اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على المقاطعة، لا أظن أن هناك من يرغب في عودة قطر حتى ولو التزمت بألف شرط وشرط.
خلال نحو شهر واحد فقط، كشف النقاب عن المكالمة الشهيرة لسفير قطري اعترف خلالها بدعم بلاده للأعمال الإرهابية في الصومال، ثم نشر وثائق تثبت تورط الدوحة في انتهاك قواعد "الفيفا"، وبعد ذلك الكشف عن قضايا عدة تفضح فساد مال قطر في الرياضة الفرنسية، وأخيراً ما كشفت عنه «التايمز» اللندنية أمس الأول من أن الدولة القطرية تمول التطرف عبر بنك بريطاني.
كل هذه القضايا تثقل كاهل أي دولة في العالم، فما بالك عندما نتحدث عن دولة صغيرة جدا، في المساحة وعدد السكان والمكانة، لا يمر شهر إلا وتظهر لها فضيحة جديدة، الفضائح تلاحقها في كل مكان وزمان، سواء بدعم الإرهاب، أو بمحاولاتها شراء كل شيء بالمال القذر، أو باستمرار سقطاتها السياسية، كمنعها مواطنيها للعام الثالث على التوالي من الحج، بالطبع يحدث ذلك يحدث والدولة معزولة ومقاطعة من جيرانها، فكيف سيكون الحال لو واصلت دورها في تقمص شخصية الدولة المخادعة، كما فعلت طوال أكثر من عقدين من الزمن.
كل يوم تزداد القناعة بأن أفضل قرار اتخذ في دول مجلس التعاون الخليج، بعد قرار الراحل الملك فهد عام 1990 الذي أفضى لتحرير الكويت، هو قرار مقاطعة قطر وكف الأذى القادم منها، لذلك كلما طالت المقاطعة زادت المنافع منها، فعزل قطر يحمل مكاسب حقيقية وهائلة لم يرَ الناس آخر فصولها بعد.
عندما أعلنت الدول الأربع في يونيو 2017 مقاطعتها لقطر، استغرب البعض، وتعاطف البعض الآخر، وتفاجأ بعض ثالث، فلم ينتظر أحد أن يكون آخر العلاج الكي مع دولة «شقيقة»، فلم تعتد العلاقات الخليجية الخليجية أن تتعاطى بأسلوب القطيعة الكاملة، إلا أنه منذ الشهور الأولى راجع كل أولئك مواقفهم، واعترفوا، على الأقل بينهم وبين أنفسهم، أن هذا القرار لم يكن صائباً فحسب، وانما تأخر كثيراً.
واليوم وبعد مرور أكثر من عامين على المقاطعة، لا أظن أن هناك من يرغب في عودة قطر حتى ولو التزمت بألف شرط وشرط، فالخطر من التقارب معها أكثر بكثير من مقاطعتها، وعزلها بعيداً عن جيرانها يقفل أبواباً للشر ستفتح من جديد مع أي عودة محتملة، ولو كانت من الباب الخلفي، وبعد أن كانت الحكومات هي من تتشدد في عدم الرعبة في فتح أي مجال للمصالحة، فإن جميع العقلاء من المواطنين أصبحوا أكثر تشدداً من حكوماتهم، فنظام مثل النظام القطري لا يمكن له أن يعود إلى رشده أبداً، وليس هناك أنصاف للحلول معه غير مقاطعته وعزله.
عندما طالبت صحيفة التايمز اللندنية بأن على قطر الاختيار «ما إذا كانت متحالفة مع الغرب أم تعارضه، وإذا اختارت خطأ فيجب عزلها»، فإن هذه المطالبة تأتي متأخرة جداً، بينما السعودية ومصر والإمارات والبحرين استشعرت الخطر القطري قبل الجميع، ففي النهاية تصبر الدول وتنتظر وتترقب لكنها لا تقبل مطلقاً أن يمسها شر يأتي من دولة تزعم أنه خير، أكيد ليس شرطاً أن تحدث هذه العزلة صريحة ومعلنة كما فعلت الدول الأربع، وإنما مجرد الوصول لقناعة حقيقية عن هذه الدولة الخطرة جداً ذات الملمس الناعم، هو إثبات أن قطر ما زالت تخفي أكثر مما تبطن من الخطر القائم على كل من يتعاطى معها.
كل يوم تزداد القناعة بأن أفضل قرار اتخذ في دول مجلس التعاون الخليجي، بعد قرار الراحل الملك فهد عام 1990 الذي أفضى لتحرير الكويت، هو قرار مقاطعة قطر وكف الأذى القادم منها، لذلك كلما طالت المقاطعة زادت المنافع منها، فعزل قطر يحمل مكاسب حقيقية وهائلة لم يرَ الناس آخر فصولها بعد.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة