نهاية بوتين.. أم مولد نظام عالمي جديد؟
على حافة العالم باتت معركة واضحة بين معسكرين متواجهين أحدهما يمكن وصفه بـ"الشرقي" تتزعمه روسيا بدعم خجول من التنين الصيني وصريح من حلفائها "السوفيتيين" السابقين "الشيشان وبيلاروسيا".
معسكر آخر على الطرف المقابل من العالم يمكن وصفه بـ"الغربي" تتزعمه الولايات المتحدة والتكتل الأوروبي وآخرون تكاد هيبته تترنح أمام الإصرار الروسي الذي كان منطلقه اعتراف بوتين الإثنين الماضي باستقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليين في شرق أوكرانيا كجمهوريتين مستقلتين وهو كان بمثابة الشرارة أو الإذن ببدء عملية عسكرية روسية على الأراضي الأوكرانية.
أربعة أيام مرت، ولا تزال أوكرانيا تقاوم الدب الروسي على نحو غير متوقع وصل إلى حد اعتراف موسكو بأسر جنود روس، لم تكن كافيه لإنهاء ما بدأه الرئيس فلاديمير بوتين؛ ثعلب المخابرات السوفيتية السابق وأطول رئيس حكم روسيا (أربع ولايات).
الصراع الحالي يبدو مختلفا في كل الأحوال عن أي صراع شهده العالم حتى خلال الحربين العالميتين: من حيث أطراف الصراع وطريقة إدارة الصراع وما يبدو عليه الغرب من "عقلانية" تضغط بشتى السبل والإمكانيات لكنها لا تلوح أبدا بحرب ستكون كونية لا يعرف أحد مداها وعواقبها.
أما النظام العالمي الجديد الذي قد يفرزه الصراع وتحسمه معركة الإرادات فهو تراجع المعسكر الشرقي عما بدأه وساعتها ربما سيكون العالم؛ "مرتعا" أمام تمدد حلف شمال الأطلسي ليكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة على الكوكب؛ وما قد يستتبعه ذلك من نهاية حقبة بوتين وتفشي روح الوطنية والاستقلالية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي؛ ناهيك عما قد يشهده الداخل الروسي من تقلبات.
أما انتصار إرادة المعسكر الشرقي فتعني أنه فرض إرادته أو بالأحرى قراره على العالم وسيكون لذلك تأثيراته في تحجيم توسع الناتو، ووضع حدود لانتشاره وفقا لتنسيق أو شروط من الجانب الروسي.
ليس هذا فقط؛ فالنظام الجديد الذي سيخلفه الصراع الحالي سيكون له تأثيراته وتداعياته الأهم على الاقتصاد والطاقة وسبل نقلها وعلى رأسها الغاز، وبناء شكل جديد من التحالفات الاقتصادية العالمية وتكون موسكو فيه أبطلت نظرية العقوبات الاقتصادية كوسيلة للضغط أو التغيير
وعلى المستوى الجيوسياسي سيعيد العالم ترتيب وإعادة صياغة نظرياته السياسية وفقا لعودة معسكري الحرب الباردة وحروب الردع وتوازن الردع النووي وحروب الجيل الخامس ووضع خريطة اللاعبين الأقوى تأثيرا على العالم.
عاش العالم على مدار أسابيع أوقاتا صعبة يحبس فيها الأنفاس وقد يستمر أياما أخرى يلهث وراء من المنتصر وأي إرادة ستفرض سيطرتها ولكن سيبقى خارج المجددين التقليديين فائز ومنهزم هناك حلول وسط تسعى لعودة الهدوء للعالم والخروج بأقل الخسائر بما يحفظ السلم والأمن الدوليين.