على ما يبدو أن الاقتصاد القطري لن يشهد أياما سعيدة في المستقبل ما لم تتخلَّ القيادة القطرية عن مكابرتها ودعمها للإرهاب.
ما زال تنظيم الحمدين يواصل عناد الأشقاء الخليجيين والعرب ويسير على درب دعمه للإرهاب، ضاربا كل محاولة لإعادته للحضن الخليجي عرض الحائط. هذا العناد والمكابرة كان لهما عظيم الأثر على الوضع الاقتصادي للدوحة التي تتلقى الضربة تلو الأخرى من تخفيض أهم الوكالات العالمية لتصنيفها الائتماني، وانخفاض قيمة الريال، إلى بيع أصولها في الخارج، مرورا بزيادة فائدة الاقتراض وغيرها من الأمور التي كان القطريون في غنى عنها في حال الموافقة على الشروط التي وضعتها دول المقاطعة والتي تتمحور حول وقف دعم الإرهاب.
"إن بكاء الشهواني على شاشة الجزيرة ما هو إلا مؤشر بسيط على الوضع المتردي لاقتصاد قطر، والذي بات ينعكس شيئا فشيئا وبشكل مباشر على المواطن القطري والمستثمرين الأجانب الذين بدأوا بالهروب بأموالهم من جحيم الدوحة وركودها"
لقد شاهد الجميع تلك المقابلة التلفزيونية التي طلب فيها مذيع الجزيرة من رجل الأعمال القطري جابر الشهواني أن يوجه كلمة للمستثمرين؛ فما كان من الشهواني إلا أن انهار باكيا من وقع الكارثة التي حلّت بالاقتصاد القطري الذي كان يعد من أكثر الاقتصادات نموا في المنطقة إن لم يكن في العالم.
إن بكاء الشهواني على شاشة الجزيرة ما هو إلا مؤشر بسيط على الوضع المتردي لاقتصاد قطر، والذي بات ينعكس شيئا فشيئا وبشكل مباشر على المواطن القطري والمستثمرين الأجانب الذين بدأوا بالهروب بأموالهم من جحيم الدوحة وركودها.
يلاحظ الكثير من المتابعين والمحللين الاقتصاديين أن الاقتصاد القطري يواجه اليوم كثيرا من العقبات منذ إعلان مقاطعة الدوحة في 5 يونيو الماضي؛ فبعد شهر على المقاطعة علق مصرف قطر المركزي المزاد الشهري لأذون الخزانة، بسبب نقص مستوياتِ السيولة؛ ما أدّى إلى ارتفاعِ سعر الفائدة بين البنوك، من 2% إلى 2.44%، وللمرة الأولى منذ عام 2009 تدخل الصندوق السيادي القطري لدعم البنوك المحلية بالسيولة.
وفي 26 يوليو، خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز»، تصنيفها لديون قطر مع انخفاض الريال القطري إلى أدنى مستوياته في 11 عاما، وسط علامات على نزوح أموال صناديق استثمارات المحافظ، وخفضت تصنيفها للديون القطرية طويلة الأجل إلى «AA-» من«AA»، ووضعتها على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية.
كما توقعت وكالة "فيتش" تراجع صافي الأصول الأجنبية السيادية لقطر إلى 146% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي من 185% في 2016.
كما أفاد تقرير لوكالة "موديز"، بأن قطر استنفدت نحو 38.5 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الخاص بها، فقط في شهري يونيو ويوليو.
وقالت وكالة "رويترز" إن أسعار الإسكان والمرافق في قطر هبطت بنسبة 4% في أغسطس الماضي مقارنة بالعام السابق.
وفي تقرير لها بتاريخ 2 أكتوبر الحالي، أبرزت وكالة بلومبرج، تأثير المقاطعة العربية لقطر على اقتصادها الذي سجل أبطأ نمو منذ عام 1995، أي منذ 22 عاما.
وقد تسببت سياسات تنظيم الحمدين الداعم للإرهاب في هروب رأس المال من السوق القطرية، وهو ما كشف عنها تقرير رسمى صادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة بتاريخ 10 أكتوبر، عن خروج العديد من الشركات الأجنبية من السوق بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة، وكشف التقرير عن تراجع عدد الشركات الجديدة المسجلة فى شهر سبتمبر الماضى إلى 1015 شركة، مقابل نحو 1766 شركة فى شهر أغسطس، ولم تتخطَّ نسبة الشركات الأجنبية فيها سوى 1% فقط.
وعلى الرغم من النظرة الإيجابية التي كشف عنها البنك المركزي القطري حول أداء البنوك المحلية، خلال شهر أغسطس الماضي، فإن البيانات الصادرة عن تقريره كشفت عن حجم الضغوط التي يتعرض لها النظام المالي، وهو ما دفع بالدوحة إلى بيع حصص في شركات عالمية بهدف توفير السيولة التي تراجعت بشكل كبير منذ بدء المقاطعة.
وأكدت البيانات التي جاءت بالتقرير، النزيف المستمر في الودائع الأجنبية التي هبطت بنسبة 5%، خلال أغسطس الماضي على أساس شهري، لتفقد بذلك البنوك القطرية ما قيمته 35.6 مليار ريال من حجم ودائعها الأجنبية، بنسبة تراجع بلغت 19% في 3 أشهر.
وتحت ضغط الأزمة وتداعياتها، ضخت قطر أموالا من الميزانية العامة للدولة، قفزت برصيد ودائع القطاع العام لدى البنوك بمعدل 10.5% إلى 295 مليار ريال، بعد أن كانت هذه القيمة تشكل 267 مليار ريال في يوليو.
وعلى صعيد سوق الأسهم، تكبدت بورصة قطر خسائر مالية بلغت 78 مليار ريال منذ بداية المقاطعة بسبب مخاوف الاستثمارات الأجنبية وخروجها من السوق؛ ما أفقدها 22% من قيمتها السوقية منذ بداية العام الحالي لتسجل البورصة أسوأ أداء في تاريخها.
ولمواجهة حركة تخارج رأس المال، قامت الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة لمساعدة شركات القطاع الخاص وإغرائها من خلال حزمة من التسهيلات، حيث قررت خفض قيمة الإيجار الذي تدفعه الشركات في المناطق اللوجستية إلى النصف خلال عامي 2018 و2019.
وحتى الآن لم تعلن قطر النتائج المالية للربع الثالث للعام الحالي، والتي يقول عنها المحللون إن الدوحة قد عانت فيه بشكل كبير، وعلى ما يبدو أن الاقتصاد القطري لن يشهد أياما سعيدة في المستقبل ما لم تتخلَّ القيادة القطرية عن مكابرتها ودعمها للإرهاب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة