دخلت قطر في وضع مقاطعة كلّفها الكثير من الناحية الاقتصادية وحجَّم من دورها السياسي بصورة عامة
في 23 مايو 2017م نشرت وكالة الأنباء القطرية حديثاً منسوباً للشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر ينطوي على تمجيد للدور الإيراني في منطقة الخليج؛ ونقداً لمواقف دول الخليج العربية من السياسة الإيرانية واتهاماً لبعض دول الخليج ومصر في انتهاج سياسة معادية لقطر، وامتداحاً لحزب الله وحركة حماس والإخوان المسلمين في تعبير يتضمن نقداً لاذعاً لمن يخالف ذلك، ثم ما لبث مكتب الاتصال الحكومي في قطر أن نفى تلك التصريحات والقول إن وكالة الأنباء القطرية تعرضت للاختراق، وزرع تلك التصريحات في موقعها الرسمي.
الدول التي نالها النقد اللاذع القطري اعتبرت أن الموقف القطري هو نكوص على ما تم الاتفاق عليه مع الحكومة القطرية كشرط لعودة السفراء بعد القطيعة التي دامت (8) أشهر تقريباً عام 2014م، وأن الحكومة القطرية لم تنفذ تعهداتها، بل إنها في تصريح الشيخ تميم تمادت لما هو أبعد لتتهم كلا من الإمارات والبحرين بالعدائية لقطر، ونتيجة لذلك تضامنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بمقاطعة قطر في جميع المجالات السياسة والاقتصادية؛ وتلا ذلك مواقف مشابهة من بعض الدول العربية والإسلامية.
نناشد أهل قطر شعبها وأسرة آل ثاني خصوصاً أن ينظروا في حالهم، وأن يبحثوا عن قيادة تستطيع الخروج بهم من هذه الأزمة التي يبدو أن لا أحد سيتضرر منها أكثر من أهل قطر، ولاشك أن في أسرة آل ثاني رجالاً حكماء وعقلاء ولديهم مشروعية الحكم بناءً على وصية الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، المؤسس لدولة قطر الحديثة.
دخلت قطر في وضع مقاطعة كلّفها الكثير من الناحية الاقتصادية وحجَّم من دورها السياسي بصورة عامة، حتى أصبح شغلها الشاغل هو الخروج من هذه الأزمة بأقل قدر من الضرر، لذا عمدت في البداية إلى إنكار تصريحات الشيخ تميم، وأنها تعرضت لحملة ظالمة نتيجة اختراق لوكالة قطر للأنباء، ثم ما لبثت أن ادّعت بأنها مُحاصرة وتتعرض لاحتمال عدوان عليها فاستنجدت بتركيا لحمايتها عسكرياً، وبعد ذلك ادّعت أن شعبها بات يعاني معاناة إنسانية نتيجة حصار اقتصادي من الدول المقاطعة، فاستنجدت بالدول الغربية والمنظمات الدولية لرفع المقاطعة.
ومع ذلك لم تكف الماكينة الإعلامية القطرية عما اعتادت عليه من نقد لاذع للدول التي تستهدفها قطر بحملتها الإعلامية، و اختلاق الأخبار الكاذبة حول شؤون تلك الدول، مما قاد للاعتقاد بأن قطر الحكومة تعاني من انفصام في الشخصية، فالإعلام القطري يتحدى ويهاجم ووزارة الخارجية ومنظومتها تهادن وتسترحم.
لاشك أن قطر تود الخروج من أزمتها والتي تؤلمها كل يوم في كل مجال، وتحد من حركتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتفقدها يوماً بعد يوم تأثيرها في المحافل الدولية، ولكن قطر الحكومة لا تدير عملية الخروج من أزمتها باستراتيجية مجدية فهي تمارس استراتيجية (الهروب إلى الأمام)، والتي تعتمد على خلق ظروف جديدة تجعل الدول المقاطعة تليّن مواقفها دون أن تقدم قطر تنازلات ذات قيمة في مواقفها، هذه الاستراتيجية جعلت قطر تجري في اتجاهات مختلفة دون تنسيق واضح لمواقفها وتصريحات مسؤوليها، فتارة تهرول نحو إيران وتعلن مواقف داعمة لسياساتها في اليمن والعراق وتعبر عن دعم للتمرد الحوثي في اليمن، وتارة تهرول نحو تركيا لتدعم مواقفها تجاه الحركات الكردية وتدخلاتها في الحرب السورية، وتارة نحو أمريكا للخوض في مغريات شراء الأسلحة، وتارة نحو دول الاتحاد الأوروبي لحشد ضغوط على الدول المقاطعة، وفي كل اتجاه تجد قطر الحكومة، أن جهودها للخروج من الأزمة تصطدم بجدار صلب.
لم تكتفِ قطر الحكومة بانتهاج استراتيجية خرقاء للخروج من أزمتها مع دول المقاطعة، بل إنها تمادت في حرق جسور العودة للخلف، وإصلاح ما أفسدته من علاقات بسياساتها المتهورة في معاداة دول الجوار ومصر والتأمر عليها ودعم حركات الإرهاب المؤذية للشعوب العربية والإسلامية، فمنصتها الإعلامية الأهم و الأكثر تعبيراً عن سياستها (قناة الجزيرة) أصبحت تؤكد فيما تبث كل يوم، مضمون ما جاء في تصريح الشيخ تميم والذي نفته الحكومة القطرية، فكما لو أن قطر الحكومة في أزمة قيادة حيث بعضها ينفي والبعض الآخر يؤكد.
نحن أهل دول مجلس التعاون الخليجي يؤلمنا الوضع الذي يلم بقطر الشعب، ويحرجنا في مشاعرنا وقيمنا أن يُحرم المواطن القطري مما يتمتع به باقي شعوب المجلس من حرية، وهذا الشعور يجعلنا نريد أن تخرج قطر من دوامة القوى المتصارعة في حكومتها، فلا شك أن الشيخ تميم غير قادر على قيادة شعبه ودولته إلى وضع سليم، وأن هناك من يعبث بقطر ويريد ترويضها لتكون حصان طروادة في مجلس التعاون الخليجي، حتى تفسده وتشتته ويدعم هذا العبث تنظيم بات أقوى من حكومة قطر نفسها.
لذا نناشد أهل قطر شعبها وأسرة آل ثاني خصوصاً أن ينظروا في حالهم، وأن يبحثوا عن قيادة تستطيع الخروج بهم من هذه الأزمة التي يبدو أن لا أحد سيتضرر منها أكثر من أهل قطر، ولاشك أن في أسرة آل ثاني رجالاً حكماء وعقلاء ولديهم مشروعية الحكم بناءً على وصية الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، المؤسس لدولة قطر الحديثة.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة