انسحاب روسيا من خيرسون.. هل يمثل فرصة لمحادثات السلام؟
بناء على نصيحة قائد المجموعة المشتركة في منطقة العمليات العسكرية الروسية الخاصة سيرجي سوروفيكين، أمر وزير الدفاع سيرجي شويجو بسحب القوات من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو في خيرسون الاستراتيجية.
وكانت هناك توقعات في وقت سابق بالانسحاب الروسي بناء على تقييم يفيد بأن خطوط الإمداد الروسية كانت ممتدة للغاية وعرضة لدعم التشكيلات الروسية الكبيرة على الجانب الأيمن من دنيبرو.
وكانت أوكرانيا تهاجم باستمرار الجسور الممتدة على نهر دنيبرو باستخدام صواريخ هيمارس منذ سبتمبر/أيلول، مما أعاق بشدة قدرة روسيا على مواصلة تزويد قواتها بالضفة اليمنى بالوقود والذخيرة والحصص التموينية، بحسب تحليل لموقع "أوراسيان تايمز" الإخباري.
وأخبر الجنرال سوروفيكين وزير الدفاع شويجو أن حوالي 80 إلى 90% من الصواريخ التي استهدفت خطوط الإمدادات الروسية دمرتها الوحدات الروسية، غير أن الصواريخ التي تمر تجبر المهندسين العسكريين على استعادة المعابر بشكل شبه يومي.
وقال قائد المجموعة المشتركة: "في ظل هذه الظروف، لا يمكن إمداد مدينة خيرسون والمستوطنات المحيطة وأن تعمل بشكل كامل"، مستشهدا بخطر تدمير محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية، التي تتعرض لهجمات صاروخية مستمرة، لكن في حال وقوع اختراق قد يغرق ذلك المناطق أسفل المجرى، مما سيسفر عن "خسائر هائلة بين المدنيين"، ويؤدي إلى عزل تام لمجموعة القوات بالضفة اليمنى.
قرار عسكري صائب
واعتبر التحليل أن القرار الروسي بالانسحاب من الضفة اليمنى للنهر قرارا عسكريا صائبا سينهي استغلال أوكرانيا المستمر للأفضلية الجغرافية التي تستنزف القوات الروسية.
ويعتبر أيضا قرارا يعطي للسلام فرصة، كما قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، حيث أوضح أن الروس قد يستخدمون الانسحاب لإعادة تجهيز القوات لهجوم الربيع "لكن هناك أيضا فرصة هنا، نافذة فرصة للتفاوض".
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، شجعت الولايات المتحدة أوكرانيا على استخدام الانسحاب الروسي من خيرسون كانطلاقة لإعادة بدء المفاوضات مع موسكو وذلك في وقت يجتمع فيه قادة العالم من محادثات مجموعة العشرين الأسبوع المقبل.
وقال الجنرال مارك ميلي إن اجتماع مجموعة العشرين "فرصة" للقادة لمناقشة كيفية وضع نهاية للقتال، لكن لن يحضر الرئيس فلاديمير بوتين الاجتماع في إندونيسيا، على أن تحضر روسيا اجتماع القمة بوفد يرأسه وزير الخارجية سيرجي لافروف.
وعلى الرغم من تعليقات ميلي، أصر البيت الأبيض على أن الحكومة الأوكرانية صاحبة القرار في توقيت وكيفية التفاوض.
ولم تكن السيطرة على منطقة خيرسون هدفا روسيا معلنا، غير أن تأمين الممر البري إلى شبه جزيرة القرم يمكن اعتباره هدفا ضمنيا.
لكن رأى التحليل أن قرار القيادة العسكرية الروسية بإرسال القوات عبر نهر دنيبرو بدون استراتيجية مدروسة جيدا لحماية خطوط الإمداد كان تخبطا استراتيجيا، كما أن الاعتماد على مسارات الإمداد التي تمتد عبر جسور يسهل استهدافها أمر غير منطقي.
وعندما أعلنت الولايات المتحدة، في أغسطس/آب عام 2022، أنها ستزود القوات الأوكرانية بأنظمة هيمارس، أصبح من غير الممكن مواصلة سيطرة القوات الروسية على الضفة اليمنى.
وللأسف، حتى بهذه المرحلة، لم تتمكن القيادة العسكرية من قراءة التحذيرات من الفشل. وربما تمسكت القيادة العسكرية الروسية بخيرسون ومناطق أخرى على الضفة اليمنى لدنيبرو لإبقاء الخيارات مفتوحة أمامها من أجل شن هجوم على أوديسا لمنع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود، وربما إنشاء ممر بري لمنطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا، حيث تمتلك روسيا قاعدة عسكرية كبيرة.
مفاوضات سلام؟
ووفق محللين فإن القرار الروسي بالانسحاب من خيرسون سيجعل أوكرانيا أقل قابلية للسلام بهذه المرحلة، إلا أنه مع ضغوط الولايات المتحدة وحث القيادة الأوكرانية على محادثات السلام قد يكون ذلك مؤشرا إيجابيا، ويتكهن البعض أن الانسحاب من خيرسون يمكن أن يكون مقدمة تفاوضية لوقف إطلاق النار.
aXA6IDE4LjE5MS4yNy43OCA= جزيرة ام اند امز