يحاول النظام القطري عبر العرض الذي قدمه بخصوص "التخلي عن الجماعة الإخوانية" أن يسعى لخلط الأوراق
ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أن وزير الخارجية القطري زار العاصمة السعودية الرياض سراً، يؤكد أن النظام القطري بعد أن فشلت جولاته المكوكية الإقليمية والدولية والتي تبحث إما عن تأييد دولي وإقليمي في ظل العزلة التي يعيشها وإما عن ضغط دولي على الدول الرباعية لإنهاء أزمته وخسائره الاقتصادية المتصاعدة، وصل إلى قناعة بأنه ما من سبيل آخر أمامه سوى الاقتناع بأن "الحل في الرياض".
أما بالنسبة لمضمون الزيارة والعرض الذي قدمه وزير الخارجية أثناء زيارته، بأن تتخلى الدوحة عن الجماعة الإخوانية، فهذا يؤكد أن العقلية القطرية لم تصل بعد إلى بلورة رؤية واضحة حول أسباب المقاطعة الرباعية، وبالتالي يحاول النظام القطري أن يختزل الأزمة في علاقة الدوحة بجماعة الإخوان المسلمين، والتي سعى في السابق لإنكارها، ليعود اليوم يناقض نفسه ويعترف بعلاقته مع جماعة الإخوان الإرهابية.
إن سرية الزيارة لوزير الخارجية القطري تعني أن القطريين ليس لديهم استعداد حقيقي للمكاشفة والتعامل بشجاعة مع الأزمة والاعتراف بالأخطاء التي قادت لهذه الأزمة، وبالتالي كان من الأولى أن يزور وزير الخارجية القطري الرياض علناً، ويعترف بأخطاء دولته
يحاول النظام القطري عبر العرض الذي قدمه بخصوص "التخلي عن الجماعة الإخوانية" أن يسعى لخلط الأوراق، والقفز على المطالب الـ13، ومحاولة الاستمرار في سياسة تزييف الحقائق عبر محاولة تصوير الأزمة بأنها ناجمة عن علاقة الدوحة بالجماعة الإخوانية، وبالتالي ما يؤكد أن العقلية القطرية لا تزال تتعاطى بإستراتيجيتها القديمة القائمة على محاولة التضليل وتزييف الحقائق والعمل على التغطية على سنوات طويلة من التآمر القطري على دول الجوار، وهو الأمر الذي يأتي في صميم الأزمة التي قادت إلى قطع العلاقة مع الدوحة.
في ظل بروز دول أخرى باتت تشكل ملاذا آمنا للجماعة أو هكذا تنظر لها جماعة الإخوان والدول الداعمة لها، فإن محاولة قطر لطرح مسألة طرد الإخوان من الدوحة هي لا تشكل أهمية لأنها محاولة "لذر الرماد في العيون" وليست خطوة مهمة في طريق فك الارتباط مع الجماعة الإخوانية، وبالتالي هي ليست خطوة تمت صياغتها على قناعة بأهمية التخلي عن هذه الجماعة الإرهابية.
والأمر الآخر الأكثر أهمية هو التغلغل الإخواني في النظام القطري في مركز صناعة القرار السياسي، والمؤسسات الإعلامية والتعليمية، وأيضا أن الإخوان في قطر ليسوا فقط متغلغلين داخل أجهزة الدولة وإنما كانوا مشروعاً استثماريا لمشروع حمد بن خليفة في البحث عن الزعامة الإقليمية، كل هذا يجعل من الصعب فك الارتباط بين قطر والجماعة الإخوانية، فالتنظيم الإخواني في قطر بقيادة جاسم بن سلطان، تم حله عام 1999 ليعود جاسم بن سلطان في مرحلة الربيع العربي ليقود "منتدى النهضة" بجانب صهر القرضاوي الذي يقود "أكاديمية التغيير"، وهو الأمر الذي يؤكد أن الإخوان في قطر ليسوا جماعة بل هم جزء من الدولة القطرية، وأحد أهم أداتها، وهو ما يجعل من مسألة فك الارتباط بين قطر والإخوان، وإنهاء التغلغل الإخواني في مفاصل الدولة القطرية وأجهزتها ومؤسساتها أمرا ليس من السهولة.
أيضا استعداد النظام القطري للتخلي عن الجماعة الإخوانية يعكس استمرارية العقلية التناقضية القطرية التي كانت بالأمس تتنصل من العلاقة مع الإخوان وتنكر وجود علاقة أو دعم لجماعة الإخوان، بينما في محاولاتها للبحث عن مخرج من العزلة التي تعيشها قدمت عرضاً بالتخلي عن الجماعة الإخوانية، وبالتالي استمرارية النظام القطري في إدارة أزمته التي يعيشها بالعقلية التناقضية هو أمر لا يدعو إلى مزيد من التفاؤل في أن يذهب النظام القطري إلى تغيير حقيقي في سياساته.
الحل الحقيقي للأزمة القطرية يبدأ بالمكاشفة وجدية الاستعداد نحو التغيير، وأيضا يتطلب من القطريين التعامل مع الأزمة وأسبابها وحلولها بالشجاعة، وهو الطريق الحقيقي نحو تصحيح المسار، بالتالي فإن سرية الزيارة لوزير الخارجية القطري تعني أن القطريين ليس لديهم استعداد حقيقي للمكاشفة والتعامل بشجاعة مع الأزمة والاعتراف بالأخطاء التي قادت لهذه الأزمة، وبالتالي كان من الأولى أن يزور وزير الخارجية القطري الرياض علناً، ويعترف بأخطاء دولته، ويشرع في تنفيذ ما يملى وما يطلب من دولته تنفيذه لإنهاء الأزمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة