ملف مونديال 2022 منذ الإعلان عن إسناد تنظيمه لقطر والمصائب تتوالى على كل من اقترب منه لدرجة أن البعض بدأ يشعر كأن هناك لعنة ما تسكنه.
ربما لم يحدث في تاريخ كأس العالم لكرة القدم أن تسببت استضافة دولة للنهائيات في كل هذا الكم من اللعنات والمشاكل التي تتفوق على ما روته كل كتب الاساطير الخيالية من قبل.
فقبل ملف قطر 2022 كان أسوأ ما تعرضت له دولة استضافت النهائيات كوارث أرضية محدودة مثلما حدث لتشيلي قبل مونديال 1962، لكن الدولة الخليجية يبدو وكأنها فتحت على نفسها أبواب جحيم الشياطين منذ أن فاز بحق الاستضافة في ظروف لا تزال محل تشكيك عالمي في نزاهتها.
فازت قطر بما سعت اليه، وعاد بن همام من زيوريخ الى الدوحة ليجد نفسه طريدا للعدالة الكروية بعدما ضحى به "الكبار في الدوحة" فسكتوا على بلاتر وهو يذبحه دون رحمة
يمكن النظر الى ملف مونديال قطر 2022 باعتباره واحدا من تلك اللعنات، فمنذ اللحظة التي أعلن فيها السويسري "اللعوب" جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق فوز الدولة الخليجية الصغيرة بتنظيم المونديال مساء الثاني من ديسمبر عام 2010 والمصائب تتوالى على كل من اقترب من هذا الملف لدرجة أن البعض بدأ يشعر كأن هناك لعنة ما تسكنه.
أولى اللعنات اصابت القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الاسيوي ونائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق الذي لعب دورا مهما لتجييش أصوات زملائه من اعضاء المكتب التنفيذي للفيفا ورشوتهم عينيا وماليا لضمان نجاح بلاده في الفوز بالاستضافة متقدمة على دول أكبر منها بحسابات التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا.
ورغم أن الرجل نجح في مساعيه إلا أن الثمن الذي توجب عليه دفعه كان أكبر من أن يتخيله أحد، فقد ضحى به "الكبار في الدوحة" عندما رأوا في التضحية به قربانا يسهل عليهم الحصول على ما يبتغونه فسكتوا على بلاتر وهو يذبحه دون رحمة، ليتحول بين عشية وضحاها من أحد كبار اللاعبين، ومنافس قوى لبلاتر في انتخابات رئاسة الفيفا التي جرت قبل يوم واحد من التصويت على استضافة المونديال عام 2010، الى طريد للعدالة الكروية عقب اجتماع سري عقد في احد فنادق لندن قبل 48 ساعة فقط من موعد الانتخابات، تم خلاله استدعاء بن همام من زيوريخ حيث كان يستعد للانتخابات بطائرة خاصة عند منتصف الليل ليتم إبلاغه بضرورة الانسحاب من انتخابات رئاسة الفيفا، حتى يتجنب بلاتر العبث في ملف قطر "المشبوه" للفوز باستضافة المونديال حسب اتفاق معه أجري عبر وسطاء.
فازت قطر بما سعت اليه، وعاد بن همام من زيوريخ الى الدوحة ليجد نفسه مجبرا على التخلي عن رئاسة الاتحاد الاسيوي وعضوية المكتب التنفيذي للفيفا، قبل أن يواجه بعد شهور قليلة من ذلك التاريخ اتهامات قانونية وجهتها له لجنة الاخلاق التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم وقادت في النهاية الى تجميد نشاطه وحرمانه من تولي أي منصب رياضي رسمي.
كل هذه الخدمات انتهت بإجبار بن همام على الجلوس في منزله ومشاهدة تفاصيل معارك الفيفا عبر شاشات التلفاز، مع اصرار الحكومة القطرية على تحميله وحدها مسؤولية كل المخالفات
ورغم تبرئة بن همام بعد ذلك من تلك التهم بواسطة محكمة التحكيم الرياضي الا انه آثر الاستمرار في عزلته الكروية اختياريا، ولم يتحدث مطلقا عن الدور الذي لعبه لضمان فوز بلاده بتنظيم البطولة الكروية الأهم في العالم، خاصة أنه أدرك أن أي تصريحات سيدلي بها في هذا الشأن ستزيد الحملات الغربية ضد مونديال قطر الذي يمكن القول إنه يمثل قلبه النابض.
فقد نشرت العديد من الصحف الغربية اسرار لقاء بن همام مع فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا في ذلك الوقت لضمان تنسيق تصويت مواطنها في تنفيذية الفيفا فيتالي موتكو لصالح ملف قطر 2022 مقابل تصويت بن همام لملف روسيا 2018.
كذلك دوره في تأمين صفقة تصدير الغاز الطبيعي من قطر إلى تايلاند لضمان صوت التايلاندي راوي ماكودي عضو تنفيذية الفيفا.
ثم دعوة الألماني فرانز بيكنباور عضو تنفيذية الفيفا أيضا للدوحة قبل 5 أشهر من عملية التصويت وتعيينه مستشارا بشركة قطرية لنقل الغاز، ناهيك عن اللقاءات المنتظمة التي ساعد في عقدها بين عدد من المسؤولين القطريين وكبار مسؤولي الفيفا ومنهم بلاتر نفسه.
كل هذه الخدمات انتهت بإجبار بن همام على الجلوس في منزله ومشاهدة تفاصيل معارك الفيفا عبر شاشات التلفاز، مع اصرار الحكومة القطرية على تحميله وحدها مسؤولية كل المخالفات، والتأكيد على أن ما قام به من مخالفات كان بمبادرة شخصية منه وليس باتفاق مع المسؤولين السياسيين في الدولة الخليجية.