تعاون عسكري قطري إيراني.. الدوحة تواصل خروجها عن الصف الخليجي
قائدا البحرية القطري والإيراني بحثا تجديد مذكرات تفاهم ذات طبيعة عسكرية وأمنية بين البلدين
ناقش قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني حسين خانزادي مع نظيره القطري تجديد التفاهمات العسكرية بين البلدين، في دلالة صارخة على عمق التعاون أمنيا وعسكريا بين الدوحة وطهران رغم تهديدات الأخيرة لأمن دول الجوار.
وذكرت وكالة أنباء فارس الناطقة بلسان مليشيا الحرس الثوري الإيراني، الخميس، أن اللقاء تضمن ترحيبا قطريا بتواجد قطع بحرية عسكرية إيرانية داخل موانئ الدوحة، ودعوة ضباط قطريين لزيارة جامعة القيادة والأركان التابعة للجيش الإيراني "دافوس"، إضافة إلى الاستفادة مما وصفتها بقدرات إيران التدريبية العالية، على حد تعبيرها.
وأشارت وكالة أنباء فارس إلى أن قائدي البحرية القطري والإيراني بحثا تجديد مذكرات تفاهم ذات طبيعة عسكرية وأمنية بين البلدين، فضلا عن تعزيز الخبرات بالمجال التدريبي بحريا.
ليس هذا فحسب، بل دعا خانزادي قطر بوصفها دولة صديقة وجارة لبلاده إلى المشاركة في تدريبات بحرية إيرانية سنوية بمجال الإنقاذ والإغاثة بدعوى تعزيز الأمن البحري.
وشمل اللقاء رفيع المستوى دعوة قطر للمشاركة بصفة مراقب في مناورات بحرية بعنوان "أيونز" أو اجتماع قادة القوات البحرية المطلة على المحيط الهندي، حسب فارس.
اجتماع عسكري قطري - إيراني يؤكد الحقيقة المعروفة للقاصي والداني عن مدى التعاون الأمني بين النظام الأميري الحاكم بالدوحة وحلفائه في طهران، منذ أن كشفت مقاطعة دول الرباعي لقطر في يونيو/حزيران 2017 هذا الأمر بوضوح، حيث كانت الموانئ تحديدا حاضرة على موائد عسكريين قطريين وإيرانيين أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.
تعاون الدوحة عسكريا وأمنيا مع طهران وبالأخص مليشيا الحرس الثوري الإيراني لم يكن ناجما عن تداعيات المقاطعة من جانب دول الرباعي الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر).
ورست قبل عقد كامل بوارج عسكرية تابعة للحرس الثوري وعلى متنها قادة بارزون من بينهم الأميرال محمد شياري، وبرئاسة علي رضا ناصري، قائد المنطقة الرابعة للقوات البحرية للحرس الثوري، بموانئ الدوحة في ديسمبر/كانون الأول عام 2010.
وتشير وكالة أنباء ميزان التابعة للقضاء الإيراني إلى أن تلك الزيارة ذات الطابع الأمني البحت شهدت توقيع اتفاقيات عسكرية تتعلق ظاهريا بتأمين الملاحة القطرية، غير أن إقرار عبدالرحمن السليطي نائب القائد العام للقوة البحرية القطرية آنذاك أن بلاده أصبحت الوطن الثاني للإيرانيين كان بمثابة اعتراف بالحقيقة.
وفي أعقاب هذا التطور اللافت في مستوى العلاقات بين الطرفين عسكريا اعتبر ماشاء الله بورشه، الممثل العسكري لطهران في الدوحة، والذي كان يتقلد رتبة عميد في الحرس الثوري أيضا، أن البلدين دخلا فصلا جديدا في سبيل توطيد الصلات والاتفاقيات الثنائية، لا سيما بالجانب الأمني.
واعتبر القائد البارز في مليشيا الحرس الثوري، خلال تصريحات أدلى بها خلال العام نفسه لموقع "سباه نيوز" المحلي، أن قطر باتت بوابة إيران للتخلص من عقبة ما وصفها بـ"الفوبيا" في التعامل مع الدول المجاورة لها حدوديا.
الأمر نفسه أكده موقع تابناك، المحسوب على مليشيا الحرس الثوري الإيراني، بعد أن وصف الدوحة بمثابة "شريك جديد" يمكن من خلالها أن تمرر طهران صفقاتها مع الغرب، في أعقاب إبرام اتفاقية تعاون عسكرية جديدة على هامش لقاء ضم كلا من قاسم رضائي قائد حرس الحدود الإيراني، ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015.
وكشفت وسائل إعلام إيرانية عن وصول وفد عسكري رفيع المستوى على رأسه علي رضا تنكسيري نائب قائد القوة البحرية في مليشيا الحرس الثوري إلى قطر، في مارس/آذار 2018، بعد أقل من عام واحد من مقاطعة الدوحة التي دعمت لسنوات تنظيمات إرهابية إقليميا.
زيارة تنكسيري للدوحة التي استغرقت 3 أيام لم تقتصر على مشاركته كممثل لدولة زائرة بمعرض سلاح قطري ضمن مؤتمر قادة القوات البحرية بمنطقة غرب آسيا، بل اشتملت على تصريحات له تؤكد أن طهران داعم رئيسي عسكريا وأمنيا للنظام القطري، بقوله إن إيران تدعم قطر شعبا وحكومة.
وشدد الجنرال الإيراني مطلع العام الماضي أن الظروف مهيأة لتعزيز التعاون مع قطر إلى حد غير مسبوق، معتبرا أن حضور الوفد العسكري الإيراني محض سعي نحو علاقات أقوى في هذا المجال، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا).
وفي أغسطس/آب الماضي، أقر قاسم رضائي قائد خفر السواحل الإيراني بالتسهيلات التي يقدمها النظام القطري لبلاده، مشيراً إلى ما سماه "العلاقات المتأصلة والتعاون التاريخي والاقتصادي الجيد بينهما".
وتشترك إيران وقطر في 268 كيلومتراً كحدودٍ بحرية، اعتبرها رضائي تحظى بأهمية، ولا تخفي طهران توجهها لعقد مزيد من الاجتماعات والتعاون بين قادة حرس حدود البلدين لمتابعة البروتوكولات. ويمثل ذلك ضوءا أخضر لمزيد من التوسع الإيراني بالمنطقة.
وعقد قادة حرس حدود الجانبين اجتماعهم الـ15، الذي تدعي قطر بموجبه تقديم خدمات للتجار، إذ أسست الدوحة مرفأ خاصا للسفن الإيرانية لتقديم الخدمات التجارية، لكن في الحقيقة تحمل مثل تلك الاتفاقيات تسهيلات لطهران لتنفيذ مخططها في الخليج العربي.
وشهد الاجتماع الأخير توقيع اتفاقيات حدودية بين إيران وقطر، حيث تم تثبيت نشاط الدوريات البحرية المتزامنة من قبل الجانبين، مع الاتفاق على التنسيق المشترك بين قادة حرس حدود البلدين كل 6 أشهر أو بصورة طارئة إذا دعت الضرورة، وفقاً لما ذكره رضائي.
وفي شرعنة جديدة من قطر للدور الإيراني المهدد لأمن الملاحة البحرية الدولية اتفقت الدوحة وطهران على إقامة مناورات ما تُسمى "النجدة والإنقاذ البحري" في المنطقة.