تنسى".
عقب طلاقها من ريف، بدأت سونتاج حياتها المهنية ونشرت أول كتبها بعنوان "ضد التأويل" ويضم عددا من المقالات ونشر عام 1966، وتبعه كتاب "أنماط الإرداة الراديكالية" في 1969.
وتضيف السيرة الذاتية أن بصمات سونتاج والموضوعات التي ترتبط بمسارها الفكري كانت واضحة في الكتاب.
ويقول ناشر الكتاب آلان لين، إن الكتاب اعتمد على مئات اللقاءات مع أشخاص عرفوا الروائية الأمريكية جيداً، بما فيهم المصور آني ليبوفيتز، الممثل والمذيع والكاتب الإنجليزي ستيفن فراي الذي قال عن الكتاب: "إنه سيرة ضخمة تكشف عن قصة طريفة وبسيطة، وغير آمنة، وتفانٍ لإحدى أهم الشخصيات الأدبية البارزة التي ظهرت في أمريكا في القرن العشرين".