قاسم سليماني.. سجل أسود وسيرة ملطخة بدماء الأبرياء
مقتل سليماني، المدرج على قوائم الإرهاب دوليا منذ عام 2011، يسدل الستار على ذراع النظام الإيراني لنشر الفوضى والتخريب في المنطقة
قُتل الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق "القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني في غارة أمريكية استهدفت سيارة كانت تقله على طريق مطار بغداد الدولي في وقت متأخر ليلة الخميس -الجمعة.
وبمقتل سليماني، المدرج على قوائم الإرهاب دوليا منذ عام 2011، يسدل الستار على ذراع النظام الإيراني لنشر الفوضى والتخريب في المنطقة، والعقل المدبر للإرهاب الإيراني، والمسؤول عن قمع المتظاهرين في سوريا والعراق ودعم الميلشيات الإرهابية في المنطقة.
ويقود سليماني منذ 22 عاما فيلق القدس، المسؤول عن المخططات التخريبية والعمليات السرية ونشر الإرهاب والعنف خارج الحدود الإقليمية لإيران.
ويمتلئ سجل سليماني بالجرائم والانتهاكات، الأمر الذي يجعل سيرته ملطخة بدماء الكثير من الأبرياء، فهو مسؤول عن العديد من العمليات الإرهابية في دول عربية وغربية، وتصفية المعارضين الإيرانيين في الداخل والخارج، وأشرف ميدانيا على مليشيات إيران في الأراضي السورية.
كما أصدر أوامره لمليشيات إيران بالعراق لتنفيذ عمليات قتل بين صفوف المتظاهرين خلال الاحتجاجات المناهضة لإيران التي تشهدها العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويعد مقتله ضربة موجعة للنظام الإيراني، نظرا للدور الذي كان يقوم به في تنفيذ المخططات التخريبية للنظام داخل وخارج إيران.
سيرة مخزية
ولد قاسم سليماني في 11 مارس/آذار 1957 في بلدة رابور بمحافظة كرمان الإيرانية لعائلة فقيرة وأب يعمل بالزراعة، وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط. ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان.
ومع اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، كان سليماني من أوائل الذين انضموا للحرس الثوري الإيراني، الذي أمر الخميني بإنشائه للحيلولة دون وجود أي تهديدات للثورة الجديدة.
كانت أولي المهام التي تولاها في ظل الحرس الثوري هي إخماد تمرد الأكراد، المطالبين بحوقهم السياسية والاقتصادية التي سُلبت في ظل حكم الشاه، غرب إيران، ونجح سليماني مع أعضاء الحرس الثوري في قمع التمرد وارتكاب مجازر بحق المحتجين.
ومع اندلاع الحرب بين العراق وإيران، عام 1980، تطوع سليماني وشارك في الحرب التي امتدت 8 سنوات، وقاد فيلق "41 ثار الله" (فيلق محافظة كرمان) فضلا عن قيادته الكثير من العمليات العسكرية أثناء الحرب، رغم كونه في العشرينات من عمره.
قيادة فيلق الإرهاب
وفي عام 1998، تولى سليماني قيادة فيلق القدس، الذي تولى تنفيذ حيز كبير من السياسة الإيرانية سواء بالداخل أو بالخارج، والذي يحظى بميزانية سرية لا تخضع لإشراف حكومي أو برلماني نهائيا، فضلا عن خضوعها رأسا لأوامر المرشد الإيراني علي خامنئي.
ويُعد فيلق القدس أداة الإرهاب الإيراني بالخارج، ومن أهم وظائفه غير المعلنة استئصال من تعتبرهم إيران أعداء لها، وتقديم الدعم والتدريب للكتائب والفرق المسلحة ذات الولاء المطلق لإيران، وهي مليشيات طائفية.
وتولى أيضا، بأمر من خامنئي، مسؤولية السياسة الخارجية الإيرانية في عدة دول منها: لبنان والعراق، التي يجري اختيار الكثير من كوادر سفارات إيران فيها من بين ضباط الحرس الثوري الإيراني.
وبعد عام من توليه قيادة "فيلق القدس"، ساهم بشكل كبير في قمع حركة الطلاب المناهضة لنظام إيران والمطالبة بالإصلاح عام 1999.
ووفقا لتحقيق نشرته صحيفة "نيويوركر" الأمريكية، فإن سليماني سعى منذ تسلمه قيادة فيلق القدس "إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي وقوة عسكرية: يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء".
وبحسب التحقيق، فإن سليماني منح حرية مطلقة في تطبيق رؤية خامنئي حول أهداف إيران في المنطقة، من خلال فيلق القدس والإمكانيات الهائلة التي وضعت تحت تصرفه.
متطفل وخطر
ومع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، نشط سليماني في التدخل في العراق وزعزعة الأمن فيه ودعم الجماعات الطائفية التي تدين بالولاء لبلاده وإنشاء ميلشيات موالية لها.
ووصفته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بأنه من أهم صناع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية، بينما قالت صحيفة الجارديان البريطانية آنذاك إن "البغداديين يعتقدون أنه هو الذي يحكم العراق سرا".
كما تعتبره الصحيفة شخصا متطفلا وخطرا ضحى بحياة العديد من العراقيين من أجل مصالح إيران في حربها ضد الولايات المتحدة، وتصنفه كإرهابي.
واتهمت الولايات المتحدة سليماني في 2008 بتدريب المليشيات الشيعية لمحاربة قوات التحالف الدولي في العراق.
كما اعترف سليماني بأن طهران هي التي أسست مليشيات "الحشد الشعبي" التي تقاتل في العراق، وأكد الطبيعة الطائفية لتلك المليشيات وولاءها التام لإيران.
وخلال الاحتجاجات الأخيرة التي يشهدها عدد من مدن العراق منذ أكتوبر الماضي، للمطالبة بخروج إيران من العراق، كشف سياسيون عراقيون عن أن الإرهابي قاسم سليماني، يشرف من سفارة بلاده في بغداد على عمليات قمع المتظاهرين.
وفي الشأن السوري، شارك سليماني منذ عام 2012 في إدارة تدخل الحرس الثوري وحزب الله اللبناني ومليشيات عراقية في معارك سوريا، وأشرف عليها بنفسه.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية"، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وعرب، إن الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والمعروف أن مرجعه المباشر هو المرشد الأعلى، يقوم بزيارات منتظمة لسوريا، وإنه (أي سليماني) يضطلع بدور قيادي مهم في العمليات على الأرض".
ونتيجةً لدوره في نشر العنف والإرهاب بكلٍ من العراق وسوريا على الخصوص، تم وضع سليماني، مع مجموعة من قادة الحرس الثوري الإيراني، على قائمة الأشخاص المحظور التعامل معهم، وتم فرض عقوبات عليهم.
كما صنَّفته أمريكا واحدًا من أهم داعمي الإرهاب على مستوى العالم، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه عام 2011.
وبرز اسم سليماني كعقل مدبر للعمليات الإرهابية الخارجية التي ينفذها فيلق القدس الذراع العسكرية والأمنية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة والعالم بقيادته.
وظهر اسم سليماني في مؤامرة إيرانية عام 2011 لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة آنذاك عادل الجبير. ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن سليماني كان على علم بالمؤامرة.
وكيل الإرهاب
ولسليماني العديد من الألقاب، منها ألقاب أطلقتها وسائل الإعلام عليه مثل "جنرال الدم" والجنرال الغامض"، وألقاب أطلقها سياسيون عليه، حيث سبق أن صفع وزير الخارجية الكندي السابق، جون بيرد، بأنه "وكيل الإرهاب في المنطقة المتخفي في زي بطل".
كما قال عنه وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير في وقت سابق إنه "إرهابي ومطلوب للعدالة الدولية".
كما علق السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، الجمعة، على مقتله، مؤكدا أنه "أحد أكثر أعضاء النظام الإيراني قسوة وشرًا".
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg جزيرة ام اند امز