حين أقلعت قناة الجزيرة من الدوحة عام 1996م كان الهدف منها أن تكون أكبر مركز رصد منذ الحرب العالمية الثانية.
استُخدم أسلوب غسيل الدماغ في ممارسة الإرهاب الفكري طوال سنوات الحرب الباردة مع تصاعد حدة الضجيج الإعلامي واتباع الأسلوب الإعلامي الذي يتم استخدامه في المدارس التي تتبع هذا الأسلوب الذي يتناقض مع الحق والحقيقة؛ لأنه بشكل أو بآخر يعتمد بالدرجة الأولى على الأخذ ببعض الحقائق وليس كل الحقائق.
والحرب في جوهرها تبادل مركّز للعنف، وهي على الدوام تهاجم الجسد وتبيد مجموعات بشرية وتقتل فصائل عسكرية وتدمر مواقع آهلة بالسكان، وأية آلة فيها تستهدف حياة البشر، في حين أن الدعاية في جوهرها بمثابة عملية إقناع وبرهنة منظمة تستهدف العقل البشري، ومن هنا فإن الأولى حسية قتالية تدميرية والثانية نفسية فكرية.
في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني للعدوان والتنكيل وانتهاك حقوقه المشروعة، تستضيف "الجزيرة" على الدوام بعض الشخصيات الإسرائيلية من عسكريين وسياسيين وقد أفرغوا توّاً وقبل استضافتهم رصاصات الحقد في قلوب الأطفال ومرّغوا أياديهم بدماء الأبرياء داخل الوطن المحتل.
تعددت اتجاهات الوسائل الإعلامية صحافةً وإذاعات وقنوات فضائية، حتى أن بعض القنوات الفضائية العربية عكست بأعمالها درجة من التخبط في برامجها الإخبارية والحوارية.. ومن بين هذه القنوات قناة الجزيرة التي كان من المفترض أن تواجه الهيمنة القادمة من الغرب، وبالتالي العمل على إسماع العالم صوت العرب والحق العربي المنشود، ولكن ما حدث أن هذه القناة تفتقد إلى الهوية القومية ولا تمتلك الشخصية المستقلة إطلاقاً وهي تخضع لتوجهات عدوانية غايتها التحريض وبث الأفكار المتناقضة والمسمومة وإثارة الخلافات العربية والطعن في الأنظمة العربية بدعوى الحريات وحقوق الإنسان، إلا أنها تعمل على تأليب المواقف وتصعيد حدة المشاكل في المنطقة العربية.
وحين أقلعت قناة الجزيرة من الدوحة عام 1996م كان الهدف منها أن تكون أكبر مركز رصد منذ الحرب العالمية الثانية، وأن غطاءها الإعلامي هو التغطية الضرورية لجميع المعلومات وترويجها، ودراسة ردود الفعل العربية لبناء سياسة الفعل الإنجليزية الأمريكية الإسرائيلية، وأصبحت الجزيرة تمثل أكبر وكر للتجسس البريطاني الغربي الأقوى في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، طالب اتحاد الإذاعات والتلفزيونات في فلسطين، قناة الجزيرة القطرية بوقف التطبيع الإعلامي؛ لأنه في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني للعدوان والتنكيل وانتهاك حقوقه المشروعة، تستضيف "الجزيرة" على الدوام بعض الشخصيات الإسرائيلية من عسكريين وسياسيين وقد أفرغوا توّاً وقبل استضافتهم رصاصات الحقد في قلوب الأطفال ومرّغوا أياديهم بدماء الأبرياء داخل الوطن المحتل، ومن بين هؤلاء المتحدث باسم جيش الاحتلال أفخاي أدرعي.
وقد أعطت قناة الجزيرة القطرية، المسؤولين الإسرائيليين حصةً واسعة على منبرها ليعبروا عن الموقف الإسرائيلي سواء في حلقاتها الإخبارية أو برامجها الحوارية.
لعب قادة إسرائيل الدور الأبرز إعلامياً وعبر الفضائيات في حقن الشخصية اليهودية بمقولة خطرة هي "لا حقيقة في الوجود إلا حقيقة اليهود" وهذه المقولة رددها زعماء الحركة الصهيونية الأوائل بشكل لافت للنظر، ومن خلال مراقبتنا ومتابعتنا لحركة المجتمع الإسرائيلي القائم على التوسع والعدوان لم نلمس أن الأوساط الفكرية والسياسية الإسرائيلية قد فهمت أن الحوار الموضوعي هو الأساس لاستجلاء الحقيقة.
لكن الباحثين والسياسيين الإسرائيليين يتجنبون ذكر قرارات الشرعية الدولية حيال قضيتنا القومية ويصطنعون مزيداً من تقاليد اليهودية وتزوير أحداث التاريخ في اللقاءات والحوارات الإعلامية من أجل الحفاظ على الهوية اليهودية وتدعيم نفوذ التيارات الدينية.
والحوار مع الآخر له شروطه وفي مقدمتها عدم الانسلاخ عن الجذور، وأن يحترم هذا الآخر قواعد الحوار، وأن يؤمن بمفاهيم الديمقراطية والعدالة والسلام، والاستغراب الشديد أن نجد بيننا مَن يدعو أو يسمح من خلال تلك الحوارات التحريضية والمشبوهة إلى التخلي عن هويتنا القومية ونزع عقيدتنا الوطنية والدينية والركوع أمام عدو يستهدف وجودنا ومستقبلنا، فمَن ينفخ نار العداوة والحقد في الإعلام لا يستحق الانتماء لشرف المهنة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة