بوتين في "يوم النصر".. "واقعية سياسية" وخطاب خارج التوقعات
"خطاب خارج التوقعات، يحمل رسائل استراتيجية".. هكذا قرأ خبراء خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بذكرى النصر على ألمانيا النازية.
الخبراء أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن "خطاب بوتين، في الذكري 77 للانتصار على ألمانيا النازية، حمل قدرا من الحكمة، والواقعية السياسية".
- بوتين مغطيا قدميه في يوم النصر.. هل يعاني باركنسون؟
- حاملا صورة والده المحارب.. بوتين يتقدم مسيرة "الفوج الخالد"
ودافع بوتين في كلمته بمناسبة الاحتفال، عن قراره بشن عمل عسكري في أوكرانيا قائلا إن الغرب كان يستعد لغزو أراضينا، لافتا إلى أن العملية العسكرية الخاصة كانت ضرورية وفي الوقت الملائم والقرار الصحيح الوحيد.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان يثير تهديدات على حدود بلاده، مؤكدا أن المتطوعين في دونباس والقوات الروسية يقاتلون من أجل وطنهم الأم، موضحا أن الغرب كانت لديه خطط أخرى غير الاستماع إلينا، ويحاول تشويه التاريخ.
حمل قدرا من الحكمة
وفي قراءته لفحوى الخطاب ورسائله، قال السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن كلمة بوتين لم تكن متوقعة بهذا الشكل، بعد أن حملت قدرا من الحكمة، والواقعية السياسية، وعدم التصعيد".
وأردف العرابي: "يشير فحوى خطاب الرئيس الروسي إلى قدر من الحكمة، بعد تهوره في العملية العسكرية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى شعور بوتين بمدى الخراب الذي أصاب العالم بسبب الحرب".
وتابع: "كما حملت الكلمة تهدئة، ومحاولة الحفاظ على ما أنجزه عسكريا بعد شعوره أنه حقق الإنجاز المطلوب في هذه المرحلة، ولا يحتاج لاستفزاز أحد، وفقا لوزير الخارجية الأسبق".
وحول مدى تأثير وانعكاس الخطاب على العملية العسكرية الروسية خلال الفترة المقبلة، قال العرابي: "من المتوقع أن ينحصر الهدف الروسي في السيطرة على شرق أوكرانيا، والاكتفاء بذلك، وعدم العمل على توسيع أمد الحرب.
"خارج جميع التوقعات"
كما وصف الخبير الأمني ومدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا، الدكتور جاسم محمد، خطاب بوتين بأنه "خارج جميع التوقعات".
وقال جاسم محمد، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "تقديرات المسؤولين الأوربيين والأمريكيين ذهبت إلى أن الخطاب سيحمل إعلان النصر في أوكرانيا، مع إطلاق تهديدات جديدة ضد الغرب، أو إعلان التعبئة العسكرية، لكنه جاء متزنا ومتحفظا بشكل كبير".
وتابع: "مفردات ورسائل الخطاب، أن الحرب في أوكرانيا للدفاع عن الأمة والوطن، وتمجيد للمحاربين القدامى، وأن الحرب ستحقق أهدافها بالانتصار على النازيين الجدد، ورفع بوتين لصور والده حين شارك في حرب سابقة".
واتفق الخبير وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، مع ما ذهب إليه سابقيه. وقال إن "خطاب بوتين خالف جميع التوقعات الغربية بإعلان النصر أو سحب قواته وغيرها من توقعات مرتبطة بالعملية العسكرية".
رسائل استراتيجية
وأكد فهمي في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن الرسائل الاستراتيجية تستبق الرسائل السياسية في خطاب الرئيس الروسي.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية: "يتبع الرئيس الروسي تكتيكا استراتيجيا، وممارسة الخداع على أعلى مستوى، بعد أن حقق جانب من أهدافه العسكرية التي يسعها لتحقيقها في أوكرانيا، معتبرا أن الحديث عن هزيمة روسيا (تقارير غربية مضللة)".
وأبرز فهمي أن "بوتين يتبع أفضل الطرق لتحقيق مكاسبه، حيث يسعى من خلال استمرار العملية العسكرية في أوكرانيا إلى العمل على إسقاط وإفشال منظومة العقوبات الغربية، والعمل على إطالة أمد المواجهة بما يقلل من شعبية الرئيس الأمريكي وممارسة ضغوط في هذا الاتجاه.
ويسعى بوتين أيضا، والحديث لفهمي، لاستكمال العملية العسكرية؛ من أجل تحقيق مكاسب وترتيبات أمنية في منطقة البلقان وشبه جزيرة القوقاز في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث لم يكن من المطلوب إنهاء العملية دون ترتيبات أمنية يدخلها الغرب.
كما لفت إلى نجاح روسيا في عدم انضمام أوكرانيا وغيرها لحلف الناتو، مشيرا إلى أنه لم يكن المطلوب احتلال أوكرانيا، أو إسقاط النظام وتدميره، بل استمرار الحرب بضعة أشهر أخرى لإنجاز مهامه العسكرية.
غير أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل لـ"العين الإخبارية" ذهب إلى أن "ما حدث اليوم في 9 مايو/أيار ليس محل مفاجأة، بل هو إجراء سياسي روتيني متوقع، ومن الطبيعي قيام بوتين خلاله بالإشادة بإنجازات وماضي الاتحاد السوفيتي".
إطالة أمد الحرب
ونبه إلى أن بوتين يريد إطالة أمد الحرب بعض الشيء لاستكمال تحقيق أهدافه العسكرية، لكنه قد ينهي الحرب في نهاية يونيو/حزيران المقبل، حتى لا تصبح الخسائر أكبر من نتائج الحرب حتى لو حققت روسيا انتصارا".
وأطلق بوتين في 24 فبراير/شباط الماضي عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا التي سعت إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وترى موسكو أن وصول الناتو إلى حدود روسيا الجنوبية أمر لا يمكن التسامح فيه.
وأثار القرار الروسي بالتدخل العسكري في أوكرانيا غضبا غربيا واسعا، وفرضت دول غربية متحالفة عقوبات هي الأكثر قسوة ضد موسكو وقياداتها.
ويدعم الحلف الغربي كييف بالسلاح ويقود حملة إعلامية ضد روسيا.