2018 في قطر.. خيبة سياسية توجتها لطمة غاز قاتلة
2018 شكل عنوان أزمة بالنسبة لقطر التي وجدت نفسها معزولة عن محيطها الإقليمي، وعاجزة عن وضع مزيد من المساحيق لتجميل وجهها الذي بات مكشوفا
بقدر ما كشف 2017 هشاشة السياسات القطرية في الداخل والخارج، جاء 2018 ليعري الوجه الخفي والقبيح لدويلة تصر على دعم الإرهاب، وتستميت في الخروج عن الضوابط ومعايير العيش المشترك مع جيرانها ومحيطها العربي.
ووفق ما رصدته "العين الإخبارية"، شكل العام الجاري عنوان أزمة حقيقية بالنسبة لقطر التي وجدت نفسها معزولة عن محيطها الإقليمي المباشر، وعاجزة عن وضع المزيد من المساحيق التي تجمل وجهها، وعن تلمس طريق العودة إلى نقطة التوازن.
ومع أن وضعا مماثلا كان حريا بأن يعيد سلطات هذا البلد إلى رشدها، عبر البحث عن حل لأزمتها غير بعيد عنها، وتحديدا في الرياض، إلا أن الإصرار على الخطأ فاقم من جسامة الجرم، وشحن عام 2018 بكم هائل من الخيبات والفشل للدويلة العالقة في ارتدادات سياساتها.
تمويل الإرهاب
في يونيو/حزيران 2017، كان موقف الرباعي العربي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حاسما بقطع العلاقات مع الدوحة بسبب دعمها للتنظيمات الإرهابية.
تدفق الشهادات من كل جانب، وحتى من داخل جماعات إرهابية، وأخرى أمام الكونجرس الأمريكي لأحد أشهر خبراء الإرهاب وتمويله، جعل الخناق يضيق حول قطر، ويفضح سرا ظلت وحدها تعتبره كذلك.
ففي اعترافاته للقضاء العراقي، في أغسطس/آب الماضي، قال أبومنصور المغربي، أحد عناصر "داعش"، إن "قطر قدمت دعما كبيرا للتنظيمات الإرهابية في سوريا".
وأكد الإرهابي أنه تواصل مع أطراف خارجية منها قطرية، للحصول على تمويل لـ"داعش"، وقد كان القطري خالد سليمان، أحد الداعمين للتنظيم، حيث كان يقدم له مليون دولار شهريا.
قبل ذلك، وتحديدا في أبريل/نيسان الماضي، قدم الدكتور ديفيد واينبرج، شهادة مفصلة أمام اللجنة الفرعية للإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالكونجرس الأمريكي، تضمنت تفاصيل أدانت الدوحة بشكل مباشر.
وفي الوقت الذي تبذل فيه بلدان الخليج الأخرى جهودا جبارة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، قال واينبرج إن "الإرهابيين في كل من اليمن وسوريا، استفادوا من ملايين الدولارات التي وصلتهم من قطر في شكل فدية".
وطالب الخبير لجنة الكونجرس بوقف دفع الدول فدية للإرهابيين باعتبارها مصدر تمويل غير مباشر للتنظيمات الإرهابية.
لوبيات الضغط الأمريكية
وإثر مقاطعتها من دول الجوار، ارتمت الدوحة في أحضان لوبيات الضغط حول العالم، والمجموعات الدينية ذات التأثير بدوائر القرار سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، بحثا عن أية وسيلة لتلميع صورتها وإبعاد صفة الإرهاب عنها.
تقارير إعلامية كشفت، نقلا عن وثائق رسمية، أن النظام القطري أنفق عشرات الملايين من الدولارات على تلك اللوبيات.
ولعل أكثر ما أثار جنون الدوحة هو قول الرئيس الأمريكي صراحة إن "لقطر تاريخا طويلا في دعم الإرهاب، وأن الوقت حان لتتوقف عن ممارساتها"، ما جعلها تعقد صفقات يمنة ويسرة، وذلك بشراء مقربين من ترامب وأعضاء في الكونجرس.
وأنفقت قطر أيضا أموالا طائلة لإجهاض مشروع قانون يعتبرها راعية للإرهاب، تم تقديمه إلى الكونجرس، وفق تصريحات إعلامية لاثنين ممن العاملين في إحدى جماعات الضغط بالولايات المتحدة.
الخروج من "أوبك".. شاهد آخر على الفشل
بخروجها من منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، كانت الدوحة تأمل ببعثرة الأوراق ومحاولة الإضرار ببقية البلدان الأعضاء، لكنها أغفلت حقيقة أنها لم تكن يوما سوى لاعب متناهي الصغر بالمنظمة، وأن انسحابها لم يكن له أي وزن، وإنما مثّل فقط شاهدا آخر على فشل سياساتها.
فالدوحة تنتج أقل من 2% من إجمالي إنتاج "أوبك"، ما يعني أن احتياطياتها النفطية على نفس القدر أيضا، كما أنها تأتي بالمركز الـ11 من بين الدول الأعضاء المنظمة (عددهم 15)، ما يعني أن خروجها لن يؤثر بأي شكل على إمدادات أو أسعار النفط.
خروج أرادته الدوحة مؤشرا لوزنها، فكان أن فضح أن ذاك الوزن لا يتعدى الريشة، وأن القرار بحد ذاته أظهر ضعف استراتيجيتها، ووهن خياراتها، وعجزها عن قراءة التوازنات الجيوسياسية بمختلف أبعادها ومتغيراتها.
ومع الطنين الإعلامي لأبواق الدعاية القطرية، والذي رافق الخروج، بدا من الواضح أن الدوحة لم تواكب بعد مفهوم التعاون الاستراتيجي بين أهم منتجي "أوبك"، والذي بات اليوم المحدد الأساسي لاتجاهات سوق النفط.
أو ربما قد يكون وجودها على الهامش دائما هو ما يثير جنونها، ويدفعها نحو تعمد الإساءة لجيرانها، وخصوصا السعودية والإمارات، في عقدة نقص ما فتئت تتفاقم عبر الزمن.
الغاز.. اللطمة القاتلة
لطمة موجعة ومدوية تلقتها قطر مؤخرا عقب إعلان زيادة القدرة الأمريكية على تصدير الغاز الطبيعي المسال بما يفوق معدلها الحالي بواقع يتجاوز الضعف خلال عام من الآن.
إعلان جاء على لسان مصادر حكومية من الولايات المتحدة، أصاب الدوحة بمقتل، وهي التي كانت انسحبت من "أوبك" للتفرغ لتنمية مشروعات الغاز، وسط توقعات مسؤوليها بإمكانية استعادة صدارة الدول المصدرة للغاز الطبيعي وإزاحة أستراليا من الصدارة التي احتلتها الشهر الماضي.
وبهذا، فإنه حتى في ظل التوقعات التي تشير إلى تراجع محتمل في صادرات أستراليا من الغاز على المدى المتوسط، فإن المجال سيصبح سانحا لدخول واشنطن كمنافس ثالث وأقوى، ما سيغلق الباب بوجه أية محاولة قطرية لاستعادة السيطرة على سوق الغاز.
aXA6IDMuMTM3LjE3Ni4yMTMg
جزيرة ام اند امز