3 سنوات على مقاطعة قطر.. ديكتاتورية بالداخل وإرهاب بالخارج
سياسات النظام القطري تفجر أزمات داخلية وسخط شعبي، نتيجة انتهاكاته المستمرة وتماديه في سياساته التخريبية
تمر، الجمعة، 3 سنوات على مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، قطر، التي بدأت في 5 يونيو/حزيران 2017، في ظل استمرار تعنت نظام الدوحة بديكتاتورية في الداخل ودعم للإرهاب في الخارج.
سياسات فجرت أزمات داخلية، وسخط شعبي نتيجة انتهاكاته المستمرة ضد أبناء شعبه وتماديه في سياساته التخريبية المزعزعة لاستقرار الدول والداعمة للإرهاب في شتى بقاع الأرض التي أنهكت اقتصاده وعزلته عن العالم.
ويصر النظام القطري طوال تلك السنوات على الفجور في الخصومة، والابتعاد عن محيطة العربي، والارتماء في أحضان من يكيد للدول العربية ويعمل ليل نهار على الإضرار بها، وعلى رأسهم النظامين الإيراني والتركي.
ورسمت هذه الحالة من التخبط التي يعيشها نظام تميم بن حمد آل ثاني، بشكل عام الفشل الذي يعانيه في الأداء على مختلف الأصعدة، لا سيما السياسة الداخلية وعلى الصعيد الاقتصادي.
أزمة ثقة
تجلى هذا الارتباك الذي يعاني منه نظام تميم في الإطاحة برئيس الوزراء وزير الداخلية عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، في يناير/كانون الثاني، وتعيين رئيس الديوان الأميري خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني خلفا له، وتعيين قائد جديد لقوة الأمن الداخلي "لخويا" التي تتولى تأمين خط سير موكبه داخل البلاد.
هذه الخطوات أكد مراقبون أنها تعكس وجود أزمة ثقة أصبح يعاني منها أمير قطر في الدائرة القريبة منه، وتكشف وجود مخاوف أمنية.
وأصدر تميم بن حمد آل ثاني في 28 يناير/كانون ثاني الماضي سلسلة أوامر ومراسيم مفاجئة، أطاح بمقتضاها برئيس الوزراء وزير الداخلية وعين رئيس الديوان الأميري خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني خلفا له.
- 3 سنوات على المقاطعة.. قطر أشعلت النار فأحرقتها
- كورونا يفضح قطر.. الوباء يتفشى بالسجون وانتهاكات بالجملة
وبموجب الأوامر أيضا أعاد تشكيل مجلس الوزراء، وعين قائدا جديدا لقوة الأمن الداخلي "لخويا" التي تتولى تأمين خط سير موكبه داخل البلاد.
واعتبر مراقبون أن تلك التغييرات تدل على وجود أزمة ثقة أصبح يعاني منها أمير قطر في الدائرة القريبة منه، والدلالة على ذلك أن الأوامر الأميرية استهدفت على وجه الخصوص الإطاحة برئيس الوزراء عبدالله بن ناصر، الذي يشغل هذا المنصب منذ تولي تميم مقاليد الحكم في قطر يونيو/حزيران 2013.
وحتى لو تم الإعلان أنه هو من قدم استقالته، ولهذا صدر التشكيل الوزاري الجديد دون أن يشهد أي تغيير فقد احتفظ جميع الوزراء بمناصبهم، وهو ما يعكس أن الهدف كان رئيس الوزراء فقط.
أيضا يأتي تعيين خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الأميري منذ 11 نوفمبر/تشرين ثاني 2014، والذي يعمل بشكل لصيق مع أمير قطر على مدار 14 عاما منذ أن كان وليا للعهد، خلفا لرئيس الوزراء وزير الداخلية السابق، ليؤكد أنه نتيجة معاناة تميم من أزمة ثقة فيمن حوله.
كما أن تعيين خالد بن خليفة أيضا في منصب وزير الداخلية على الرغم من أنه ليس لديه أي خلفية أمنية أو عسكرية على عكس من سبقه في تولي هذا المنصب، يعكس معاناة أمير قطر من أزمة ثقة وحالة قلق بشكل واضح.
فشل اقتصادي
دفعت تبعات المقاطعة العربية إلى ارتفاع الدين الخارجي المستحق على الدوحة إلى مستوى قياسي غير مسبوق حتى نهاية 2019، حيث بلغ 196.04 مليار ريال (53.88 مليار دولار أمريكي)، بعد أن كان في 2017 وهو أول أعوام المقاطعة العربية للدوحة 114.25 مليار ريال قطري (31.4 مليار دولار أمريكي).
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي لقطر في الربع الأخير 2019، في مؤشر على تدهور الأوضاع والأنشطة الاقتصادية في البلاد، بالتزامن مع ضغوط مالية وقطاعية ناتجة عن استمرار المقاطعة العربية للدوحة من عام 2017.
وواصلت قطر توجهاتها نحو الاقتراض من الأسواق المحلية والخارجية، التي ارتفعت حدتها منذ قرار المقاطعة العربية للدوحة، نتج عنها تراجعا في وفرة السيولة المالية للحكومة والقطاع الخاص في البلاد.
واعتبر المراقبون أن إطاحة تميم بن حمد بعبدالله بن ناصر هو رغبته في تقديمه ككبش فداء أمام الشعب القطري الساخط على سياساته، لتحميله مغبة الفشل المتواصل في أداء النظام، لا سيما في ظل استمرار أزمة قطر، وفشله في حلها حتى الآن، وتفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
سخط شعبي ودعوات للتظاهر
وأدت سياسات النظام القطري إلى تزايد السخط الشعبي ضده بسبب انتهاكاته المستمرة ضد أبناء شعبه.
وخلال الأشهر الماضية انتقد مغردون قطريون وعرب تصاعد انتهاكات نظام أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ضد أبناء شعبه وعلى رأسهم قبيلة الغفران والعمال، وضد أبناء الأسرة الحاكمة وعلى رأسهم الشيخ طلال بن عبدالعزيز بن أحمد بن علي آل ثاني حفيد مؤسس قطر، وضد العاملين في قطر أيضا.
وأطلق القطريون عدة انتفاضات الإلكترونية ضد نظام تميم، طالبوا بمحاكمة النظام على جرائمه وانتهاكاته، وطالبوا بإنصاف المظلومين وهاجموا تصاعد النفوذ الإيراني والتركي في قطر، وسياسات النظام الداعمة للإرهاب.
وكان من بين الانتفاضات الإلكترونية، هاشتاق أطلقه مغردون تحت اسم #ضحايا_النظام_القطري، عبروا فيه عن سخطهم الشعبي ضد نظام تميم ورفض سياساته، الذي سرعان ما أصبحت الأعلى تداولا في قطر.
بالإضافة إلى حملة التضامن مع المواطن راشد بن سالم بن قطفة آل فهاد المري، الذي تعرضت أسرته لانتهاكات وظلم كبير من النظام الحاكم بالدوحة لمطالبته بحقوقه.
وتصدر هاشتاق "تميم_ظلم_آل_قطفة" تريند الأعلى تغريداً في قطر خلال الأيام الماضية، بعدما دعا قطريون إلى التظاهر ضد نظام تميم.
الهشتاق جاء بعد صدور حكم بالسجن المؤبد بحق شقيق "راشد" الذي يدعى "زيد قطفة"، فضلا عن منع سلطات الدوحة طفله المعاق (نجل راشد) من تلقي العلاج، منددين بانتهاك حقوق الإنسان بالدوحة.
كما شن قطريون حملة الانتقادات ضد قانون قمع الحريات الذي صدر نهاية العام الماضي، ودخل حيز النفاذ 20 يناير/كانون الثاني الماضي.
القانون القطري مثير للجدل، أكد مراقبون وخبراء أنه يستهدف معارضي تميم بن حمد، ويقمع حريات القطريين داخل البلاد.
ويقضي القانون بالحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال، لمن ينشر أو يعيد نشر أخبار تثير الرأي العام في قطر أو تمس بالنظام العام للإمارة، في تعبيرات فضفاضة تتيح تضييق الخناق على القطريين وترهيبهم من انتقاد الحكومة.
وانتقدت منظمة العفو القانون الجديد، ووصفت المنظمة الدولية القانون بأنه "تراجع مقلق عن الالتزامات التي قطعتها قطر على نفسها في 2018 عندما صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث ببرنامج الشرق الأوسط بالمنظمة، إن "قطر لديها بالفعل مجموعة من القوانين القمعية، لكن هذا التشريع الجديد يوجه ضربة مريرة أخرى لحرية التعبير في البلاد، ويعد انتهاكاً صارخاً لقانون حقوق الإنسان الدولي".
الأسرة الحاكمة تنبذ سياسات تميم
وظهر السخط داخل أعضاء الأسرة الحاكمة في قطر، وهو ما عبر عنه الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني، عضو الأسرة الحاكمة في قطر، في مقال سابق، أكد أسفه وانزعاجه لما يحدث في بلده، خصوصا مع انتهاج الدوحة سياسات تخريبية ضد جيرانها ومعاداتها.
ولفت إلى أن قطر أضحت تغص بالإخوان وبجرائمهم، محذراً من تصاعد الاستنكار الخليجي المتزايد لسلوك الدوحة، سواء الإعلامي أو السياسي.
وأبرز الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني في مقاله انتهاكات الدوحة ضد قبيلة الغفران، ثم أبناء الأسرة الحاكمة أنفسهم، قائلا "بدأت قطر في التحول في كل النواحي، ولم يسلم من ذلك أهلها، فكانت كارثة الغفران الذين انتزعوا من أرضهم وبيوتهم، فتفرقوا بين السجون والشتات".
وتابع: "أنا شخصيا أشعر بغصَّة كلما سمعت شيئاً عن قصر الوجبة، لأنه كان علامة مجدنا وراية انتصارنا، قبل أن يعود الترك إليه بكل عنفوان، فيحكمونه سلماً واستصغاراً، بعد أن عجزوا عنه حرباً".
وذكر في مقاله أنه لم يتحقق حلم واحد للشيخ حمد بن خليفة، فلم تنجح ما سميت ثورات "الربيع العربي"، وأصبحت إيران اليوم كأنها قفص للخوف، ولم تعد تركيا نموذج الإسلام الصاعد.
كما اعتبر أن الصورة الخادعة عن تنظيم "الإخوان" تكشفت واستبان شرهم لكل بلد، فأصبحوا لا حضن لهم سوى تركيا مؤقتاً، وقطر التي تغص بهم وبجرائمهم.
وتمارس السلطات القطرية حملة ممنهجة ضد أبناء قبيلة "الغفران" منذ عام 1996 وحتى الآن، حيث تضمنت التهجير وإسقاط الجنسية والاعتقال والتعذيب وطرد أطفالهم من المدارس وحرمانهم من التعليم.
كما تمنع أبناء الغفران من ممارسة حقوقهم المدنية والترحيل القسري وتهجيرهم على نطاق واسع، وهو أمر يعد جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي، وانتهاك اتفاقية حقوق الطفل.
كورونا يكشف الانتهاكات
كشف انتشار فيروس كورونا المستجد سقوطا أخلاقيا مدويا للنظام القطري وأزمات مدوية، كان آخرها انهيار مستشفى ميداني كان مخصصا لعلاج مرضى فيروس"كورونا" المستجد، بعد أيام من إنشائه.
كما كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن تفشي فيروس "كورونا" في السجن المركزي بالدوحة، وطالبت سلطات قطر باتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير حماية أفضل للسجناء وموظفي السجون.
وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش قصصا مأساوية وانتهاكات بالجملة لحقوق السجناء في قطر، على خلفية انتشار فيروس كورونا.
وقالت المنظمة إنها التقت في الأيام الأخيرة 6 محتجزين أجانب، الذين وصفوا تدهور الظروف في السجن المركزي بقطر بعد الاشتباه بإصابة عدة سجناء بالفيروس.
وقال المحتجزون إن الحراس أخبروهم بشكل غير رسمي في الأسابيع الأخيرة عن التفشي المحتمل لفيروس كورونا، رغم أن السلطات القطرية لم تؤكد ذلك علنا.
مأساة العمال الأجانب
وما تزال قطر تضرب أسوأ الأمثلة في معاملة العمال الوافدين على أراضيها، وهذه المرة أظهرت الدوحة الوجه السيئ بعد أن تركت الباحثين عن الرزق فريسة لفيروس كورونا.
ودائما ما كانت مخيمات العمال الوافدين في قطر محل انتقادات جماعات حقوق الإنسان بسبب تكدسها وسوء الأوضاع المعيشية.
والآن يحذر أحد خبراء الصحة بالبنك الدولي من كارثة أخرى، معتبرًا هذه المخيمات بؤرة خصبة لانتشار فيروس كورونا المستجد.
وفي سياق متصل، اضطر عشرات العالقين التونسيين في قطر للاعتصام داخل سفارتهم بالدوحة للمطالبة بإعادتهم إلى بلادهم، خشية الإصابة بفيروس كورونا المستجد في ظل عدم توفير السلطات القطرية أدنى وسائل الحماية لهم.
وناشد العالقون الرئيس التونسي قيس سعيد بسرعة التدخل لإنقاذهم بعد يأسهم من توفير سلطات الدوحة الحماية الطبية لهم، بحسب تقارير إعلامية محلية.
تلك الأزمات والجرائم التي تم رصدها خلال الأيام القليلة الماضية فقط تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات الحقوقية والجرائم السياسية والأخلاقية، ارتكبها النظام القطري على مدار 3 سنوات، تؤكد جميعها صواب الموقف الذي اتخذته الدول الأربع بمقاطعتها لقطر في 5 يونيو/حزيران 2017، لوضع حد للتوجهات الداعمة للإرهاب والمزعزعة لأمن واستقرار المنطقة التي يتبناها نظام تميم.