تشعر القيادة القطرية برعب شديد إزاء تنامي مؤشرات دخول أزمة قطر مرحلة النسيان والتجاهل
لا أجد فارقاً كبيراً بين دوافع الافتراءات الإعلامية القطرية التي زعمت أن الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني محتجز في أبوظبي، وبين افتراءات أخرى تتحدث عن اختراق مقاتلات إماراتية للمجال الجوي القطري!!
الدافع في الحالتين واحد، ويرتبط بورطة قطر التي تعانيها الآن، وهي استمرار أزمتها وتفاقم معاناة الاقتصاد القطري وانصراف الأنظار عن ذلك كله؛ وسط انشغالات دول المنطقة والعالم بقضايا أخرى أكثر أهمية وتأثيراً من الأزمة القطرية.
تشعر القيادة القطرية برعب شديد إزاء تنامي مؤشرات دخول أزمة قطر مرحلة النسيان والتجاهل، حيث لم تعد ضمن أولويات دول مجلس التعاون، بعد أن ثبت للجميع أن الأزمة "صغيرة جداً جداً" كما وصفها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منذ نحو شهرين.
استنفدت الآلة الإعلامية القطرية كل حيل وأدوات الكذب والتشهير والدعاية المسيئة بحق الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، بعد أن لجأت إلى كل فنون الإساءة والتشهير والتزييف والتلفيق الإعلامي، واشترت ما استطاعت شراءه من أقلام وضمائر في مختلف أرجاء العالم، ولم يثمر ذلك كله سوى عن مزيد من نهب أموال الشعب القطري من دون فائدة تذكر!
سقط أيضاً رهان النظام القطري على ما يمكن أن تمارسه الدول الكبرى من ضغوط على عواصم الدول الأربع؛ بعد أن قامت الدوحة بعقد صفقات تسلح بمليارات الدولارات مع مختلف الدول المصدرة للأسلحة من دون أي مؤشرات على وجود أي تخطيط أو تفكير في هذه الصفقات التي لم يكن لها هدف واقعي واحد!
بعد أن استشعرت قطر أن قصة اختراق المقاتلات ستسقط وتفضح النظام، لجأت إلى قصة أخرى داعمة للكذبة الأولى لإثارة الغبار على بقاياها، وافتعال مزيد من الضجيج والصخب الإعلامي!!
استمرت الأزمة القطرية، ووجدت قطر نفسها تسقط من دوائر اهتمام الإعلام والصحافة في الدول الأربع، ومرت الفرصة تلو الأخرى من دون إحراز أي تقدم يخرجها من أزمتها، فعُقِدت قمة دول مجلس التعاون، ثم عُقِد اجتماع رؤساء مجالس الشورى والنواب بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولم تُطرح قطر ولا أزمتها للنقاش!
ماذا تفعل قطر في هذه الحالة بعد أن وجدت نفسها محشورة في زاوية ضيّقة لا صديق لها ولا حليف سوى حليف معزول إقليمياً ودولياً (إيران)، وآخر يعاني أزمة حقيقية تتعلق بأمن واستقرار بلاده (تركيا)؟ لم تجد قطر في هذه الحالة سوى سياسة افتعال الأزمات ومحاولة جلب الاهتمام مجدداً نحوها، والتذكير بأن قطر لا تزال تعاني وأن أزمتها لا تزال قائمة وتتعمّق بعد أن باتت طي النسيان!
مثل هذه الألاعيب الصبيانية لا تليق بنظام يحترم نفسه وشعبه، فلن يصدّق أي عاقل أن دولة الامارات تحتجز الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني ولا غيره، ولن يصدّق أحد كذلك أن تخترق مقاتلات إماراتية المجال الجوي لقطر بهدف انتهاك "سيادتها" (!!)، بل إن من يقوم بصياغة هذه السيناريوهات، رديئة الفكرة والإخراج، قد نجح في إظهار القدرات الحقيقية للآلة الإعلامية القطرية، التي تعاني تدهوراً وترهلاً شديدَيْن في الخيال الدعائي بعد أن ظلت دهراً طويلاً تصدّر للجمهور الوهم؛ وتدفعهم لتبني عشرات القصص والروايات القائمة على الكذب والخداع والتضليل الإعلامي.
تشكو قطر للأمم المتحدة، مرتين، اختراق مقاتلات إماراتية مجالها الجوي، وبعثت رسالتين بذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، والرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي، واعتبرت قطر أن هاتين الحادثتين "خرق صريح" لسيادة قطر على أراضيها، والمسألة ببساطة أن قطر تريد أن تقول للعالم إننا لا نزال نعاني وأن الجميع قد صرف الأنظار عن أزمتنا، ولكنها لا تريد البوح بذلك علناً، وتريد أن تحقق هدفها عبر طرق التفافية وادعاءات وأكاذيب ساذجة تسعى إلى لفت الأنظار وجذب الانتباه، والمسألة واضحة ومكشوفة ولا تتطلب مجرد تقديم أدلة وبراهين على زيفها وتهافت أسانيدها!
بعد أن استشعرت قطر أن قصة اختراق المقاتلات ستسقط وتفضح النظام، لجأت إلى قصة أخرى داعمة للكذبة الأولى لإثارة الغبار على بقاياها، وافتعال مزيد من الضجيج والصخب الإعلامي!!
حتى يونيو الماضي، بداية وضع النقاط على الحروف في التعامل مع ممارسات قطر الداعمة للإرهاب وتنظيماته، كانت أكاذيب قطر تنطلي على الكثيرين، ولكن الآن الأمور باتت واضحة ولم يعد هناك من يصدّق تلك الأكاذيب سوى المستفيدين والمخدوعين والمتعاطفين مع الإرهاب وتنظيماته وأفكاره، وبالتالي باتت ادعاءات قطر خارج نطاق التغطية العقلية والمنطقية، وتحولت إلى عبء على الشعب القطري، الذي يدفع فاتورة نهج الأكاذيب غالياً من عزلته وابتعاده عن الأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
نهج المراوغة والهروب من أصل الأزمة وجوهرها، وافتعال أزمات جانبية لن تسفر سوى عن مزيد من هدر الوقت وتعميق أزمة النظام القطري، الذي لا مخرج له سوى الاعتراف بأصل المشكلة والتعامل بشجاعة مع أسبابها وعلاجها إن كان حقاً يبحث عن حلول وبدائل للعلاج!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة