الأغلى تكلفة في التاريخ.. هل سقط مونديال قطر في فخ "الحسابات الخاطئة"؟
بعيدا عن المنافسة داخل المستطيل الأخضر، حصدت كأس العالم 2022 التي تستضيفها قطر نهاية العام الجاري لقب "البطولة الأغلى تكلفة في تاريخ الرياضة"، بعدما بلغت أموال تجهيزاتها نحو 220 مليار دولار، وفق أكثر الإحصاءات تواضعا.
لم تكن تلك النسخة تحديدا بحاجة لأي دراما لتدخل التاريخ، فيكفي أنها الأولى التي تقام في الشرق الأوسط أو في فصل الشتاء، وأن منافساتها تقام على مساحة هي الأصغر بين الدول الـ22 التي استضافت نسخها الـ21 السابقة.
لكن دراسة حديثة نشرتها تقارير أجنبية أبرزها وكالة رويترز ومجلة فوربس الأمريكية وموقع "Frontofficesports" الأمريكي المتخصص في الأمور الاقتصادية المتعلقة بالرياضة، قالت إن قطر تكبدت تكلفة خيالية لاستضافة كأس العالم، بلغت 220 مليار دولار أمريكي، وهو ما قد يتجاوز ضعف إجمالي ما تم إنفاقه لاستضافة كل نسخ البطولة عبر التاريخ.
مونديال قطر الأغلى تكلفة في التاريخ
موقع "Frontofficesports" الأمريكي كشف عن الفوارق الكبيرة بين تكلفة مونديال قطر والنسخ الـ7 السابقة، حيث كانت بطولة 2014 في البرازيل هي الأغلى بـ15 مليار دولار.
بحسب المصدر بلغت تكلفة مونديال 1994 في أمريكا 500 مليون دولار، وفي 1998 بفرنسا 2.3 مليار، ثم ارتفعت إلى 7 مليارات في 2002 (اليابان وكوريا الجنوبية)، وانخفضت إلى 4.3 مليار في 2006 (ألمانيا).
مونديال 2010 الذي أقيم في القارة السمراء لأول مرة، وتحديدا في جنوب أفريقيا بلغت تكلفته 3.6 مليار، مقابل 15 مليار لنسخة 2014 في البرازيل، وانخفضت التكلفة في مونديال روسيا 2018 إلى 11.6 مليار.
وبهذا يبلغ إجمالي ما تم إنفاقه على تجهيزات آخر 7 نسخ لكأس العالم نحو 44.3 مليار دولار، أي 20% تقريبا من تكلفة مونديال قطر، علما بأن النسخ التي سبقت تلك الفترة لم تكن بحاجة لكل التعقيدات الحالية من حيث الملاعب والمدن المستضيفة وغيرها، فضلا عن أن عدد المنتخبات كان أقل من الوضع الحالي.
خطط استثمارية موسعة
الموقع أشار إلى أن التكاليف المرتبطة ببناء الملاعب الجديدة في قطر تراوحت بين 6.5 و10 مليار دولار، فيما أُنفقت 210 مليارات أخرى على البنية التحتية والاستعدادات لاستضافة البطولة ضمن خطة "قطر 2030"، وبناء الفنادق ووسائل النقل المتطورة تحت الأرض والمطارات وغيرها.
ووفقا للخطط القطرية، فإن استضافة كأس العالم حفزت البدء في هذه المشاريع، التي بات يُنظر لها كاستثمارات على المدى الطويل.
وقال مسؤول حكومي لـ"رويترز" إن تخطيط أغلب الأعمال تم بشكل منفصل مع سعي قطر لتنويع أنشطتها الاقتصادية غير المعتمدة على الطاقة، طامحة في أن تصبح مركزا إقليميا للأعمال، وإلى زيادة عدد السياح إلى 3 أمثاله ليبلغ 6 ملايين سائح سنويا بحلول 2030.
هل تستفيد قطر من استضافة كأس العالم؟
من غير المتوقع أن تجني الدوحة أرباحا تعوض حجم الإنفاق على استضافة كأس العالم، أو أن تستعيد نسبة كبيرة من المبالغ المدفوعة.
تقرير "Frontofficesports" أشار إلى أن عائدات كأس العالم 2022 قد تصل إلى 20 مليار دولار، وهو ما يبلغ 9% تقريبا من التكلفة السابق ذكرها.
وسيمثل صغر حجم دولة قطر معضلة أمام وفود الجماهير، حيث يقدر المنظمون أن 1.2 مليون مشجع سيزورون البلاد على مدار 28 يوما من البطولة.
ويعني قدوم مشجعين من 32 دولة متنافسة لحضور المباريات في 8 استادات داخل وعلى مشارف العاصمة الدوحة، من الناحية الإيجابية أنه سيكون بوسع المشجعين الوصول بسهولة إلى جميع الملاعب، ما يزيد من إمكانية مشاهدة أكثر من مباراة واحدة في اليوم على عكس آخر نسختين في روسيا والبرازيل، حيث كانت هناك حاجة في كثير من الأحيان إلى رحلات جوية للسفر من مكان إلى آخر.
لكن هذا يعني أيضا أنه سيكون هناك ضغط حقيقي على سوق الإقامة المحدودة في قطر، في ظل الأعداد الكبيرة المتوقع حضورها لكأس العالم.
وفي الأيام الأخيرة، كشفت لجنة المشاريع والإرث في دولة قطر، المسؤولة عن تنظيم البطولة، عن برنامج رحلات طيران لمشجعي اليوم الواحد، من دول الخليج العربي وخاصة مدن دبي وجدة والرياض والكويت ومسقط، لحضور منافسات كأس العالم 2022.
حسب المُعلن، سيتم تنظيم 60 رحلة يوميا من دبي إلى قطر، فضلا عن 40 من الرياض وجدة، و48 من مسقط و16 من الكويت عبر الخطوط الجوية الكويتية، حسب ما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية.
البرنامج المعد في هذا الصدد، يتيح للمشجع من الدول المذكورة، السفر إلى دولة قطر والعودة إلى الديار في نفس اليوم فور انتهاء المباريات مباشرة.
وقالت تقارير صحفية إن أسعار تذاكر الطيران بين دبي والدوحة شهدت ارتفاعات تتراوح بين 300 و400% خلال فترة كأس العالم - بين 21 نوفمبر/تشرين الثاني و18 ديسمبر/كانون الأول المقبلين - في ظل ارتفاع الطلب على 5 رحلات يومية فقط بين المدينتين.
فخ الحسابات الخاطئة
بجانب العائدات والأرباح المباشرة، تترقب قطر أرباحا بشكل غير مباشر، بأن تصبح مصدرا لجذب الاستثمارات الأجنبية لها.
لكن موقع "إنفست مونيتور" الاقتصادي يستبعد أن يرتفع حجم الاستثمارات الأجنبية في قطر كنتيجة لاستضافة كأس العالم 2022، مستدلا على ما شهدته اقتصادات آخر 3 دول استضافت المونديال.
ولم تشهد جنوب أفريقيا أو البرازيل أو روسيا أي قفزات في معدل الاستثمارات الأجنبية عقب استضافة كأس العالم في 2010 و2014 و2018 على الترتيب، بل شهدت تراجعا في الكثير من الأحيان حتى قبل جائحة كورونا في نهاية عام 2019 وبداية 2020.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI0NiA=
جزيرة ام اند امز