"واشنطن بوست": تحالف داعش والقاعدة بغرب أفريقيا ينذر بأزمة عالمية
الصحيفة الأمريكية حذرت من تجاوز التنظمين الإرهابيين خلافهما من أجل السيطرة على غرب أفريقيا، وعدته خطرا عالميا يلوح في الأفق
حذر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من أن تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين تجاوزا صراعهما للتركيز على السيطرة على مناطق شاسعة في غرب أفريقيا، ما ينذر بأزمة عالمية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين ومحليين مخاوفهم بشأن احتمال تحول التهديد الإقليمي لأزمة عالمية.
وأوضح التقرير أن هذه الجماعات المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة استخدمت تكتيكات متطورة خلال الأشهر الأخيرة، ونجحت في شن هجمات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وأشارت "واشنطن بوست" أن التنظيمين الإرهابيين بسطا سيطرتهما على عدد من القرى بصورة أثارت الدهشة، وفقا لمقابلات مع أكثر من 10 من كبار المسؤولين والقادة العسكريين من الولايات المتحدة وفرنسا وغرب أفريقيا.
وقال أحد المسؤولين لـ"واشنطن بوست" إن هذه الجماعات لم تعلن عن قيام "الخلافة"، حسب زعمهم، في غرب أفريقيا، خوفا من توجه الأنظار إليها، في محاولة لشراء الوقت للتدريب وجمع المزيد من العناصر والتخطيط لشن هجمات يمكن أن تبلغ بها في النهاية أهدافا عالمية.
ووفقا لتقرير أمريكي صدر هذا الشهر، يعتقد أن تحالفا من الموالين للقاعدة يُدعى "نصرة الإسلام والمسلمين" ويضم قرابة ألفي عنصر في غرب أفريقيا، فيما يضم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، الذي شن هجوم النيجر عام 2017 الذي أودى بحياة 4 جنود أمريكيين مئات الإرهابيين من شمال شرق مالي.
وقال اللواء إبراهيم فاني، الأمين العام لوزارة الدفاع في مالي، التي فقدت أكثر من 100 جندي في اشتباكات منذ أكتوبر/تشرين الأول "هذا السرطان سوف ينتشر خارج المنطقة ما لم نتعاون للقضاء عليه".
تأتي هذه التحذيرات في وقت يدرس فيه البنتاجون سحب قواته من غرب أفريقيا، حيث ينتشر نحو 1400 جندي يعملون في مجالات الدعم الاستخباراتي وتشغيل الطائرات بدون طيار، إلى جانب أشكال أخرى من المساعدة العسكرية.
كما يوجد نحو 4400 جندي أمريكي في شرق أفريقيا، حيث يقدم الجيش الأمريكي الاستشارات للقوات الأفريقية التي تقاتل حركة الشباب الإرهابية.
وحثت فرنسا، التي نشرت نحو 4500 جندي في غرب أفريقيا، ضمن العملية برخان التي أطلقتها عام 2014 الولايات المتحدة على الاستمرار في المعركة، كما سعت لتشكيل تحالف من القوى الأوروبية لتعزيز هذه القوات.
وتنشر الأمم المتحدة نحو 13000 من قوات حفظ السلام في مالي وحدها.
وتشير التقارير إلى أنه رغم العداء المرير بين تنظيمي القاعدة وداعش في سوريا واليمن لكن التحالفات في غرب أفريقيا أكثر قوة، وتعززها الروابط القبلية والاهتمامات العملية.
لكن هذه الشراكة لا تخلو من المنغصات، حيث ذكر مسؤول استخباراتي عربي، اشترط عدم ذكر اسمه، أن قادة القاعدة استشاطوا غضبا عندما علموا أن داعش يحاول ضم عناصر من مناطق تعتبرها القاعدة خاضعة لها.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بقلق بالغ منذ أمد تجاه إمكانية قيام تحالف بين أكثر المنظمات الإرهابية شهرة في العالم.
وتصاعدت هذه المخاوف خلال الأشهر التي تلت سقوط داعش في العراق وسوريا، في وقت تمر فيه الجماعتان بتغييرات في القيادة - مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش في غارة أمريكية في سوريا أواخر العام الماضي، ومعاناة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، 68 عاماً، من مشاكل صحية.
وذكر مسؤولون من غرب أفريقيا أن الجماعات في الساحل يعتقد أنها تتواصل مع نظرائها في الشرق الأوسط، لكن لا توجد أدلة بشأن تدفق العديد من المسلحين من سوريا والعراق إلى المنطقة.
وقال مسؤول بمكافحة الإرهاب في واشنطن أواخر العام الماضي إن الجماعات التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش شنت حملة منسقة على ما يبدو لعزل واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، عبر الاستيلاء بشكل دوري على الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة يقطنها 2.2 مليون نسمة. واشترط المسؤولون عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم تقييمات استخبارية حساسة.
وأشار المسؤول إلى أنها قصفت الجسور وهاجمت القوافل العسكرية، وتمكنت من وقف العبور حتى وصلت القوات الحكومية لتتمكن من إعادة فتح الطرق.
وقال مسؤول عسكري فرنسي رفيع المستوى، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة تقييمات عسكرية، إن المتطرفين "أكثر تنظيماً وأكثر قدرة على الحركة. ينفذون هجمات احترافية لم نرها من قبل". وهو ما يعد خروجا عن نمط عام 2012، عندما رفع أنصار القاعدة أعلاما في مدن شمال مالي ثم حاولوا الاستيلاء على العاصمة باماكو، مما أثار غضب القوات الفرنسية التي طردتهم من المناطق التي استولوا عليها.
وأضاف المسؤولون أن هذه التنظيمات تعلمت على ما يبدو من تلك الخسارة، واستخدموا منذ يوليو/تموز الماضي نهجا "أكثر تعقيدا" للاستيلاء على السلطة.
ووفقا لمعلومات من القيادة الأمريكية الأفريقية السرية التي حصلت عليها "واشنطن بوست"، تقوم هذه الجماعات بتدمير البنية التحتية واغتيال القادة المحليين وإفراغ مواقع الجيش الرئيسية في ضربات منسقة لفصل الأفراد عن الحكومة.
وأكد الأمين العام لوزارة الدفاع في مالي أن المسلحين يجندون الشباب في المناطق الريفية بإغرائهم بالأموال، أو تحت تهديد السلاح بعد حرق القرى، وإثارة الخلافات العرقية، ويتسللون عبر الحدود التي يسهل اختراقها من بلد إلى آخر.
ويجتمع قادة الجماعات الإرهابية في مخابئ في الغابات، خاصة القريبة من الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، للتخطيط لنصب الكمائن وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتبادل النصائح، بما في ذلك كيفية وضع القنابل على جانب الطريق، كما يقول قادة الجيش المالي.
وقال الجنرال عمر داو رئيس أركان الرئيس المالي "لا يمكننا تحمل خسارة أي مساعدة.. هذه مسألة بقاء أساسية".
وأضاف أن لدى الجيش المالي نحو 12000 جندي، ونعتزم التوسع هذا العام لكن قدراتنا محدودة، وضعنا سيئ للغاية، ليس لدينا القدرة على توفير المياه النظيفة، وتقديم الرعاية الصحية، وتقديم استجابة فعالة".
وقال عيسى حيدر، الذي يقود مليشيا تضم 800 شخص في شمال مالي، إن فريقه الذي يضم مقاتلين معظمهم من المزارعين والرعاة يحاول القضاء على هذه الآفة (التنظيمات الإرهابية) بأنفسهم.
وأوضح أن معظم رجاله فقدوا أفراد عائلاتهم على يد المتطرفين، وإنه يربي 5 أطفال مات آباؤهم على أيديهم، لافتا إلى أنهم يقضون معظم أيامهم في الاستعداد للقتال، بعد أن دمرت الحرب معظم ماشيتهم ومحاصيلهم.
وأضاف حيدر "الإرهابيون يغرون الشباب بأموال أكثر مما رأوها في حياتهم".
من جانبه، قال الملازم ديفيد أويدراوغو، الذي يرأس فريق العمليات الخاصة في بوركينا فاسو، إن الجنود يتعرضون لهجمات "كل أسبوع" إلى الجنوب في بوركينا فاسو.
وتابع أن هذه التنظيمات الإرهابية تستغل حالة اليأس والعوز الشديد بين الشباب لتجنيدهم، فخلال استجواب أسرى هذه الجماعات، قال بعضهم إن هذه الجماعات تخيرهم ما بين الانضمام إلى صفوفها أو قتل عائلاتهم.
وأشار أويدراوغو إلى "في معظم الوقت عناصر التنظيمات الإرهابية لا يعرفون شيئا عن النظام، أو من يقاتلون من أجله".
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز