الخطوط الجوية القطرية.. رحلة فضائح لا تعرف الهبوط

ليس بدءا من تصنيفها كواحدة من أسوأ شركات الطيران في العالم، ولا انتهاء بفضيحة نساء أستراليات، تعيش الخطوط القطرية سنوات من الإخفاق.

أحدث أزمات الخطوط القطرية، كانت الأسبوع الجاري، بعدما أحالت الحكومة الأسترالية مسألة إجبار نساء أستراليات على الخضوع لفحص طبي قسري في مطار الدوحة، إلى الشرطة الاتحادية في البلاد، وسط إدانات للانتهاكات التي لحقت المسافرات خلال رحلة على الخطوط القطرية.

• أطقم مطار سيدني تعاقب "القطرية" بعد فضيحة تعرية النساء
• الخطوط القطرية.. رحلة ذهاب بلا عودة لمستنقع "الخسائر المتراكمة"
  

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن تسع نساء تم إخراجهن من الطائرة من أجل تعريضهن للتفتيش والتعرية والفحص على نحو مهين في الدوحة، في إطار البحث عن أم محتملة لرضيع متخلى عنه في حمامات مطار حمد الدولي.

وفوجئت مسافرات الخطوط القطرية، في أوائل أكتوبر الجاري، بتخصيص عربات إسعاف في المطارات من أجل إجراء الفحوص للنساء والتأكد مما إذا كانت إحداهن قد أنجبت، مؤخرا.

المقاطعة العربية

وبالعودة إلى أزمات الخطوط القطرية منذ قرار المقاطعة؛ في سبتمبر/ أيلول 2017، أي بعد المقاطعة العربية للدوحة بثلاثة شهور، أظهر تقرير لمنظمة عالمية الخسائر الفادحة التي منيت بها الخطوط الجوية القطرية بسبب المقاطعة.

أفاد تقرير لموقع "إنترناشيونال بوليسي داجيست" بأن الخطوط الجوية القطرية قد أعلنت خسائر تشغيلية قدرها 703 ملايين دولار أمريكي للسنة المالية 2017، وهي خسائر تأتي رغم تلقي الخطوط القطرية 500 مليون دولار حينها في شكل دعم حكومي.

السماوات المفتوحة

وفي 2017 كذلك، وجه الكونجرس الأمريكي اتهامات لاذعة للمسؤولين القطريين نتيجة انتهاك الدوحة لقواعد المنافسة العادلة في الأجواء الأمريكية "السماوات المفتوحة"، عبر استخدام شركة إيطالية كغطاء لأنشطة الناقل الجوي الوطني (الخطوط القطرية) في أجواء الولايات المتحدة.

في يونيو/ حزيران 2018، أقر الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر بأن الشركة تواجه احتمال تسجيل خسائر للسنة الثانية على التوالي في العام الحالي، بسبب المقاطعة العربية.

في ذات الشهر، قدّم الباكر اعتذاره عن تصريح أدلى به، قال فيه إن رئيس هذه الشركة يجب أن يكون رجلا لأن المنصب ينطوي على "تحد كبير".

وحاول الباكر خلال فعاليات الجمعية العامة للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، تدارك الأمر والتظاهر بأنه يمزح بعد أن لاحظ تململا كبيرا في صفوف الحاضرين، الذين ازعجهم تصريحه لانطوائه على تحقير كبير للنساء واستصغارا لقدرتهن على الإدارة والعمل وتمييز بحقهن.

وقال في بيان نشره حساب الخطوط الجوية القطرية في تويتر: "أودّ أن أتقدم بخالص اعتذاري عن التصريحات التي قمت بإدلائها، والتي تأتي خلافا لما أؤمن به حول أهمية الدور القيادي الذي تقوم به المرأة في الخطوط الجوية القطرية".

خسائر لا تنتهي

في سبتمبر/أيلول 2018، قالت الخطوط القطرية، إنها تكبدت خسائر بقيمة 70 مليون دولار في العام المالي الماضي المنتهي في 31 مارس/آذار 2018، مقارنة بتحقيق 772 مليون دولار أرباحاً في العام الأسبق.

بينما في أكتوبر 2018، قال أكبر الباكر إن الناقلة تدرس إضافة رسوم وقود إلى تذاكر السفر في ظل تكبد الشركة خسائر كبيرة في ظل المقاطعة العربية وكذلك ارتفاع أسعار النفط. ويعاني المسافرون على الخطوط القطرية منذ فترة بالأساس من ارتفاع أسعار التذاكر، وسوء الخدمة.

في ذات الشهر، تعرضت الخطوط الجوية القطرية، لانتقادات شديدة من المسافرين الذين قادهم حظهم للسفر على طائراتها، وأعربوا عن غضبهم الشديد بسبب سوء الخدمة والتجاهل الذي يلقونه من المسؤولين هناك ومضيفي الطيران.

في فبراير/ شباط 2019، علقت الخطوط الجوية القطرية، بعض خطط التوسع في وسط وغرب القارة الأفريقية، "بسبب المقاطعة العربية للدوحة.. إن المقاطعة لم تؤثر فقط على دولة قطر، بل امتدت آثاره السلبية لتشمل دولاً أخرى".

وذكرت الخطوط القطرية، أن رحلاتها تمتد على 320 مطارا دوليا في أفريقيا، "إلا أن 49% من مجموع المقاعد متاحة على رحلاتنا تتجه إلى 10 مطارات في 7 دول فقط".

منافسة غير شريفة

في سبتمبر/ أيلول 2019، ترأس الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اجتماعا استثنائيا بالمكتب البيضاوي، مع رؤساء معظم شركات الطيران الأميركية الكبرى الذين عرضوا شكواهم من المنافسة غير العادلة من جانب شركات طيران، أبرزها الخطوط القطرية.

يدور الخلاف حول ما إذا كانت قطر تقوم بشكل من أشكال "إعادة الشحن" تجاريا، على غرار نفس الطريقة التي تستخدمها الصين لتجنب التعريفات الجمركية عن طريق إعادة توجيه الكثير من صادراتها من الصلب والألمنيوم عبر ماليزيا أو فيتنام قبل وصولها إلى الولايات المتحدة.

وفي السنة المالية 2018-2019، قالت شركة الخطوط الجوية القطرية، إن خسائرها تفاقمت إلى 639 مليون دولار، "إن السنة المالية الماضية كانت مليئة بالتحديات، أبرزها فقدان الطرق الناضجة، وارتفاع تكاليف الوقود وتقلبات العملات الأجنبية".

ودفعت الأزمات المالية، التي تمر بها الخطوط القطرية بسبب المقاطعة الخليجية إلى الدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب من خلال زيادة حصتها في شركات طيران عالمية، حيث كان آخرها رفع حيازتها في الشركة المالكة للخطوط البريطانية.

أزمة في إيطاليا

وفي أحدث خطوة للشركة القطرية إعلانها، في فبراير/ شباط 2020، شراء حصة قيمتها 600 مليون دولار في آي.أي.جي المالكة للخطوط البريطانية لرفع حيازتها إلى 25.1 في المئة لتعزز استراتيجيتها الرامية إلى تكوين محفظة عالمية من الاستثمارات في شركات الطيران.

في فبراير كذلك، فقدت شركة الخطوط الجوية القطرية، استثماراتها في شركة الطيران الإيطالية "إير إيطاليا"، بعد إعلان تصفيتها بسبب مشاكل مرتبطة بالتشغيل، ما أدى إلى تعثرها وعدم قدرتها على تقديم خدماتها للمسافرين.

يأتي ذلك بعد قرابة عامين ونصف من استحواذ شركة الخطوط الجوية القطرية على حصة تبلغ 49% في طيران إيطاليا، وبالتحديد منذ 28 سبتمبر/أيلول 2017.

في ذات الشهر كذلك، أبرمت الخطوط القطرية شراكة غريبة مع مجموعة أميركان أيرلاينز، التي كانت تقود حملة ضدها وتتهمها بانتهاك قواعد المنافسة؛ ويقول محللون إن الخطوط القطرية بحاجة ماسة لهذا الاتفاق لتخفيف أزماتها المتفاقمة وتخفيف وطأة إغلاق أجواء الدول العربية التي تقاطعها.

وتبدو الخطوط القطرية بحاجة ماسة لهذه الاتفاقية لتخفيف متاعبها الكبيرة وتسجيلها للخسائر بسبب إغلاق أجواء السعودية والإمارات والبحرين ومصر بوجه رحلاتها، والذي قلص نشاطها وأجبرها على سلوك مسارات طيران طويلة ومكلفة.

تسريح عمالة

في يونيو/ حزيران الماضي، نفذت الخطوط الجوية القطرية تسريح ما لايقل عن 20% من عدد موظفي الشركة، وإبقاء طائرات إيرباص إيه 380 دون تحليق حتى أواخر 2021.

وقال أكبر الباكر إنه ربما يتم تسريح ما يقل عن 20% من موظفي المجموعة، وإن الشركة تجري محادثات مع إيرباص وبوينج لإرجاء جميع تسليمات الطائرات المعلقة.

وأكد الباكر، أن الناقل الوطني يجري محادثات مع شركتي الطيران "إيرباص" و"بوينج" لأجل إرجاء عمليات تسليم كافة الطائرات المعلقة.. "وقال "نتفاوض مع بوينج وإيرباص لتلبية طلبنا للتأجيل ونأمل أن يلتزم كلا المنتجين.. لا تملكان بديلا عن القبول وإذا جعلا الالتزام صعبا.. لن نقوم بالعمل معهما مجددا".

وتكبدت الخطوط القطرية خسائر تقدر بنحو 1.9 مليار دولار في العام المالي 2019-2020 بفعل تبعات الجائحة وهي خسائر قياسية للشركة في وقت أشار فيه الباكر إلى أن تلك الأرقام لن تكون نهاية قطار خسائر شركته مع توقعات باستمرارها في المستقبل القريب.