أخطأ نظام "الحمدين" في دولة قطر "بحماقته" الهدف مرتين
اعتراض مقاتلات قطرية لطائرتين مدنيتين إماراتيتين، أمس، هو فصل جديد من مفاجآت نظام "الحمدين" الحافل بالكثير من المواقف التي لا تخطر على البال، رغم امتلاك هذا النظام للكثير من الإبداع في سجل خلق الفتن وافتعال الأزمات، وإفشال وإرباك كل المساعي الحميدة لتعديل سلوكه.
لو وضعنا التفسير الأقرب إلى المنطق لتلك الأفعال الصبيانية سنجد أنها نتيجة للضغط السياسي الذي تعيشه الحكومة القطرية، وأن مسألة احتمال النظام للمقاطعة (وفق نظرية عض الإصبع) انتهت، ولم يعد في قدرته الصمود وإقناع الرأي العام العالمي ببراءته من دعم التطرف والإرهاب.
أخطأ نظام "الحمدين" في دولة قطر "بحماقته" الهدف مرتين، المرة الأولى: عندما أراد أن يرسل رسائل معينة لها علاقة بعجزه في إدارة أزمته مع الدول المقاطعة له، بمزاعم ليس لها أساس ضد دولة الإمارات، حيث فوجئ العالم بأن سبب الأزمة مع قطر يرجع إلى رفض قطر تسليم زوجة معارض إماراتي لأبوظبي.
أما التهمة الثانية، فقد تقدمت بها مندوبة النظام القطري في الأمم المتحدة علياء آل ثاني بشأن ما أسمته اختراق طائرة عسكرية إماراتية المجال الجوي القطري؛ إلا أن تلك المزاعم فضحت النظام أكثر مما خدمته لأنها كشفت عن حالة التخبط والارتباك الذي يعيشه النظام حالياً، وعن ازدياد حالة الاستياء الداخلي من قبل الرأي العام الداخلي.
وأخطأ نظام الحمدين مرة ثانية: عندما أدرك عدم قناعة المجتمع الدولي بمزاعمه، وأدرك العقلانية الإماراتية في الرد عليها فقام بحماقة سياسية أكبر من الأولى، وبتصرف مريب في المنطقة، وذلك باعتراض سلاح مقاتلاته لطائرتين مدنيتين إماراتيتين متجهتين إلى مملكة البحرين، الأمر الذي أثار عاصفة استغراب من تصرفاته التي لن تزيده إلا "مأزقاً" آخر إقليمياً ودولياً.
لو وضعنا التفسير الأقرب إلى المنطق لتلك الأفعال الصبيانية سنجد أنها نتيجة للضغط السياسي الذي تعيشه الحكومة القطرية، وأن مسألة احتمال النظام للمقاطعة (وفق نظرية عض الإصبع) انتهت، ولم يعد في قدرته الصمود وإقناع الرأي العام العالمي ببراءته من دعم التطرف والإرهاب، لأسباب مختلفة أبرزها حالة التراجع للتنظيمات الإرهابية وللمتطرفين في المنطقة، وبالتالي ما يقوم به ليس من أجل إحداث انفراج في الأزمة بقدر ما أنه يبحث عن طوق نجاة لمصداقيته.
كما أنها تفسّر لنا، أن أزمة نظام الحمدين في قطر أكبر بكثير مما يتصوره أغلبنا، فهو تسبب في عزل الشعب القطري عن محيطه الإقليمي وتهميش الدولة بأكملها عن التفاعل الإقليمي والدولي، وأصبح أي حضور لهم مجرد ضيوف شرف لا أكثر، بل بات الشعب القطري نتيجة لسلوكيات هذا النظام في نظر الرأي العام العالمي مصدر قلق، وبالتالي فالأزمة تسببت في تراجع ثقة الشعب في نية النظام في تحقيق مصلحته والحفاظ عليه، وليت الأمر بقي على هذا، ولكن وصل إلى انشغال السياسة القطرية وإعلامها بالأزمة أكثر من الاهتمام بأولويات المواطن القطري اليومية.
ما فعله نظام الحمدين هو عدوان على سيادة دولة، وتهديد مواطنيها ويمثل إساءة حقيقية لدولة الإمارات لا تقل في سوئها عن أي اعتداء دولة، ولكن تم تفويت الفرصة عليه للعقلانية الإماراتية، باعتبار أن هذا النظام يريد زجَّ الشعب القطري في الأزمة وفق منهج الإخوان المسلمين في أي صراع مع السلطة، وعندما يجد نفسه في مأزق، وباعتبار أن هذا بدأ يفقد "البوصلة" في إدارة الأزمة، وهي حالة سوف تزيد توضيح صورته الحقيقية أمام الرأي العام العالمي، وبالتالي لا ينبغي توفير فرصة له للخروج منها.
أما إذا كان نظام الحمدين يظن أن تخصيص دولة الإمارات، تحديداً، بالتحرّش بها في الأزمة، فمن شأنه إحداث شقّ بين الدول المكافحة للإرهاب من أجل قطع الطريق عن حالة التضييق والقلق، كون أن الموقف الإماراتي هو الأوضح والأكثر صلابة وإدارة للأزمة التي يعيشها النظام حالياً، فإن عليه أن يدرك أنه أساء التصرف والاختيار.
أهم شيء في أفعال هذا النظام أنها ذكرتنا بأن هناك نظاماً سياسياً في منطقتنا اسمه نظام "الحمدين"، لأن الأزمات والمشاكل التي كان يختلقها ويبين وجودها بدأت تجد حلولاً لها، و"قناة الجزيرة" التي كانت تعيش على وقع فوضى النظام لم تعد تجد مادة إعلامياً تغذيها، ولأن كذلك "وهج" الأزمة الحالية تراجع في الرؤية الاستراتيجية لدول المقاطعة لأنها أزمة أقل ما يمكن أن ينشغل بها الآخرون عن أولويات أهم، لهذا فهي تحاول أن تبتكر أزمة جديدة لتعود إلى الساحة الإعلامية والسياسية؛ فاختارت توجيه تهمة لدولة الإمارات.
ووفق هذا، فنحن خلال الأيام القليلة القادمة أمام "فيلم قطري" جديد ستبثه وسائل إعلام "تنظيم الحمدين" المنتشرة في أنحاء العالم، وتحاول كتابته وإخراجه بتفاصيل هدفها شقّ المواقف السياسية ضدها كنوع من تقليل الضغط الدولي على النظام، وبالتالي يكون كمن "أراد أن يكحل عينه فأعماها"...!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة