أموال الشعب القطري وصفقات "الحمدين" القذرة.. العقاب قادم
مليارات القطريين ينهبها تنظيم الحمدين عبر صناديق سيادية قطرية ويعيد تدويرها بمختلف أنحاء العالم عبر صفقات غسيل أموال مشبوهة.
من العراق شرقا حتى الأرجنتين غربا يستنزف تنظيم الحمدين الحاكم في قطر أموال الشعب القطري في صفقات مشبوهة لا تخلو من عمليات غسيل أموال يعاد تدويرها لاستخدامها في دعم وتمويل الإرهاب.
ثروات "الحمدين" أمير قطر السابق حمد بن خليفة وحمد بن جاسم أثبتت الوثائق نهبهما مليارات القطريين عبر صناديق سيادية قطرية وإعادة تدويرها بمختلف أنحاء العالم عبر صفقات غسيل أموال مشبوهة لا تقف عند حدود في الاستثمار من الخمور إلى الملاهي والفنادق إلى الأندية الرياضية الفاشلة، بالإضافة للقصور واليخوت والأراضي... إلخ.
صفقات الشراكة والاستحواذ والشراء القطرية التي استثمر فيها النظام القطري في عديد من الدول دوما ما تفوح منها روائح العمولات والرشاوى، كما حدث في فرنسا والعراق والأرجنتين ودول أفريقية وآسيوية.
الجمهورية الفرنسية في قطر
وسائل إعلام فرنسية، كشفت في وقت سابق مستندة إلى وثائق وشهادات وكتب أجراها صحفيون استقصائيون، عن تورط الدوحة في صفقات قذرة، بتقديم الرشاوى للسياسيين الفرسيين، فضلا عن اتباع قطر حيلا غير شريفة لتقويض المنافسة الاقتصادية للدول الأخرى في فرنسا لصالحها بطرق غير شرعية.
وسرد كتاب "أمراؤنا الأعزاء" الذي أصدره الصحفيان الفرنسيان جورج مابرينو وكريستيان شينو، علاقة الفساد التي تورطت فيها قطر وبعض السياسيين الفرنسيين الذين تلقوا هدايا وامتيازات مقابل الدفاع عن الإمارة الصغيرة.
وأشار الكتاب إلى ركض سياسيين فرنسيين، من بينهم نواب ووزراء ومسؤولون كبار، وراء المال القطري، وكيف يتملق هؤلاء مسؤولي النظام القطري؛ للحصول على أموال الغاز القطري التي يمتلكها الشعب القطري وليس "تنظيم الحمدين"، هذا النهج الذي اتبعته الدوحة خلال حكم حمد بن خليفة عاد إلى الواجهة بشكل أقوى عقب وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم في 2007.
كشف كتاب جديد للكاتبة الفرنسية برينيي بونت، يحمل عنوان "الجمهورية الفرنسية في قطر"، وهو من الكتب الأكثر مبيعاً في العالم، عن نفوذ نظام قطر في باريس، موضحاً أن "الدوحة أنفقت عشرات ملايين اليوروهات خلال العقد الماضي، لتصبح لاعبَ وسطٍ في الكواليس السياسية والاقتصادية الفرنسية".
الوجود القطري في فرنسا بدأ في عهد شيراك، وأعطاهم ساركوزي امتيازات شملت إعفاء من الضرائب المفروضة على أرباح الشركات القطرية للعقارات، ولم يستطع أولاند التخلص منها، فهل سيفعل ماكرون؟".
"هيئة الاستثمار القطرية"، في باريس، منذ تأسيسها في عام 2005 في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك كانت بوابة تلك الاستثمارات، حيث كانت المسؤولة عن تدفق المليارات القطرية التي دخلت فرنسا تحت مسمى الاستثمارات، أبرزها الحصول على نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وأيضاً أسهم في أكبر الشركات الفرنسية.
غسيل أموال في العراق
شملت صفقات تنظيم الحمدين المشبوهة والتي لها ارتباط وثيق بتمويل الإرهاب ما كشفته مصادر عراقية في يونيو/حزيران الماضي عن تورط قطر في غسيل أموال بالعراق، عبر شركة اتصالات، وبمساندة سياسيين بارزين وعدد من النواب وسياسيين أكراد.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية عن أن الأسرة الحاكمة في قطر متورطة في غسيل أموال في العراق، عبر عديد من الاستثمارات القطرية في بغداد.
وأضافت أن إحدى شركات الاتصالات مدعومة من أبرز السياسيين والنواب القطريين مع السياسيين الأكراد كانت الوسيلة التي تتم من خلالها غسيل الأموال.
وأوضحت أن قطر استندت لعدة وسائل لتنشيط عمليات غسيل الأموال في العراق، وأبرزها عمليات تهرب ضريبي خاص بشركة "آسيا سيل" للاتصالات، حيث يمتلك تنظيم الحمدين أكثر من 65% من أسهم الشركة، ما يمكّنها من التلاعب في الأسهم لغسيل الأموال.
وإثر ذلك صادرت السلطات العراقية الأموال الخاصة بالأسهم القطرية من عدة مصارف عراقية حتى تم دفع الضرائب.
كما تتبعت السلطات التحويلات المالية عبر إحدى شركات التحويل المالي بالعراق وشركات أخرى ومصانع، استخدمت ستارا لتهريب أموال القطريين إلى العراق عن طريق مطار السليمانية.
فساد "الحمدين" في الأرجنتين
كشفت صحيفة "بوليتيكا أرجنتنينا" الأرجنتينية في مارس/آذار الماضي، عن تورط الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري في تهم غسيل أموال مع الدوحة، وطلب النائب العام جيرمان مولديز التحقيق معه في هذه التهم.
وبحسب الصحيفة، طالب النائب العام التحقيق مع ماكري ونائبته جابرييلا ماتشيتى؛ بسبب توقيع مذكرة مع قطر تخالف اللوائح المعمول بها في الأرجنتين، وذلك بعد شكوك أن تلك الأموال القطرية التي تضخ إلى الأرجنتين عبر تلك الاتفاقية تشوبها اتهامات غسيل أموال، وهو ما أثارته شكاوى وبلاغات عدة من منظمات غير حكومية، والتي وصلت إلى المحكمة الاتحادية.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد قام بزيارة إلى الأرجنتين، والتقى الرئيس ماكري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وشهدت الزيارة ضخ أموال قطرية بحجة الاستثمارات، إلا أن الأمر تم بشكل مريب وغامض دون الكشف عنه، خاصة أنه لم يتم الكشف عن ماهية تلك المشروعات أو تفاصيل الاتفاق.
وأشارت التقارير تفاصيل الاتفاقات الأرجنتينية- القطرية، وذلك حين وقع في 2016 كل من "صندوق قطر السيادي" للاستثمارات وصندوق التقاعد الأرجنتيني والمعروف باسم "أنسيس"، مذكرة تفاهم حول خلق كيان اقتصادي بمساهمات مالية ضخمة من الصندوقين في إطار استثمارات لخلق شراكة عبر ما يسمى "أوف شور"، وهي الشركات التي تثير الشك حول طريقة تدوير الأموال فيها والاتهامات، التي تشوبها بغسل الأموال وإخفائها.
وتطرقت إلى أن فتح ملف دعم قطر للإرهاب أثار الجدل حول الأموال القطرية في الأرجنتين والاستثمارات، ما سيحتاج لشفافية أكبر في المرحلة المقبلة؛ لتوضيح نوعية تلك الاستثمارات المشتركة، خصوصا أن الاتفاقية أصبحت مصدر قلق؛ بسبب عدم معرفة مصدر ضخ الأموال القطرية، وأن الاتفاق لم يمر عبر الكونجرس الأرجنتيني.
بدورها أضافت صحيفة "أمبيتو" الأرجنتينية أن استثمارات الصندوق قد تصل إلى مليار ونصف المليار من الدولارات يقوم بإداراتها طرف ثالث لم تحدد هويته في إطار استثمارات في الداخل الأرجنتيني، ما يخرق السيادة القضائية، ولا يجعل تلك الاتفاقية خاضعة للمراقبة، وقد يسمح بدخول أطراف قد لا ترغب فيهم الأرجنتين في إدارة مشاريع بنية تحتية كطرف ثالث يفرض عليهم دون قدرتهم على تغيير الأمر الواقع، وينتهك سيادة البلاد دون مراقبة الأموال.
العقاب قادم
اتجاه سياسي قوي داخل الإدارة الفرنسية الحالية، لإنهاء الوجود القطري في فرنسا، الذي بدأ في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك عبر صفقات مشبوهة، ثم جاء ساركوزي ليعطي امتيازات أكثر للدوحة شملت إعفاء من الضرائب المفروضة على أرباح شركات قطرية يملك فيها الجانب الأكبر تنظيم الحمدين الحاكم في قطر.
وأشارت صحيفة "لاكروا" الفرنسية إلى أن باريس تتجه نحو إنهاء الامتيازات القطرية في فرنسا، موضحة أن "هذه الإمارة الصغيرة، التي تعيش في قلب صراع دبلوماسي عنيف مع دول الجوار التي تتهمها بتمويل الإرهاب".
وخلال الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن رغبته لوضع حد لاتفاقات الامتيازات الفرنسية بالنسبة لقطر"، معتبراً أن بها شبهات تواطؤ تجاه الإمارة.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الإمارة الصغيرة الواقعة في الخليج العربي، تدفع باستثمارات بالغة في الغرب، منذ وصول أمير قطر السابق حمد بن خليفة للحكم عقب الانقلاب على والده عام 1995.
وتساءلت وسائل إعلام أوروبية.. هل يتجه ماكرون لإنهاء هذا التغلغل القطري خاصة مع ضلوع قطر في دعم وإيواء التنظيمات الإرهابية التي لم تسلم أوروبا من هجماتها خاصة باريس؟ مشيرة إلى أن الاستثمارات الضخمة التي ضخها "تنظيم الحمدين" خلال السنوات الماضية، في فرنسا بدأت بالانهيار.
وأوضحت أن إجمالي الاستثمارات القطرية في فرنسا 40 وحدها تبلغ مليار يورو سنويا، حيث تتجه الشهية القطرية نحو ضخ أموال إلى أوروبا لاسيما فرنسا التي أصبحت ثاني دولة مستفيدة من تلك الاستثمارات، فضلاً عن تمويل المؤسسات الدينية والثقافية المثيرة للجدل في أوروبا مثل "قطر الخيرية" في بريطانيا ومؤسسة "الأمل" وعدة مؤسسات دينية في سويسرا، منها مجمع النور الإسلامي.المحاسبة دوليا
سبق أن طالبت مصر مجلس الأمن بتوثيق الانتهاكات المتكررة من جانب بعض الدول، خاصة قطر.. وطالبت، في بيان أمام اجتماع مشترك ومفتوح، انعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، بتوثيق طرق تسليح وتمويل بعض الدول ومنها قطر للجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا، والتصرف إزاء تلك الانتهاكات.
وبعد ضغوط متزايدة ومتواصلة نتيجة تمويل قطر للمتشددين في سوريا والعراق، اتخذ أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني على عاتقه طمأنة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن نظامه لا علاقة له بكل ذلك، لكنه اعترف في الوقت ذاته بأن "تلك التنظيمات ممولة بشكل جزئي من الخارج"؛ لذا أصدرت قطر قانوناً جديداً لتشكيل هيئة ناظمة للجمعيات الخيرية المحلية التي تشترك بالعمل السياسي أو ترسل الأموال إلى الخارج أو تحصل على مساهمات من الخارج.
للتغطية على تمويلها للإرهاب أقرت قطر قانوناً في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يوجب بشكل خاص على الادعاء تجميد أموال المنظمات التي تضعها الأمم المتحدة على قائمة الإرهاب، وأعطيت لجنة مكافحة الإرهاب الوطنية صلاحية تحديد الإرهابيين بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، غير أن اللجنة لم تسجل أي منظمة بدءاً من عام 2013.
اللافت أنه وبعد طول غياب أدرجت قطر في قائمتها التي أعلنتها في مارس/آذار 2018 للكيانات الإرهابية مؤسسة واحدة من المؤسسات التي تدعم الإرهاب تحت غطاء العمل الخيري، في حين أغفلت مؤسسات أكبر منها وأضخم، مثل مؤسسات "عيد" الخيرية و"قطر" الخيرية، بخلاف فضائية الجزيرة.
19 شخصا و8 كيانات أدرجتها قطر ضمن قوائمها للإرهاب، في خطوة متأخرة تبتلع معها مكرهة كأس إدانة ضمنية بصحة التهم المنسوبة إليها من الرباعي المقاطع لها.