تهديد بوتين بالحرب النووية.. ابتزاز سياسي أم إنقاذ سمعة؟
وجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه في موقف صعب بعد الانتصارات التي حققتها القوات الأوكرانية، فهل يلجأ لحرب نووية أم يعترف بالهزيمة؟
بعد مرور سبعة أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا، تقدمت القوات الأوكرانية لأول مرة وطردت القوات الروسية من منطقة خاركيف، إلى جانب اختراقات أخرى في منطقتي لوهانسك وخيرسون.
وبحسب تحليل نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الأربعاء، فمن المحتمل أن تفقد روسيا الأراضي التي سيطرت عليها منذ 2014 إذا لم تتمكن القوات من وقف الهجوم الأوكراني المضاد.
وترى الصحيفة أن تهديد بوتين بإجراء استفتاء في مناطق دونيتسك، ولوهانسك، وزابوريجيا، وخيرسون، للانضمام إلى روسيا، يأتي كمناورة لتجنب الإحراج أمام شعبه.
وأضافت أن الزعيم الروسي سيحول "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا إلى حرب دفاعية، مما يفتح الباب أمام احتمال إعلان التعبئة الكاملة، والاستعداد لحرب أوسع، ربما تصل إلى حد استخدام الأسلحة النووية.
وقالت مارغريتا سيمونيان رئيس تحرير شبكة "آر تي" المملوكة للدولة الروسية: "إذا حكمنا من خلال ما يحدث وما سيحدث، يمثل هذا الأسبوع إما عتبة انتصارنا الوشيك، أو عتبة حرب نووية.. لا يمكنني رؤية خيار ثالث."
من جهته، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا "أوكرانيا لديها كل الحق لتحرير أراضيها وستواصل تحريره بغض النظر عما تقوله روسيا".
لكن منذ فبراير/شباط، أصبح واضحا أن قلة يفهمون بالفعل عمق هوس الكرملين تجاه أوكرانيا أو استعداداتها.
وتؤكد "الجارديان" أن استراتيجية الكرملين محفوفة بالمخاطر، حيث إن عمليات ضم جديدة قد تقوض السيطرة الروسية على أراضي مثل القرم، ومن ثم مطالبة الغرب باستعادة الأراضي التي ضمتها روسيا رسميا.
إنذار أخير أم إنقاذ سمعة؟
وحول ما إذا كان تهديد بوتين الأخير بإجراء استفتاء على ضم مناطق من أوكرانيا يعتبر إنذارا يستهدف منع الهزيمة، يقول المحلل السياسي الروسي، ألكسندر باونوف: "يتم اتخاذ الإجراءات الروسية إما لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، أو لإلقاء اللوم على الآخرين، وتحويل الهجوم الروسي على دولة مجاورة إلى حرب دفاعية."وأضاف "تأمل موسكو أن يجعل هذا الفارق الصراع أكثر مشروعية في عيون الروس العاديين، مما يترك للكرملين مطلق الحرية في اتخاذ أي قرارات وتدابير يعتبرها ضرورية".
وفي سياق متصل، ترى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن الهجوم المضاد الأوكراني الناجح، يعني أنه - للمرة الأولى على الإطلاق خلال 22 عاما -على بوتين مواجهة النخبة التي لا تتفق معه بشأن الحرب في أوكرانيا، وتقديم إجابات حول كيف لها أن تنتهي.
وحول ما إذا كانت تصريحات بوتين غرضها ابتزاز الغرب سياسيا، قال الرئيس الروسي "أود التذكير بأن بلادنا كذلك تملك أسلحة دمار شامل وفي بعض أجزائها أكثر تطورا من نظيراتها لدى دول "الناتو".
وأكد بوتين في خطابه اليوم عزم بلاده استخدام الأسلحة النووية عند الضرورة، قائلا "أمام أي تهديدات لوحدة أراضينا أو سيادتنا نحن قادرون على استخدام هذه الأسلحة فعليا. هذه ليست مناورة".
مخاطرة كبيرة
وبحسب تحليل للمجلة، فإن بوتين أقدم على مخاطرة كبيرة سياسيا، ليس فقط لأنه شن الحرب بدون أي مناقشات داخلية، لكن أيضًا بدون حتى إبلاغ اللاعبين الرئيسيين، ومع شن أوكرانيا هجومها المضاد وتراجع روسيا، تتزايد التساؤلات بشأن جدوى قرارات بوتين.وحال فشل الرئيس الروسي في إقناع النخبة بأنه لايزال قائدا قويا يعي إلى أين يأخذ البلاد، قد تصبح حالة عدم اليقين، تهديد سياسي كبير أمام نظام بوتين، بحسب الصحيفة.
وأضافت: "يظل التيار السياسي السائد في روسيا معاديًا للغرب والليبرالية بشكل كبير، ولا يعتبر أوكرانيا دولة كاملة، ويحلم بزعزعة النظام العالمي؛ انتقامًا لـ30 عامًا من الغطرسة الغربية"، مضيفة أن معظم النخب تؤمن بأن روسيا لم يكن أمامها خيار آخر سوى الإقدام على فعل أمر كارثي من شأنه تدمير النظام الحالي وتقديم فرصة لإعادة بنائه في ظروف أكثر عدالة، ما يعني أن الحرب قد تكون كارثة، لكنها مبررة ومفهومة لدى هؤلاء.
مخاوف جدية
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مؤيدي بوتين تمنوا انتهاء الحرب بتحقيق انتصار روسي سريع، سواء باتفاق سلام مع أوكرانيا أو هزيمتها، لكن الأمور في سبتمبر/أيلول تغيرت، حيث أثار الهجوم المضاد الأوكراني الناجح على نحو غير متوقع، مخاوف جدية بين النخبة الروسية.ولم تركز تلك المخاوف على قدرة الجيش الروسي أو قوته العسكرية، بل على بوتين وقدرته على السيطرة على الوضع. وتزايدت تلك المخاوف، مع وجود أسئلة متزايدة بدون إجابات.
وأشار التحليل إلى أن تنامي حالة عدم اليقين والقلق والمخاوف من احتمال خسارة روسيا للحرب سيدفع النخبة للتصرف بشكل مستقل وأكثر جرأة ضد أعدائهم، لافتا إلى أن خفوت نجم بوتين السياسي هو أكبر تهديد على النظام – أكثر خطورة من أي معارضة محتملة أو احتجاجات جماهيرية حاشدة.