احذر من أن تتفوه بشيء من لغتك أمام بوتين فقد يعلم ما تقول".. قصة صعود يكتنفها الكثير من الإثارة، لواحد من أكثر القادة أهمية في التاريخ الحديث، ليس هذا فحسب بل إنه كذلك بطل رياضي يعشق فنون القتال والمغامرات، كانت بدايته من الظل عميلا للمخابرات الروسية.
زعيم سياسي أعاد لبلاده الكثير من قوتها الدولية، طموحه السياسي أربك المشهد العالمي، قدم صورة جديدة لروسيا ذلك البلد الذي كان يرزح تحت وطأة المشكلات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن المنصرم.
فما قصة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟
بدايات صعبة
ولد فلاديمير بوتين في 7 من أكتوبر عام1952 في لينينجراد التي تحولت إلى سانت بطرسبورج لاحقا، عاش حياة فقيرة مع جيرانه في منزل مشترك تنتشر فيه القوارض التي كان يطاردها ويقتلها الطفل الصغير.
عمل جده طباخا للزعيمين السوفيتيين لينين وستالين، والعديد من مشاهير الاتحاد السوفيتي حتى وفاته عام 1965، اجتهد الشاب الفقير وتخرج في كلية الحقوق عام 1975 متخصصا في العلاقات الدولية، وحصل بعدها على الدكتوراه في فلسفة الاقتصاد.
اهتم في شبابه كثيرا بفنون الدفاع عن النفس، في عام 1973 أصبح أستاذا في لعبة السامبو التي تعد من فنون الدفاع عن النفس الروسية، وتحول بعدها إلى لعبة الجودو التي حصل فيها على الحزام الأسود، ولكنه لم يتوقف هنا، بل قام بإنتاج وتقديم فيديوهات لتعلم فنون القتال بمشاركة أبطال آخرين.
أسرة بوتين
عام 1980 التقى بوتين مضيفة طيران تدعى بليودميلا وتزوجا فيما بعد عام 1983 وأنجبا ابنتين، هما ماريا وكاترينا، في يونيو من عام 2013 أي بعد ٣ عقود من الزواج أعلن الزوجان اعتزامهما الانفصال وقدما لذلك تفسيرات مقتضبة، إلا أنهما أكدا أن القرار اتخذ من كلا الطرفين بالتراضي.
صعود للقمة
بين عامي 1985 و1990 عمل بوتين عضوا في الاستخبارات السوفيتية (كي جي بي) في ألمانيا الشرقية، ثم عاد إلى بلاده وشغل منصب مساعد رئيس جامعة سانت بطرسبورج للشؤون الخارجية.
في بداية عام 1991 ترأس بوتين لجنة الاتصالات الخارجية في بلدية سانت بطرسبورج، وأصبح فيما بعد نائب مدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية 1996.
واصل الصعود في أجهزة الدولة الروسية، فأصبح نائب مدير ديوان الرئيس عام1997، ثم مديرا لجهاز الأمن الفيدرالي.
جاء عام 1999 ليتولى بوتين مهام رئاسة روسيا الاتحادية بالوكالة بعد تنحي الرئيس وقتها بوريس يلتسن، وفاز بانتخابات الرئاسة عام 2000 بنسبة أصوات 53%.
قدم وعودا بإعادة بناء وتعمير روسيا وعمل على إنهاء الفساد، وإيجاد اقتصاد سوق قوي ومنظم، فترتان رئاسيتان قضاهما، ودستوريا لن يسمح له بتولي زمام الأمور مرة أخرى، فماذا فعل؟
تبادل الأدوار مع ديمتري مدفيديف الذي نجح في انتخابات الرئاسة، ليعود بوتين رئيسا للوزراء، ومن ثم استمر قابضا على السلطة ليعود إليها مرة أخرى بفوزه في 2012 بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 63.6% من أصوات الناخبين، وسط احتجاج من المعارضة وبعض المنظمات الدولية التي رأت أن الانتخابات شابها خروق.
فاز مرة أخرى في 2018 بولاية رابعة مدتها 6 سنوات، بأكثر من 70% من الأصوات وبفوزه أصبح بوتين -بحسب وكالة رويترز- ثاني أطول زعماء الكرملين بقاء في السلطة بعد جوزيف ستالين.
لغات فلاديمير بوتين
قالوا عنه في روسيا "احذر من أن تتفوه بشيء من لغتك أمام بوتين، فقد يعلم ما تقول"، يجيد الرئيس الروسي التحدث بـ7 لغات ليكون الزعيم الوحيد في العالم القادر على ذلك، يتقن اللغة الألمانية بجدارة وقد أثار إعجاب وفد ألماني خلال مؤتمر صحفي في روسيا، حيث تحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالألمانية، فيما قام بوتين بعملية الترجمة للحاضرين.
ظهر بوتين في لقطات تلفزيونية متحدثا بكلمات ارتجالية من الفرنسية وغنى بالإنجليزية وعدة لغات مختلفة، ويتحدث الأوكرانية والبولندية، وملم باللغة الأرمينية.
قوة عسكرية كبرى
تشير الإحصائيات إلى أن بوتين استطاع خلال فترة حكمه أن يبني جيشا عصريا، يختلف كثيرا عن الجيش المتهالك الذي ورثه من حقبة الحكم السوفيتي.
أضف إلى ذلك، أدخل روسيا في سباق تسلح ضخم وتطوير أنظمة دفاع جوي فائقة القوة بشكل أغرى دولا أخرى لاقتنائها على غرار "إس 300" و"إس 400".
بلغت ميزانية الدفاع الروسية لعام 2021 نحو 42 مليار دولار، حسب موقع "غلوبال فاير باور" العسكري، الذي أشار إلى أن الجيش الروسي ثاني أقوى جيش في العالم بعد الولايات المتحدة.
نهاية الطموح
شخصية بوتين "ليست سهلة" استطاع ترتيب ملفات شائكة في روسيا على الصعيدين الداخلي والخارجي منذ تسلمه السلطة وامتلك مهارة اللعب على حافة الهاوية لكنه الآن في مواجهة أوكرانيا أمام امتحان صعب فتداعيات الحرب إن اشتعلت ستكون كارثية على بلاده.
الحرب يريدها الغرب أكثر من روسيا نفسها هم يريدون جر بوتين إلى هذا المستنقع من أجل نقل الأزمة إلى داخل روسيا ومحيطها والعقوبات الاقتصادية التي ستواجهها روسيا إذا غزت أوكرانيا ستعيد روسيا سنوات إلى الوراء.
في النهاية بقراءة دقيقة ومتابعة لتاريخ فلاديمير بوتين نجد أن طموح الرجل السياسي أكبر من مجرد قيادة روسيا، بل إنه ربما يسعى لقيادة العالم ولكن هل يتحقق ذلك؟