تركيا "المعاقَبة" تعود للمفاوضات على ثروات شرق المتوسط
لأول مرة منذ 2016، سيلتقي دبلوماسيون أتراك ويونانيون في إسطنبول خلال وقت لاحق اليوم الإثنين، لمحاولة تسوية الخلافات حول الحدود البحرية.
المباحثات التي تأتي تحت ضغط من الاتحاد الأوروبي تجاه تركيا التي كانت قريبة جدا من وقوعها تحت عقوبات حادة من دول التكتل، بسبب تدخلاتها في منطقة شرق المتوسط، واختراقها لحدود بلدان مثل اليونان وقبرص.
ومن المحتمل أن يؤدي تجديد التوترات مرة أخرى حال فشل محادثات اليوم، إلى فرض عقوبات أشد صرامة على تركيا بسبب سعيها أحادي الجانب، للاستيلاء على احتياطيات الطاقة في المياه المتنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط.
وتدخل أنقرة وأثينا في مواجهة حول التفسيرات المتضاربة للحدود البحرية؛ إذ أدت المطالبات المتنافسة بالسيادة على المياه بين البلدين التي قد تكون غنية باحتياطيات الهيدروكربونات، إلى مواجهة بحرية بين اليونان وتركيا في الصيف.
- أطماع أردوغان في ثروات المتوسط تضع تركيا تحت مقصلة أوروبا.. أسبوع صعب
- ثمن "عربدة" شرق المتوسط.. أوروبا تضع اقتصاد تركيا على المحك
وتقول اليونان إن المحادثات التي تبدأ اليوم، هي مناقشات غير ملزمة وسرية وليست مفاوضات؛ حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية اليونانية، الخميس، إن الهدف هو استكشاف "نقاط التقاء" للمفاوضات المستقبلية المحتملة لترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وتقول قبرص واليونان، إن مزاعم تركيا البحرية تنتهك سيادتها وتطالب الاتحاد الأوروبي مرارا وتكرارا بفرض عقوبات اقتصادية كاسحة؛ فيما تعهد الاتحاد الأوروبي بتوسيع قائمة عقوبات على تركيا في إطار تحذيرات بعدم إفشال المفاوضات.
وخفف أردوغان في الأشهر الأخيرة لهجته الخطابية المواجهة، تجاه الكتلة المكونة من 27 دولة، قائلاً إن بلاده تريد فصلا جديدا في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. كما أمرت حكومته سفينة استكشاف الطاقة بحصر عملها في منطقة بعيدة عن الجزر اليونانية.
** ثروات هائلة
ويمتد البحر الأبيض المتوسط على مساحات واسعة من حقول الغاز الطبيعي، خاصة في منطقته الشرقية (مصر، إسرائيل، فلسطين، قبرص، اليونان)، بينما تركيا التي تدعي أنها مظلومة، لعدم وجود اكتشافات في مياهها الإقليمية، تحاول السطو على حقول دول الجوار.
ومنذ 2019، اشتد الصراع التركي مع دول الجوار خاصة اليونان وقبرص، للسيطرة على مياه إقليمية موضع خلاف دولي، بهدف تحويلها إلى مناطق امتياز تركية، يرجح أنها تحوي كميات من الغاز الطبيعي، الذي تحتاجه تركيا.
وتشير بيانات هيئة الإحصاءات التركية في 2019، إلى أن عجز الطاقة في تركيا بلغ أكثر من 41 مليار دولار، وهو رقم ترى أنقرة أنه يمكن توفيره حال السيطرة بشكل غير مباشر على صناعة النفط الحالية والمتوقعة لليبيا.
وللعودة إلى الخلف، فإن فلسطين وبالتحديد حقل غزة مارين، كان أول حقل غاز مكتشف في منطقة شرق المتوسط، تبعته تواليا اكتشافات تتضمن احتياطيات تجارية إسرائيلية ومصرية، جعلت من الحوض، من أبرز مناطق الغاز في العالم.
تشير بيانات منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية، أن منطقة الشرق الأوسط (بما فيها دول الخليج)، تحوي على قرابة نصف احتياطي النفط المؤكد في العالم، وأكثر من ثلث (40%) من احتياطي الغاز الطبيعي.
وتقدم "العين الإخبارية" أبرز الحقول المكتشفة والجهود بحثا عن الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط:
- حقل غزة مارين:
اكتشف حقل غزة مارين الواقع قبالة سواحل قطاع غزة (شرق البحر المتوسط)، بنهاية تسعينات القرن الماضي، كأول حقل مكتشف من المنطقة الشرقية باحتياطي 30 مليار متر مكعب، لكنه حتى اليوم غير مستغل بسبب خلافات إسرائيلية فلسطينية.
- حقل تمار:
هو حقل إسرائيلي يقع شمال حقل غزة مارين، وهو حقل اكتشف في الفترة بين 2008 - 2009، إذ تبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي فيه، نحو 280 مليار متر مكعب.
- حقل ليفثيان:
هو حقل إسرائيلي أيضا، يعتبر أحد أكبر الحقول في منطقة شرق البحر المتوسط، تم اكتشافه عام 2010، إذ تبلغ كمية الاحتياطي المقدرة فيه، نحو 620 مليار متر مكعب، بحسب بيانات الشركة.
- حقول تانين وكاريش ورويي:
ثلاثة حقول إسرائيلية صغيرة اكتشفت في الفترة بين 2012 و2014، لا يزيد إجمالي احتياطياتها على 180 مليار متر مكعب.
- حقل أفروديت:
هو حقل قبرصي اكتشفت عام 2011 بإجمالي احتياطيات تبلغ 140 مليار متر مكعب، في وقت تأمل فيه البلاد من العثور على اكتشافات أخرى في مياهها الإقليمية ومياه أخرى موضع خلاف دولي مع تركيا.
- حقل ظهر:
هو أكبر حقل مكتشف في منطقة شرق المتوسط حتى الآن، اكتشف عام 2015، بإجمالي احتياطيات تبلغ 850 مليار متر مكعب، ويعمل حاليا بكامل طاقته الإنتاجية، ويعد من أبرز مصادر الطاقة المصرية.
- محاولات لبنانية:
بدأ لبنان خلال وقت سابق من العام الماضي، تنفيذ عمليات حفر أول بئر للتنقيب عن الطاقة في المياه الإقليمية على البحر المتوسط، وبالتحديد في "بلوك رقم 4" قبالة شمال غرب العاصمة بيروت.
وفي 2018، وقعت الحكومة للمرة الأولى عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي "توتال" الفرنسية، و"إيني" الإيطالية، و"نوفاتيك" الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في هاتين الرقعتين.
ويخوض لبنان نزاعا مع إسرائيل على منطقة في البحر المتوسط، تبلغ نحو 860 كم مربع، تعرف بالمنطقة رقم 9 الغنية بالنفط والغاز، وأعلنت بيروت في يناير/كانون الثاني 2016، إطلاق أول جولة تراخيص للتنقيب فيها.