تفاصيل تجميد قطر لـ"المال السياسي" في مشروعات بغزة
لماذا توقفت قطر عن تمويل مشروعات إنشائية وبنى تحتية في غزة؟
تتواصل الضغوط على قطاع غزة بأشكال عدة؛ من بينها وقف الدعم الدولي منذ أشهر للعديد من المشروعات الحيوية في القطاع المحاصر، فضلاً عن توقف قطر عن تمويل مشروعات إنشائية وبنى تحتية في غزة.
لا تنتهي الأزمة الجديدة عند توقف المشروعات التي تشغل بالحد الأدنى عجلة الاقتصاد الفلسطيني بل تصل إلى عدم صرف مؤسسات قطرية الأموال المستحقة لشركات المقاولات الفلسطينية المنهكة.
وفي إعلان غير مسبوق كشفت بلدية غزة كبرى البلديات الفلسطينية عن توقف الدعم القطري لمشروعات البنية التحتية في قطاع غزة، التي يتم تمويلها وتنفيذها من خلال المؤسسات القطرية العاملة في الأراضي الفلسطينية وخارجها.
وأوضحت البلدية في بيان صحفي، أن توقف الدعم القطري تسبب أيضاً في توقف وتقليص مشروعات التشغيل المؤقت وجمع ونقل النفايات، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تسببت في أزمة مالية كبيرة داخل بلديات قطاع غزة، خاصة بلدية غزة.
ولفت البيان إلى أن وقف الدعم القطري تزامن مع إيقاف بنك التنمية الألماني (KFW) منحة بقيمة 50 مليون دولار لصالح قطاع المياه والصرف الصحي، وذلك لأمور تتعلق بتحصيل ضرائب عن تنفيذ هذه المنحة.
ويقول المهندس علاء الأعرج، رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين، هناك تراجع كبير في المشروعات القطرية المنفذة من قبل اللجنة القطرية في قطاع غزة في الأشهر الأخيرة، كما أن جمعية قطر الخيرية توقفت مشروعاتها منذ فترة طويلة بعدما شابت تمويلاتها مشاكل.
ويضيف الأعرج في حديثه لـ"العين الإخبارية"، الجمعية القطرية تأخرت عن دفع حوالي 4 ملايين دولار لصالح شركات المقاولات التي نفذت مشروعات الجمعية بغزة. مشيراً إلى الإفراج عن بعض تلك الأموال مؤخراً.
ودعمت الدوحة خلال سنوات الانقسام عشرات المشروعات في قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس، وسط انتقاد دوائر فلسطينية عديدة، بأن دعمها كان موجهاً لأغراض إدامة الانقسام الفلسطيني رغم أن علاقتها لم تنقطع رسمياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويؤكد علي الحايك، رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، توقف جزء كبير من المشروعات الدولية وفي قطاع غزة نتيجة عدم وجود ممولين لتلك المشروعات الحيوية، مشيراً إلى توقف جهات مهمة عن تقديم الدعم والمنح من بينها (UNDP) ووكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وصندوق تطوير البلديات.
ويقول الحايك، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، المشروعات المنفذة كانت تحرك النشاط الاقتصادي، لكن مع توقفها بالكاد تعمل الشركات بطاقة 10%، وهو ما أدى لشلل اقتصادي كبير في قطاع غزة، لن تقف تداعياته عند توقف عجلة الشركات والمصانع عن العمل بل سترتد على مجمل الحياة الانسانية لمليوني فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر منذ 12 سنة.
ويشير إلى حاجة غزة الماسة للمشروعات، مشدداً على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته في دعم غزة، والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرفع حصارها عن القطاع وتخفيف قبضتها على حرية حركة التجارة.
ويتوقع الأعرج أن تعود المشروعات الدولية والقطرية استجابة للضغوط الأوروبية والأمريكية والإسرائيلية، لتفادي النتائج السلبية للأوضاع الاقتصادية المالية المتردية في غزة. موضحاً "هناك ضغوط دولية للعودة للمشروعات الإنشائية في كل القطاعات التي توقفت أو تباطأت.. وهناك مخاوف اسرائيلية من توقف تلك المشروعات لذلك أعلنت إسرائيل عن تقديم تسهيلات خشية الانفجار السكاني".
ويربط خبراء فلسطينيون بين تراجع الدعم القطري، وسياسة الانفتاح التي انتهجتها حماس مؤخراً في العلاقة مع مصر وكذلك مع البرلماني الفلسطيني محمد دحلان.
ويذهب الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، إلى أن انتقال رئاسة المكتب السياسي من الدوحة إلى غزة (من خالد مشعل إلى إسماعيل هنية) وتحسن العلاقة بين حماس في غزة مع مصر، واللقاءات التي جرت بين مسؤول حماس بغزة يحيى السنوار، والنائب القيادي محمد دحلان، أثارت غضب قطر، فأوقفت أو قلصت مساعداتها ذات الصبغة السياسية.
وأشار صادق لـ "العين الإخبارية" إلى أن الأوضاع الاقتصادية لقطر تدهورت في ظل المقاطعة الرباعية التي تتعرض لها لدورها في دعم الإرهاب وإثارة الفتن وفق ما أعلنته الدول المقاطعة، وهو ما انعكس على قدراتها وأجبرها على التراجع عن دفع المال السياسي.