المأزق الذي تعيشه الدوحة تكشفه لغة الإعلام القطري الذي صمت طويلا أمام العبث الإيراني بأمن واستقرار المنطقة
في ظل التصعيد الأمريكي مع إيران ووسط التهديدات الإيرانية نجد الدوحة التي تقف في المنتصف بين التحالف مع إيران وبين التحالف مع أمريكا وتحتضن القاعدة الأمريكية التي هبطت فيها قاذفات B52، والذي يعد وصولها إلى المنطقة الركن الرئيسي في حال التصعيد الأمريكية تجاه إيران، تعيش في مأزق وستكون الخاسر الأكبر من أي مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران، في حال توجهت طهران إلى تنفيذ تهديداتها المتعلقة باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة.
إن سياسة التناقضات التي يمارسها النظام القطري لم تعد سياسة متاحة، ففي ظل التصعيد الذي تشهده المنطقة والتهديدات الإيرانية لن تكون الدوحة خارج هذا السياق، بحكم احتضانها القاعدة الأمريكية، ولن يكون بإمكان النظام القطري الوقوف في المنتصف تحت زعم الحياد، فالنظام القطري سيدفع ثمن سياسة التناقضات
ولذلك فإن سياسة التناقضات التي يمارسها النظام القطري لم تعد سياسة متاحة، ففي ظل التصعيد الذي تشهده المنطقة والتهديدات الإيرانية لن تكون الدوحة خارج هذا السياق، بحكم احتضانها القاعدة الأمريكية، ولن يكون بإمكان النظام القطري الوقوف في المنتصف تحت زعم الحياد، فالنظام القطري سيدفع ثمن سياسة التناقضات التي لن تكون سياسة متاحة للممارسة، وإنما ستكون السياسة المتاحة "إن لم تكن معي فأنت ضدي" في حال تحول الوضع من التصعيد إلى المواجهة.
المأزق الذي تعيشه الدوحة تكشفه لغة الإعلام القطري الذي صمت طويلا أمام العبث الإيراني بأمن واستقرار المنطقة، والذي يسعى للتسويق للتهدئة وعدم التصعيد، مع تجاهل الاستضافة القطرية للتعزيزات العسكرية الأمريكية، وكذلك تكشفه حالة الارتباك القطري بالتحركات السرية للنظام القطري، ففي ظل التعزيزات العسكرية الأمريكية كشفت الإذاعة البريطانية عن "رصد طائرة أميرية قطرية في طهران حطت في زيارة سرية"، ما يطرح تساؤلات عدة، هل ذهب القطريون لتقديم تبريرات لإيران بشأن التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى قاعدة العديد، أم أن هناك أموالا قطرية قدمت للنظام الإيراني في محاولة للحصول على ضمانات إيرانية بتحييد الأراضي القطرية من أي هجمات محتملة قد تستهدف القواعد الأمريكية بالمنطقة كما جاء في لغة التهديد الإيراني؟
أما القراءة الثانية للزيارة السرية التي صرح فيما بعد القطريون بأنها زيارة لوزير الخارجية القطري، فهل تأتي في سياق المحاولة للعب دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وتقف في المنتصف بين التحالف مع إيران والتحالف مع الولايات المتحدة، والتي ترى فيها الدوحة أنها -أي الوساطة- بمثابة "طوق النجاة" للخروج من المأزق الذي تعيشه نتيجة التصعيد العسكري الأمريكي من جهة والتهديدات الإيرانية من جهة أخرى، ولذلك قد تحاول الدوحة لعب دور الوسيط؛ لأن هذا يضمن لها الاستمرار في الوقوف في المنتصف، لكن بالنسبة للأمريكيين فهذا غير مقبول، وهو ما نراه في التعويل الأمريكي على سويسرا، التي تعتبر الراعية للمصالح الأمريكية في طهران، وهو ما تؤكده مصادر لـCNN بأن البيت الابيض تواصل مع مسؤولين سويسريين لتمرير خط إيراني للاتصال بالرئيس ترامب، وهي بالتالي صفعة أمريكية تغلق الباب أمام آمال الدوحة في لعب دور الوسيط في أي مفاوضات قد تجرى بين إيران والولايات المتحدة.
تتميز قاذفات B52 بقدرتها على حمل مجموعة واسعة من الذخائر والتحليق لمسافة 8 آلاف ميل دون توقف، وتستطيع إعادة التزود بالوقود في الجو، وهكذا يمكنها الوصول لأي مكان في العالم، وتم استخدامها في حرب فيتنام وتحرير الكويت، كما كانت أيضاً تنطلق من الولايات المتحدة وتقصف أهدافها في العراق، ثم تهبط في قاعدة دييغو غارسيا الأمريكية في المحيط الهندي.
ولذلك إرسال هذه القاذفات إلى "قاعدة العديد" لا يتعلق فقط بالاستعداد لمواجهة أي تهديدات إيرانية، وإنما يمكن النظر بأنها أيضا رسالة أمريكية للنظام القطري، والذي بدا عليها الاستياء من التحالف القطري مع إيران، لتؤكد أنه مهما بلغت مستويات التحالف القطري-الإيراني إلا أن الضربة التي ستستهدف إيران ستنطلق من "قطر"، ومن هنا سيتم ضرب العلاقة القطرية الإيرانية وسيدفع قطر لمراجعة سياساتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة