أردوغان يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر نشر آلاف المقاتلين الأتراك وإرسالهم إلى إدلب، صحيح وقع تقدم بسيط لكن بنفس الوقت تعرض لخسائر كبيرة
لقد كشفت لنا الأيام الماضية استمرار الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي لخطط أردوغان، إذ ما يحصل حاليا تخبط غير مسبوق في قرارات أردوغان، وسوف أشرح ذلك بالتفصيل.
عندما بدأ التدخل السافر الذي قام به أردوغان عبر الاعتداء على الأراضي السورية سابقا تمكن من الضحك على قادة المعارضة، وأصبح هو من يتفاوض مع روسيا وإيران، وحقق أردوغان في سبيل ذلك مكاسب اقتصادية خاصة بعد توطيد علاقته مع روسيا وإيران، إذ تمكن أردوغان من توقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في أستانة فيما يخص إدلب، وتوقع أردوغان أنه بذلك يمسك العصا من المنتصف بكسب ورقة المفاوضات في إدلب.
وأيضا يريد أن تبقى علاقته قوية مع روسيا وإيران، وأيضا توقع أن عمل اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب أن يزيد من أطماعه أكثر في الاستجابة لحكومة السراج الإخوانية بإرسال آلاف المقاتلين إلى ليبيا، وفعلا أرسل أردوغان قوات إلى ليبيا، لكن بدلا من إرسال قوات تركية نجد أردوغان أرسل قوات جلّها من المقاتلين السوريين الذين يتحكم بهم أردوغان بشكل كبير.
فورا استغلت الحكومة السورية وروسيا نقل أردوغان آلافا من المقاتلين السوريين المرتزقة إلى ليبيا، فشن الجيش السوري هجومه في إدلب واخترق اتفاق إطلاق النار وسيطر الجيش السوري وروسيا على أماكن شاسعة في إدلب وحلب، عندها اكتشف أردوغان أن روسيا خدعته؛ لذلك بات يهدد ويتوعد روسيا، خاصة بعد فشل خطته بالتوغل بشكل كبير في داخل الأراضي السورية بشكل يعتبر خرقا لميثاق القانون الدولي بالاعتداء على دولة مجاورة من أجل إرجاع مئات آلاف اللاجئين السوريين في تركيا، والذي حدث في إدلب وحلب مؤخرا زيادة في دخول مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى تركيا نازحين من إدلب وحلب.
حاول أردوغان إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر نشر آلاف المقاتلين الأتراك وإرسالهم إلى إدلب، صحيح وقع تقدم بسيط لكن في الوقت نفسه تعرضت القوات التركية لأكبر خسارة عسكرية؛ إذ استهدف الجيش السوري وروسيا عبر غارات جوية تمركز القوات التركية، مما نتج عنه وقوع عشرات القتلى الأتراك
حاول أردوغان إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر نشر آلاف المقاتلين الأتراك وإرسالهم إلى إدلب، صحيح وقع تقدم بسيط لكن في الوقت نفسه تعرضت القوات التركية لأكبر خسارة عسكرية؛ إذ استهدف الجيش السوري وروسيا عبر غارات جوية تمركز القوات التركية، مما نتج عنه وقوع عشرات القتلى الأتراك، هنا طلب أردوغان هذه المرة تدخل أوروبا وأمريكا واجتماعا طارئا لحلف الناتو، وطلب من أمريكا نشر بطاريات باتريوت!!
وبعد أن تأكد أردوغان أن لا أوروبا ولا أمريكا قامت بدعمه، بسبب أن أردوغان وسياسته المتقلبة ومواقفه ضد الأكراد جعلته شخصا غير مرغوب فيه، هنا جنّ جنون أردوغان وقام بالسماح للاجئين السوريين بمئات آلاف بفتح الطريق للدخول إلى أوروبا عبر اليونان، في أكبر عملية ابتزاز سياسي يقوم بها أردوغان ضد أوروبا.
أدرك أردوغان أنه لن تقف معه أوروبا وحتى الموقف الأمريكي الرسمي، صحيح يقف مع تركيا بالتصريح، لكن في الوقت نفسه لا يوجد شيء ملموس، عندها قرر أردوغان مرة أخرى الرضوخ لروسيا بشكل أشبه بالاستسلام، مما تسبب ذلك بموجة غضب عارمة غير مسبوقة داخل البرلمان التركي، وصلت إلى قيام أعضاء بالهجوم والتلفظ على أردوغان ومهاجمته بشكل قوي.
حتى رئيس المعارضة التركية هاجم بشدة أردوغان، وقال: لقد رد أردوغان على الضربات الروسية ومقتل عشرات من جنودنا الأتراك عبر الرضوخ والركوع للرئيس الروسي بوتين!!
في الوقت نفسه، لم تقتصر الخسائر العسكرية التركية في إدلب، بل أيضا تعرضت سفينة تركية تنقل سلاحا إلى ليبيا لاستهداف من قبل الجيش الليبي البطل، نتج عنه قتلى عسكريون أتراك، واعترف أردوغان بوقوع قتلى لجنوده في ليبيا.
حتى على الصعيد الاقتصادي، سجلت جميع الأرقام الاقتصادية تراجعا كبيرا بالاقتصاد التركي، وسجلت الليرة التركية أقل نقطة منذ أكثر من عام ونصف عام، بالقرب من 6.3 لكل دولار.
ماذا نستنتج من هذا السرد؟
خسائر بالجملة لحقت بتركيا:
أولا: خسائر عسكرية تكبدتها تركيا في سوريا وليبيا.
ثانيا: فقد أردوغان ثقته أمام المقاتلين السوريين الذين كان يرعاهم، إذ خذلهم وتركهم في إدلب.
ثالثا: كشف للعالم الحلف الهش الذي يربط أردوغان مع روسيا وإيران، إذ انتصر بوتين وعرف كيف يتعامل مع المتقلب أردوغان.
رابعا: خسائر اقتصادية وهبوط الليرة.
خامسا: انقسامات كبيرة داخل البرلمان التركي، وصل لحد التشابك بالأيدي نتيجة فشل سياسة أردوغان.
باختصار أعيد وأكرر مقولتي: لقد خسر أردوغان الشرق والغرب، وفقد الثقة حتى من حلفائه الجدد، وأصبح يتخبط في قراراته بشكل كبير.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة