نجاح "برخان" بالنيجر.. خطوة على طريق فرنسا الصعب ضد الإرهاب في الساحل
عملية مشتركة لجيش النيجر والقوات الفرنسية تمني الإرهابيين بخسائر فادحة، ما يشكل نجاحا لجهود مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي
أعلن جيش النيجر عن نجاح العملية الأضخم ضد النشاطات الإرهابية على الحدود جنوب غربي البلاد، معلنة حصيلة 120 قتيلا من الإرهابيين ومصادرة سيارات ومعدات لصنع العبوات المتفجرة.
العملية العسكرية في النيجر، التي تشكل مع دول مجاورة مجموعة الساحل الأفريقي، شارك في تنفيذها قوات فرنسية تابعة للعملية الدائرة في منطقة الساحل "برخان" وانطلقت في الأول من فبراير/شباط الجاري في إقليم تيلابيري شمالي البلاد، على طول الحدود مع مالي.
منطقة تيلابيري المضطربة كانت شددت من الإجراءات الأمنية وأغلقت الأسواق وحظرت قيادة الدراجات النارية بعد هجمات لجماعات إرهابية في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني أدت إلى مقتل 174 جنديا من النيجر.
وشأنها شأن دول منطقة الساحل الأفريقي، تكافح النيجر منذ عام 2015 ضد موجة هجمات إرهابية قرب الحدود مع مالي وبوركينا فاسو غربا، ما فاقم الحاجات الإنسانية في تيلابيري ومناطق تاهوا، حيث نزح نحو 78 ألف شخص جراء العنف الدائر وتهديدات الإرهاب.
وفي مطلع العام الجاري، طالب رؤساء النيجر وبوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا من فرنسا الإبقاء على قوة عملية بارخان التي قوامها نحو 4500 جندي، مع تجديد التركيز على المنطقة المضطربة الحدودية الثلاثية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وتزايدت في الآونة الأخيرة التهديدات الإرهابية لدول المنطقة بعد أصبحت مركزا رئيسيا للتنظيمات الإرهابية بعد تفكيك تنظيمات أخرى وطردها من المناطق التي كانت تسيطر عليها سواء كان في سوريا والعراق وأبرزها كان تنظيم داعش الإرهابي.
والمنطقة قد يميزها لدى الإرهابيين بعدها عن منطقة نشاط تنظيم داعش في السابق، ما دفع العديد منهم إلى التوجه إليها والارتماء في أحضان تنظيم إرهابي أشد عنفا ينشط في المنطقة ويعرف باسم "بوكو حرام" الذي كان قد بايع داعش في السابق.
كما تحظى المنطقة بموقعها الذي يجعلها محل أطماع بسبب غناها بالثروات الطبيعية، وموقعها الجغرافي المتميز، خاصة أنها قريبة من أوروبا بحرا، الأمر الذي دفع فرنسا إلى تشكيل العملية برخان لمكافحة الإرهاب في المنطقة، بعد أن شعرت بالتهديد المتنامي للأنشطة الإرهابية.
وكان مقتل 13 من العسكريين الفرنسيين في تصادم طائرتي هليكوبتر خلال مهمة قتالية في مالي، نوفمبر/تشرين الثاني، قد زاد إصرار فرنسا على الحصول على دعم في المنطقة من دول أخرى.
عملية برخان
انطلقت برخان في 1 أغسطس/آب 2014، وهي عملية جارية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وقوامها مؤلف من 3000 إلى 4500 جندي فرنسي وستكون دائمة ومقرها في نجامينا عاصمة تشاد.
تم تشكيلها مع 5 بلدان، ودول تمتد في منطقة الساحل الأفريقي: بوركينا فاسو، تشاد، مالي، موريتانيا والنيجر، وهي البلدان المشار إليها إجمالا باسم "جي 5 الساحل".
وسبقت العملية أخريات لكنها أقل تأثيرا، مثل عملية "سرفال" المهمة العسكرية الفرنسية في مالي، والمهمة العسكرية "الباشق" في تشاد.
ووفقا لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، فإن الهدف الرئيسي من العملية برخان هو مكافحة الإرهاب، مضيفا أن الهدف هو منع ما أسماه بالطريق السريع لجميع أشكال الاتجار ليصبح مكانا للمرور الدائم، حيث يمكن للجماعات الإرهابية بين ليبيا والمحيط الأطلسي إعادة بناء نفسها، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة.
ووفقا للخطط الأصلية تعمل القوات الفرنسية بعتاد 20 مروحية و200 عربة مدرعة و10 طائرات نقل و6 طائرات مقاتلة و3 طائرات بدون طيار.
وتم تقسيم العمل بين فرنسا ومجموعة الدول الخمس الكبرى من خلال 4 قواعد عسكرية دائمة: الأولى قاعدة للقوات الجوية في العاصمة التشادية نجامينا (تحت قيادة الجنرال الفرنسي بالاسيت)، والثانية قاعدة إقليمية في جاو، شمال مالي، مع ما لا يقل عن 1000 رجل، والثالثة قاعدة خاصة للقوات في عاصمة بوركينا فاسو، واجادوجو، والرابعة قاعدة استخباراتية في عاصمة النيجر نيامي، مع أكثر من 300 رجل.
وتعد قاعدة نيامي الجوية ذات أهمية استراتيجية لأنها تستضيف طائرات بدون طيار مسؤولة عن جمع المعلومات الاستخباراتية في جميع أنحاء منطقة الساحل والصحراء.
من نيامي، يتم دعم القوات الفرنسية من قبل اثنين من الألمانية ترانسال C-160.
وبدأت العمليات في 1 أغسطس/آب 2014، وأصابت القوات الفرنسية أول إصابة لها خلال معركة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وأسفرت أيضا عن مقتل 24 إرهابيا.
وفي 12 أبريل/نيسان 2016، قتل 3 جنود فرنسيين عندما أصابت ناقلاتهم المدرعة منجم أرضي. وكانت قافلة نحو 60 سيارة تسافر إلى بلدة تيساليت الصحراوية الشمالية عندما اصطدمت بالمنجم.
وفي 15 مارس/آذار 2017، اعتقلت القوات الفرنسية 8 إرهابيين في صحراء شمال تمبكتو.
يشار إلى أنه للولايات المتحدة 6000 فرد عسكري في أفريقيا في الوقت الراهن، وعلى الرغم من أن بعض المستشارين العسكريين يقولون إن عملية إعادة تمركز للقوات فات وقتها، فإن كثيرا من المسؤولين الأمريكيين يشاركون فرنسا مخاوفها من تخفيف الضغط عن الإرهابيين في أفريقيا.
"تاكوبا"
من جهة أخرى، تعمل فرنسا على إنشاء عملية جديدة تحت اسم "تاكوبا"، تضم قوات خاصة من نحو 10 دول أوروبية.
وبدأت ذلك في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، حين دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤساء دول مجموعة الساحل الأفريقي الـ5 إلى اجتماع، في مدينة بو جنوب غربي البلاد، لتعزيز شرعية وجود قواته بالمنطقة التي تعاني من ويلات الإرهاب، ولحض الحلفاء الأوروبيين على المشاركة في أنشطة مواجهة الإرهاب بالمنطقة.
وشارك في القمة رؤساء دول المجموعة: تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا، فضلا عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.
وتوجه ماكرون أولا إلى قاعدة الفوج الخامس للمروحيات القتالية في بو، الذي ينتمي إليه 7 من 13 جنديا فرنسيا قتلوا خلال عمليات في مالي في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وبحسب الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 4 آلاف شخص في هجمات إرهابية في 2019 في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وزاد عدد النازحين 10 أضعاف، ليبلغ نحو مليون.