الواقع يشير إلى أن النظام القطري غير قادر على أي نوع من التفاهم والإيفاء بالالتزامات المطلوبة منه في مجال تمويل الإرهاب
مائة يوم على الأزمة القطرية وهي تراوح بين الطموح القطري في الاستمرار في لعب دور الفيل بحجم نملة، وممارسة حالة التسويف والهروب إلى الأمام وتجاهل الوساطات، حتى العقلانية منها، التي تتصدرها دولة الكويت، بل سعت قطر ونظامها لإحراج الوسطاء الكويتيين في أكثر من مرة، ناهيك عن حالة التوهان والفصام السياسي والتخبط في التصريحات عند المسؤولين، بدءاً من كبير خارجية قطر، وانتهاءً بوكالة الأنباء القطرية التي طالها العبث في التصريحات منذ ساعات الأزمة الأولى، بل إنها شاركت في التخبط بنقل تصريحات متناقضة، وأخرى مبتورة ومجتزئة، مما جعل وكالة الأنباء خارج السياق الحقيقي، وجعلها في أكثر من مرة طرفاً في الأزمة، وإن كانت لا تحمل تبعات تفاقم الأزمة وحدها، لأن الخارجية القطرية، وعلى لسان كبيرها كررت حالة من عبث التصريحات والهروب بالأزمة إلى الأمام، بدلاً من ممارسة العمل الدبلوماسي وفق أصول العرف الدولي، والوثائق والمعاهدات الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول، ومنها اتفاقية جنيف.
لقد مارس النظام القطري سياسة التصعيد والتجييش الإعلامي، فتارة يتحدث عن «حصار» وهمي طاله و«معاناة» تخيلها تصيبه، وتارة أخرى يقول إنه لم يتزعزع ووضعه ثابت ولا أثر لإجراءات الدول المقاطعة.
بعد مرور 100 يوم من العبث القطري والتراخي الدولي يبدو أن الأزمة ستزداد تعقيداً، ذلك لأن مسبباتها ليست آنية ولا عارضة، وما لم تظهر الدول الكبرى حسماً حقيقياً لإرغام النظام القطري على تنفيذ شروط الحوار، ستبقى الأزمة تراوح مكانها، وقد تلامس ألف يوم أخرى
النظام القطري في الـ100 يوم الماضية، أهمل الحوار الجاد، وقفز على جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمحلية، وحتى المخطوطة منها بخط اليد، وتنصل من تعهداته السابقة بوقف دعم التنظيمات الإرهابية، ومنها تنظيم الإخوان المسلمين، بل إنه جعل قطر «محجاً» باطلاً لقيادات التنظيم وسدنته، الذين تلقوا أموالاً ودعماً سياسياً، بل عسكرياً، كما حدث في ليبيا من دعم لمليشيات مرتبطة بجماعة الإخوان، أو تربطها علاقات بها، وتسببت في زعزعة الاستقرار في دول كثيرة، ومنها ليبيا. وليست ليبيا وحدها من طالها العبث القطري، بل القرن الإفريقي، بل لم تسلم حتى دول جوار قطر من عبث نظامها، فسعت لتقويض نظام الحكم في مملكة البحرين أكثر من مرة، وتآمرت على المملكة العربية السعودية مع نظام العقيد القذافي السابق في ليبيا، قبل أن تنقلب عليه في فبراير/شباط 2011، الأمر الذي انتهى بقتل القذافي رغم القبض عليه حياً، صحبة ابنه المعتصم بالله، حيث قتل الاثنان وهما في الأسر بتعليمات أظهرتها تسجيلات حيث اتهمت اللجنة الوطنية الليبية لحقوق الإنسان قطر وأميرها بقتل الاثنين وهما أسيران.
100 يوم لم يتقدم فيها النظام القطري بأي مبادرات جادة لحلحلة الأزمة، بل أظهر حالة من التهرب والالتفاف، بل حتى القفز على أسباب الأزمة، ومحاولة جعلها أزمة خليجية خالصة، في حين هي أزمة دولة تهدد السلم الدولي وطالت شرورها بلداناً ليست في خريطة الخليج العربي.
الواقع يشير إلى أن النظام القطري غير قادر على أي نوع من التفاهم والإيفاء بالالتزامات المطلوبة منه في مجال تمويل الإرهاب، والتوقف عن صناعته وتصديره، والسبب أن قطر ونظامها مختطف من تنظيمات الإسلام السياسي، التي احتضنها لسنوات طويلة فاستطاعت التغلغل في الدولة العميقة بقطر، وأصبحت تشكل دولة موازية، بل هي حكومة ظل تحكم من خلف الكواليس، ومن يخرج للعلن ما هم إلا مجرد كومبارس.
بعد مرور 100 يوم من العبث القطري والتراخي الدولي يبدو أن الأزمة ستزداد تعقيداً، لأن مسبباتها ليست آنية ولا عارضة كما روّج البعض، وما لم تظهر الدول الكبرى حسماً حقيقياً يلامس واقع الأزمة وجذورها لإرغام النظام القطري على تنفيذ شروط الحوار، ستبقى الأزمة تراوح مكانها، وقد تلامس ألف يوم أخرى، ما استمر التسويف القطري والتراخي الدولي.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة